عندما يظهر «تويت» قبل صياح الديك، يكون فارس سعيد كاتبه، وعندما يتكرّر «التويت» وهو يدور حول نقطة مركزية، يصبح أشبه بالإنذار المبكر، وعندما يسلط الضوء على سياسة العهد، يكون سعيد قد استشرف خطراً، وشعر بحزن على المسيحيين، فالرئيس ميشال عون، كما يقول، «يقودهم إلى كارثة».
مشهد متناقض شديد الخطورة في رأيه. ففي الوقت الذي يزور رئيس الجمهورية موسكو مبشّراً بتحالف الأقليات ومنتمياً إلى التحالف الروسي ـ الإيراني، وفي وقت يطلب من روسيا المساعدة على ترسيم الحدود مع إسرائيل، وفي وقت يقول وزير الخارجية جبران باسيل للأميركيين إنه «اذا خُيِّرنا بينكم وبين ايران سنختار ايران»، تتسرب من وزارة الخارجية المحاضر الحرفية للقاءات أجراها نواب لبنانيون مع مسؤولين أميركيين.
هذه كارثة ديبلوماسية، يقول سعيد، فكيف يمكن بعد الآن أن تتعامل الدول الكبرى مع لبنان كدولة، اذا كان محضر لقاء رسمي يُسرّب الى الصحف، بالطبع سيتغير هذا التعامل من دولة الى دولة، الى تعامل مع اجندات ومصالح شخصية.
ويتساءل: «هل تسريب هذه المحاضر التي يُفترض أن تكون سرّية، هو لإبراز شهادة حسن سلوك، امام «حزب الله» مفادها «أنّ الاميركيين لا يحبوننا»، بعد ما نشرت «إيلاف» ما نشرته؟
مشهد قبل صياح الديك، يلخصه سعيد بالآتي: «استدارة كاملة من الرئيس عون في اتجاه سوريا وايران وروسيا، وشبه طلاق مع العالم الغربي وفي طليعته الولايات المتحدة الاميركية، وكل ذلك باسم المسيحيين.
استدارة في اتجاه روسيا، وتجاهل انّ علاقة المسيحيين التاريخية هي علاقتهم بالغرب، بكنيسة روما اولاً، مع كل مع تحمله هذه العلاقة من ضمانات حقيقية، وليس من احلام احتضان مزيفة وغير قابلة للصرف.
استدارة في اتجاه اللبنانيين الفقراء لتحميلهم ثمن الأزمة الاقتصادية، والتلهّي بخفض الرواتب، وفي الوقت نفسه تجاهل ما يطرحه الاميركيون على لبنان لكي يدخل في منظومة انتاج الغاز ويكون شريكاً اقتصادياً في المنطقة، انه الافتئات على الفتات، وانعدام الشجاعة لتحصيل الحقوق الاقتصادية الكبرى للبنان».
كل ذلك، يضيف سعيد، وأصحابُ الهِمم ساكتون عن قول اللا لهذا المسار. اين هو الرئيس سعد الحريري من تسريب محاضر اللقاء مع المسؤولين الاميركيين، هذا يصيبه كرئيس للحكومة قبل غيره؟ أين هي «القوات اللبنانية» ووليد جنبلاط، ولماذا هم صامتون، فيما البلد يوضع في اخطر مربع في تاريخه؟»
يتابع سعيد: «كل يوم يتم نبش ذريعة لتحميل مسؤولية الانهيار الاقتصادي لضحية ما. مرة عبر لصق الانهيار بالرئيس فؤاد السنيورة وقصة الـ11 ملياراً، ومرة عبر نبش ضريح رفيق الحريري وتحميله مسؤولية ما وصلنا اليه، ومرة عبر اتهام رياض سلامة، فيما لا يضع احد اصبعه على الجرح ليقول إنّ الخيار المتمثل بالالتصاق بإيران هو الذي يعزل لبنان سياسياً ويهدد بكارثة اقتصادية جراء تحويل اقتصاده اقتصاد مقاومة، وتهديد القطاع المصرفي بالعقوبات».
يشرح سعيد أكثر: «هناك دعامتان يرى فيهما المجتمع الدولي ضمان الاستقرار: حاكمية المصرف المركزي وقيادة الجيش. يمكن هنا تصور مدى الصعوبة التي يتكبدها الحاكم رياض سلامة وقائد الجيش جوزف عون، في التعامل مع الوضع. المطلوب منهما الانفتاح من موقعيهما على التعاون مع المجتمع الدولي، في وقت تقطع السلطة السياسية صلاتها بالعالم لمصلحة «حزب الله» وايران، فكيف سيقومان بالمهمة؟».
يختم سعيد: «الأكيد انّ الاصطفاف الذي حصل في بكركي سيصبّ شاء المصطفون أم أبوا في خانة دعم التوجّه الذي يذهب اليه الرئيس عون، والذي يضرب بعرض الحائط مصالح لبنان والمصلحة المسيحية بالتحديد، فالصمت عن هذا الجنوح هو مشاركة مباشرة او غير مباشرة فيه، لكنّ المفارقة انّ الرئيس عون الذي حقق من خلال هذه السياسة مصلحته السياسية المباشرة ومصلحة عائلته، لم يترك شيئاً للآخرين، وبالتالي فإنّ صمتهم عن سياسته هو صمت مجاني».