بعد إعلان نصرالله أنه الآمر الناهي واجب رئيس الجمهورية التنحي والاستقالة
إستقالة عون خطوة أولى تحو تحرير لبنان من الإحتلال الإيراني
عقد لقاء سيدة الجبل مؤتمرا صحافيا، تلا فيه النائب السابق فارس سعيد بيانا جاء فيه:
أما وقد أعلنَ أمين عام حزب الله أنه القادر والقدير على حلّ الأزمة الوطنية، بدءًا من الأزمةِ النقدية والإقتصادية من خلال القرض الحسن، وصولاً إلى تحدّي الدولة وحلّ الأزمةِ النفطية من مصادر ايرانية مروراً بأزماتِ الدواء والاستشفاء والغذاء…
أما وقد أعلنَ أنه الآمر الناهي في الجمهورية اللبنانية، ضارباً بعرض الحائط اتفاق الطائف والدستور وقرارات الشرعية الدولية، يسألُ “لقاء سيدة الجبل” ما جدوى استمرارِ وجودِ رئيسٍ في بعبدا وتشكيلِ حكومةٍ او تنظيمِ انتخاباتٍ نيابية؟
أمام هكذا واقعٍ سياسي، سقطَ لبنان كل لبنان تحت الاحتلالِ الإيراني ووقعنا في المحظور، وصارَ من واجنا إطلاقَ معركةِ تحريرِ لبنان.
هذا السيد أعلن أنه الحاكمُ المتحكم بالجمهورية، ومعَه سقطت الجمهورية ورئيسها موقعاً وشخصاً فالرئيس ميشال عون ليس حكماً وليس حاكماً.
سقطت ادعاءات رئيسِ الجمهورية وسقطت نظرية “الرئيس القوي”. ظنّ الرئيس وخلفه جمهور واسع من اللبنانيين أن تحالفه مع “حزب الله” يجعلَ منه حاكماً، وأن وصولَه إلى بعبدا يجعلَ منه حَكماً. النتيجة كانت أنه فقد موقع الحكم ولم يحصل على موقع الحاكم.
لذلك صارَ واجباً على الرئيس التنحي والاستقالة، كخطوةٍ أولى على طريقِ تحريرِ لبنان من القبضةِ الايرانية، وليتحملَ “حزب الله” مسؤوليةَ حكمِ لبنان واللبنانيين بوصفه قوةَ احتلال. فهو من اختارَ رئيسَ الجمهورية، وهو من سمّى رئيسَ الحكومة المستقيلة، وهو من يديرُ مفاوضاتِ تشكيلِ الحكومة المُرتقبة، وهو سيُشرف ُعلى الانتخاباتِ القادمة وهو من يديرُ المرافقَ والمعابر.
يكرّر “لقاء سيدة الجبل” معادلته الذهبية:
إمّا الدولة والدستور وإمّا الرئيس وحلفاؤه!
لماذا يتمسّك “لقاء سيدة الجبل” بهذه المعادلة؟
لأن الاحتلالَ الايراني للبنان، كما كل الاحتلالات في العالم، لا يكتمل فقط من خلالِ القدرات العسكرية لهذا الاحتلال انما أيضاً وخاصةً من خلالِ “تعاون” و”انصياع” جزء الطبقة السياسية له؛ وترتكز العلاقة بين المحتل والمتعاون معه على مقايضة بسيطة: يعطي المتعاون جزءًا من السيادة والاستقلال للمحتل مقابل الحصول على جزء من النفوذ وغالباً ما يكون على حساب الشريك الداخلي. هذا ما فعله رئيسِ الجمهورية ميشال عون الذي أعطى جزء من السيادة والاستقلال لحزب الله ومن خلفة ايران، مقابل الحصول على جزء من النفوذ على حساب الدستور واتفاق الطائف.
وهنا نسأل أين أصبحت المادة 50 من الدستور التي تنصّ على أنّه: “عندما يقبِضُ رئيسُ الجمهورية على أزمةِ الحكم عليه أن يحلفَ أمامَ البرلمان يمينَ الإخلاصِ للأمةِ والدستور بالنص التالي: أحلفُ بالله العظيم إني احترمُ دستورَ الأمةِ اللبنانية وقوانينِها واحفظُ استقلالَ الوطن اللبناني وسلامةَ أراضيه”.
إنّ العديد من ممارساتِ الرئيس ميشال عون خلالَ السنوات الخمس من ولايته الرئاسية تثبتُ أنّه أقسمَ اليمين على دستورٍ لا يريدُ التقيّدَ بأحكامِه لا بل يريدُ الإنقلابَ عليه، ولذلك فهو يَعَمدُ يومياً إلى تفسيرِه وفقَ أهوائه وحسبَ مصالحَ فريقِه السياسي.
