ما بتّ ليلة منذ بداية عهدك، إلا على أمل أن استيقظ على خبر انتهائه.
لم اشعر تجاه عهد حافظ الأسد ما شعرته تجاه عهدك.
ما عاد مهماً كم خسرنا في عهدك، لأن الخسارة تجاوزت منطق العد والحساب، ولانشغالنا بعدّ ما تبقى من أيامك العجاف.
فقد تعامل أنصارك مع أوجاعنا بحقدٍ لم يتقنه إلا السفاحون الذين عرفناهم في عروبتنا.
ففي الوقت الذي كنا نشيّع فيه موتانا بسبب نقص الطعام والدواء، كان أتباعك يتغزلون بمؤخرتك وبأعضائك التناسلية تشفيًا بحال الناس المتهالكين جوعًا وآلامًا وكمدًا.
أحارُ بم سيُكتَب عنك في التاريخ؟!
هل ستتسع صفحاته لعد مصائبك ومساوىء حكمك؟!
وكم نحتاج من الكذب لنواري ما خلفته فينا من مآس؟!
وبم سيحدث الأجدادُ الأحفادَ إن أتوا على ذكرك؟!
أبِعَتم الليالي التي فرضتها؟! أو بيباس الأرض الذي خلفته؟! أم بغياب الرغيف الذي ما ظل سواه في مؤن البيوت؟! أم بحالات الانتحار والخطف والسلب والاحتيال التي كللت زمنك؟!
والعد يطول..
مشكلتي أني حاولت الكتابة لك كثيرًا، غير أني كنت أشعر بالغضب والاشمئزاز فأتراجع.
غدا عندما ينتهي زمنك الأسود سيبدأ زمننا الأحسن!
وأفضل ما سيحصل لنا هو غياب ذكرك في الصحف والأخبار والشاشات. وزوال صورك التي كانت تثير فينا النفور كلما راجعنا مؤسسات الدولة الرسمية، واختفاء كل تفاصيلك التي كانت تجعلني أكره العيش في بلدي.
أنا من الذين سيقيمون احتفالا برحيلك، وسأشرب نخب زوالك، وسأرقص منتشيًا بخلاصنا منك، وسأصرخ بأعلى صوتي حمدًا لله وليسوع والعذراء، فقد عبرنا أسوأ التجارب معك على الإطلاق.
وسأوثّق ذلك في عمل روائي تتناقله الأجيال لتعرف أبشع ما عشناه في عهدك القاتم.
عمر سعيد
أحسَنتَ،أيّها الأديب العزيز، تعبيراً عن مشاعِر غضب الناس وكرههم لما يُسَمّى رئيس دولتهم، وهو في الحقيقة مجرّد دمية بيَد “الحَرتَقجي” صهره المدلّل