رغم مرور نحو تسعة اعوام على اغتيال الموساد القيادي في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس محمود المبحوح في دبي، بعد صعقه كهربائيا داخل غرفته، ومن ثم خنقه حتى لفظ أنفاسه من دون أن تظهر أي اصابات على جسده. ما زالت دواعي الموساد حول العملية، وطريق التنفيذ تثير العديد من التساؤلات. وتمكنت القبس من كشف سر إصرار الموساد على قتل المبحوح خنقا، كما توصلت إلى هوية شخص آخر تلاحقه اسرائيل منذ عام 1989 وله علاقة باغتيال المبحوح.
حصلت القبس على شهادة حية من مسؤول فلسطيني سابق، شارك في وساطة بين اسرائيل وحماس في عام 1996 لاسترجاع جثة الجندي يتسحاك سبورتاس الذي كانت حماس اختطفته وقتلته مع جندي اخر اسمه ايلان سعدون في عام 1989.
ويقول المسؤول الامني السابق، الذي رفض الكشف عن اسمه، انه في عام 1996 تلقى امرا من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات آنذاك للمساعدة في ايجاد جثة جندي اسرائيلي اختطفته حماس وقتلته فبل سبعة اعوام، وذلك في اطار اللفتات التي كان يقوم بها عرفات تجاه اسرائيل خلال اتفاق اوسلو ومراحله الاولى، حيث كان يعلم مدى اهتمام الاسرائيليين وحساسيتهم لجهة جثث جنودهم، وعملهم على استعادتها بأي ثمن.
ويقول المسؤول انه بعد البحث تبين ان محمود المبحوح ومحمد نصر من قادة حماس الميدانيين آنذاك هما اللذان قاما بعملية قتل سبورتاس، وتمت مفاوضتهما بشكل منفرد لاسترجاع الجثة التي دفنت في منطقة اشدود (اسدود)، وفق ما اظهرته خريطة رسمت بخط يد محمد نصر.
ويضيف المسؤول ان المبحوح ونصر طلبا مبلغا من المال لقاء المعلومات، وهو (اي المسؤول) تلقى من الاسرائيليين مبلغ 250 الف دولار لكل منهما دفع نصفها عند تسلم خريطة مفصلة بخط يد محمد نصر، تدل على مكان دفن الجندي يتسحاك سبورتاس، وبعد التأكد من الخريطة والبحث الاسرائيلي في المكان الذي تمت به خلال السنوات اعمال بنية تحتية وصيانة وشق شارع تم ايجاد الجثة، وقام المسؤول بتسليم المبلغ المتبقي للاثنين.
ولم يتوقف الامر عند هذا الحد، فبعد تحليل الطب الجنائي للجثة الاولى التي وجدت في رمال غزة والجثة الثانية التي وجدت قرب اشدود (بحسب خريطة نصر) تبين ان الجنديين قتلا خنقا بعد ايام من اختطافهما.
وفي هذا الاطار، قال المسؤول الفلسطيني ان الموساد الاسرائيلي الذي تابع ولاحق المبحوح في شتى انحاء العالم، اختار قتله خنقا ثأرا للجندي سبورتاس، بالرغم من ان العملية كانت لتنفذ بسهولة بطلقة من مسدس كاتم للصوت او حقنة سم قاتل، الا ان اختيار الخنق كان للانتقام من القيادي الحمساوي لانه خَطف وقَتل وقَبض ثمن ذلك. ولا يستبعد المسؤول الفلسطيني ان يكون عملاء الموساد سرقوا اموالا
من المبحوح خلال تواجده في دبي.
اما محمد نصر فإن الموساد لا يزال يلاحقه، وكشف المسؤول الفلسطيني عن معلومات حصل عليها ان اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية تترصد نصر المتواجد حاليا في ايران، وهو ممثل حماس في طهران ومقرب من قيادة كتائب عز الدين القسام، وله دور كبير في مباحثات المصالحة الفلسطينية.
ويضيف المسؤول الفلسطيني ان نصر والقيادي الحمساوي محمد الضيف القائد العام لكتائب القسام في غزة هما اللذان يعرقلان سير مفاوضات المصالحة بضغط من ايران.
يذكر ان المبحوح كان له الدور الرئيسي في تهريب الصواريخ والأسلحة الايرانية إلى قطاع غزة، وكان عنصرا استراتيجيا بالنسبة لحماس في ما يتعلق بالتسليح من إيران.