إن مقاربة لقاء سيدة الجبل لاستقالة الرئيس عون تتجاوز المطلب الانتخابي، أي أن الموضوع ليس استبدال رئيسٍ بآخر، إنما يكمن في إسقاط الشرعية الدستورية والغطاء السياسي الذي يؤمنه الرئيس عون للاحتلال الايراني. فهذا الاحتلال كما قلنا يرتكز على عنصرين، الأول عسكري يستمد قوته من ايران، والثاني دستوري سياسي يؤمنه من يتعاون مع الاحتلال.
إنّ خروقَ الرئيس عون للدستور عديدة وواضحة وجلّية، وأهمّها:
1- قوّضَ الرئيس عون وما يزال طبيعةَ النظام السياسي اللبناني، إذ نصّت الفقرة “ج” من مقدّمة الدّستور على الآتي: “لبنان جمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة…”، بينما الرئيس عون يسعى في الممارسة اليومية للحكم إلى تحويلِ النظام البرلماني إلى نظامٍ رئاسي، وهذا كلُّه من فوق الدستور. إذ أن نزوعَ العهدِ إلى “الممارسة الرئاسية” للحكم يتنافى مع عدم المسؤوليّة السّياسيّة لرئيسِ الجمهوريّة المنتخَب لستِّ سنوات وغير القابل للإقالة إلّا في حالتَي الخيانة العظمى وخرق الدّستور!
2- إنّ هذا التحوير لطبيعةِ النظام السياسي من قبل الرئيس وفريقه ما هو إلّا ارتدادٌ لاستقواء الرئيس عينِه بسلاحِ حليفه حزب الله، ذاك السلاح الذي قال عون في شباط 2017 أنه ضروري إذ يكمّلَ عملَ الجيشِ الذي ليس قوياً كفايةً. ويناقضُ كلام الرئيس عون هذا نصّ المادتين 49 و50 من الدستور، اللتين تنصان على مسؤوليةِ الجيش اللبناني حصراً بحمايةِ أراضي الجمهورية وعلى واجبِ الرئيس في المحافظة على استقلالِ لبنان ووحدتِه وسلامةِ أراضیه. إذ كيف تستقيم هذه المحافظة في ظلِّ إقرارِ رئيسِ البلاد بضرورةِ سلاحٍ غير شرعي يمسُّ إستقلال لبنان وسيادته مساَ ظاهراً وخطيراً.
3- لقد أخلَّ الرئيس عون بمنطوقِ المادتين 7 و12 من الدستور اللتين تنّصان على المساواة بين اللبنانيين في الحقوقِ والواجبات. وهذه مساواةٌ لازمةٌ للعيش المشترك ومن دونها لا إمكانية للعيش المشترك.
عليه، فقد ميّزَ الرئيس عون بين حقوقِ المواطنين اللّبنانيّين في تولّي الوظائفِ العامّة عندما امتنعَ عن توقيعِ مرسومِ نتائج مباريات وامتحانات الخدمة المدنيّة تحت ذريعةِ تفسيراتٍ مغلوطة للمادّة 95 من الدّستور. كذلك فإنّ التأويلَ الغرضي الذي ينتهجُه الرئيس عون وفريقِه لمفهومِ الميثاقية، كرّسَ تقسيمَ اللبنانيين بحسبِ طوائفِهم ومذاهبِهم والمسيحيين بحسبِ ولائهم السياسي. إذ قدّمَ الاعتبارَ الطائفي على اعتبارِ الكفاءة، واعتبارَ الولاء السياسي ضمن الطوائف على اعتبارِ الكفاءة أيضاً. وبذلك يكونُ الرئيس عون وفريقِه قد ضربوا الدستورَ عرض الحائط مرتيّن: مرّة في التمييز بين اللبنانيين بخلاف المادتين 7 و12، ومرّة في تقديمِ الولاء على الكفاءة، بخلاف منطوق المادة 95.
4- لقد نصّت الفقرة ياء من مقدمّةِ الدستور على أنّه لا شرعية لأي سلطة تناقضُ ميثاقَ العيشِ المشترك. إنّ مفهوم العيش المشترك لا يستوي إذا غابت المساواةُ والعدالة عن منهجية السلطة وممارساتِها. لذلك فإنّ سلطة الرئيس عون هي سلطةٌ مقوضّة للعيش المشترك، إذ غطّت ولا تزال الاختلالَ الفاضح الذي يفرضُه السلاح غير الشرعي على تطبيقِ مبدأي المساواة والعدالة… كيف لا وقد قوّضَ هذا السلاح مبدأ المساواة بين اللبنانيين أمامَ القانون، وبالتالي أسقطَ مبدأ العدالة.
5- لم يكّف الرئيس عون منذ تولّيه رئاسةَ الجمهورية عن الإمعانِ في تقويضِ الفقرة هاء من مقدمّة الدستور التي تنصّ على أنّ النظامَ قائم على مبدأ الفصلِ بين السلطات وتوازنِها وتعاونِها. لقد فعلَ ذلك في امتناعِه عن موجبِ التّوقيع على مشروعِ مرسومِ التّشكيلات ِالقضائيّة. كما فعلَ ذلك عندما غطّى، في سابقةٍ خطيرة، كتابَ وزيرِ الإقتصاد راوول نعمة عبرَ وزيرةِ العدل إلى المحقّقِ العدليّ في جريمةِ إنفجار المرفأ، لطلبِ حصْرِ التّحقيق بجرمِ الإهمال، وأيضاً عبرَ تدخّلِه بقرارِ مجلسِ شورى الدولة المتعلّق بالعلاقةِ بين المصارفِ والمودعين.
6- منذُ اليومِ الأوّل لتوليّه الرئاسة يتصرّفُ العماد عون كرئيسٍ طرفٍ يؤمّن مصالحَ فريقِه السياسي لا كرئيسٍ حكَمٍ يحرصُ على احترامِ السلطات لأحكام الدستور. إنّ انحيازاتِ الرئيس يؤكّدُها تعاطيه مع عمليّة تشكيلِ الحكومة، بدءاً بتأخيرِه الاستشارات النيابية حتّى يتأكّد من “طواعية” الرئيس المكلّف، ثمّ مطالبتَه بحصّةٍ وزاريّة تصوّتُ داخلَ مجلس الوزراء نيابةً عنه، وهو الّذي لا يحقُّ له التّصويت، لأنّه لا يساءل سياسياً، وهو ما يجعلُ من مساواتِه في التوقيع على التشكيلة الحكومية مع رئيسِ الحكومة المسؤول سياسياً أمام البرلمان، إخلالاً فاضحاً في النظام البرلماني.
7- لقد نصّت الفقرة باء من مقدّمةِ الدستور على أنّ لبنان عربيُّ الهويةِ والانتماء، وهو ما يجعلُ لبنان جزءاً لا يتجزأ من نظامِ المصلحة العربية، بينما يمعنُ الرئيس عون في الإنحراف عن الثوابتِ التاريخية للسياسة الخارجية اللبنانية، إذ وضعَ لبنان، بمؤازرةِ حزب الله، في مواجهةِ العرب. لقد أدّى هذا الانحياز في السياسةِ الخارجية في عهدِ ميشال عون إلى الإنهيار المالي والاقتصادي غيرِ المسبوق، إذ أنّ طبيعةَ النظام الإقتصادي اللبناني الحرّ تقتضي الانفتاحَ على العالم العربي وعلى العالم لا الإنعزال عنهُما كما هو حاصلٌ الآن.
8- لقد كان عهد الرئيس عون عهدَ التضييقِ الشديد على حريةِ الرأي والتعبير التي يكفلُها الدستور. فتمّ استدعاءَ مئات الأشخاص لمجرّد تعبيرِهم عن رأيهم قولاً أو كتابةً في مخالفةٍ صريحة للنصِّ الدستوري.
إنّ هذه الخروق الخطيرة من قبلِ الرئيس عون للدستور، استدعت ولا تزال تستدعي وبإلحاحٍ أكبر المطالبة باستقالتِه فوراً، كمدخلٍ ضروري لمعالجة الأزمة الوطنية التي باتت تهدّدُ لبنان في كيانِه وهويتِه التاريخية.
وما دام الرئيس عون لم ينفكّ منذُ توليّه منصبِه عن تحويلِ رئاسة الجمهورية إلى منصّةٍ حزبية تحت حجّةِ تحصيلِ حقوقِ المسيحيين في النظام، فإنّ المطالبة باستقالتِه هي ضرورة. فالضرُر المعنوي والسياسي والإقتصادي لرئاسة ميشال عون على المسيحيين أصبح كبيراً جداً، لأنّ “العهد القوي” بات يأخذُهم رهينة، فإذا خسرَ، وهو خاسرٌ حتماً، خسروا معه وإذا ربحَ، ولن يربح حتماً، ربحَ لوحدِه.
أيها اللبنانيون،
كلما خفنا منهم كلما انقضوا علينا بقسوة أكبر.
يريدوننا ان نيأس لوضعِ اليد بسهولةٍ على لبنان، ليس امامنا سوى مقاومتهم.
عُقد المؤتمر في مكاتب “اللقاء” في الاشرفية بمشاركة وحضور السيدات والسادة أنطوان قسيس، أحمد فتفت، إيلي قصيفي، إيلي الحاج، أيمن جزيني، إدمون رباط،، أمين محمد بشير، بهجت سلامة، بيار عقل، توفيق كسبار، جورج كلاس، جوزف كرم، خليل طوبيا، ربى كباره، رودريك نوفل، سامي شمعون، سوزي زيادة، سيرج بو غاريوس، سعد كيوان، طوني حبيب، غسان مغبغب، فارس سعيد، فادي أنطوان كرم، لينا تنير، ماجدة الحاج، ماجد كرم، منى فياض، مياد صالح حيدر، ندى صالح عنيد، لويس معراوي، ألان كرم، بطرس الخوري، علي أبو دهن، أنّا رافاييل، زينة سعيد، جواد سعيد، وعطالله وهبة