سعد الياس
بيروت-“القدس العربي”: في خطوة تهدف إلى مواجهة الهيمنة الإيرانية على لبنان من خلال سلاح حزب الله، تمّ الإعلان عن “المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني” بهدف استعادة سيادة الدولة وتطبيق القرارات الدولية والتأكيد على دستور الطائف.
وقد ترأس هذا المجلس النائب السابق الدكتور أحمد فتفت الذي كان عضواً في “كتلة المسقبل”، الذي شرح في حديث إلى “القدس العربي” أهداف المجلس وتوقيت إعلانه حالياً ومدى تشابهه مع تجربة “لقاء البريستول” الذي أنتج خروج الجيش السوري من لبنان.
يقول فتفت “أولاً لنتذكّر تاريخ لبنان منذ عام 1943 مروراً بدحر الاحتلال الإسرائيلي وإنهاء الاحتلال السوري، لم ينجح في لبنان أي مشروع سياسي استقلالي إذا لم يكن مشروعاً وطنياً متجاوزاً للطوائف والمناطق.
ثانياً لماذا الآن؟ لأن فكرة أن لبنان يقع تحت الاحتلال الإيراني كانت فكرة مستغربة ويعتبرها البعض غريبة، ولكن بدأت في الآونة الأخيرة تأخذ فاعليتها وبات الكل مقتنعاً بأن لبنان يقع فعلاً تحت الاحتلال الإيراني انطلاقاً على الأقل من تصريحات القيادات الإيرانية التي تقول إن لديها 4 عواصم عربية تحتلها ولديها 6 جيوش في المنطقة، وهذا يؤكد أن الإيرانيين ينظرون إلى هذه المناطق كمناطق محتلة، وحزب الله عندما ينتفض ضد كلمة “احتلال إيراني” عليه أن يراجع القيادة الايرانية”.
ويضيف فتفت “بالممارسة الاحتلال الإيراني موجود بكل مقوماته عبر حزب الله: تعطيل على كل الصعد ولكل المؤسسات إذا كانت هناك قرارات لا تعجبنا، تدمير للاقتصاد، تدمير للقطاع المصرفي، إنهاء للقطاع الاستشفائي، تدخل فاضح علني ورسمي في القضاء في قضية تفجير مرفأ بيروت، تعطيل لمجلس الوزراء في كل مناسبة في حال وجود قرار لا يعجبنا، وتعطيل للمجلس النيابي لفرض من يعمل لمصلحة حزب الله رئيساً للجمهورية والمتمثل اليوم بالرئيس ميشال عون. كل ذلك يؤكد أنه احتلال فعلي وكامل وليس فقط احتلالاً سياسياً بل هو احتلال أمني وقضائي واقتصادي وعلى كل المستويات”.
لماذا الآن
يتابع فتفت “لماذا الآن أيضاً؟ لأن الموضوع بات وارداً في عقل الناس ولأن الحديث عاد عن القرار 1559، ولأول مرة نرى وثيقة سياسية هامة جداً صدرت عن رؤساء سابقين ووجّهت إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وحصل ذلك على مائدة الرئيس نجيب ميقاتي رغم أنه غير موقّع عليها. إنما الموقعون هم الرئيس أمين الجميّل، الرئيس ميشال سليمان، الرئيس سعد الحريري، الرئيس فؤاد السنيورة والرئيس تمام سلام وتحدثت الوثيقة عن اتفاق الطائف والدستور والقرارات الدولية وتحديداً 1559 و1680 و1701، فبالتالي أصبح هناك جو وطني عابر للطوائف والمناطق ويؤكد على الثوابت”.
ويتابع “ثالثاً نحن أمام مرحلة انتخابية ونحن لسنا تجمعاً انتخابياً ولن نكون كمنبر انتخابي لأحد ولن يكون هناك أي مرشح باسم المجلس الوطني، وإنما نطرح هذه القضية على الرأي العام حتى كل من يريد خوض الانتخابات أن يتخذ موقفاً هل هو مع أو ضد الاحتلال الإيراني للبنان؟ كي يستطيع الرأي العام أن ينتخب وفقاً لهذه الاسس. هل هذه خطوة تشبه البريستول؟ المرحلة السياسية مختلفة كلياً عن مرحلة 2004 هناك فرق 17 سنة، الوضع مختلف إنما نحن نعتقد أن هناك قوى سيادية عديدة موجودة في لبنان وأن هناك رأياً عاماً سيادياً شاملاً في كل المناطق، المصيبة أنه متفرّق لأن القيادات السياسية اهتمت أكثر بمنطق السلطة والمحاصصة والحصول على مكاسب وزارية ونيابية أكثر من اهتمامها بدحر هذا الاحتلال. وهناك قناعة أعتقد أنها معمّمة من أنه في ظل وجود هكذا احتلال وهكذا تسلّط من قبل حزب الله وسلاحه لا يمكن بناء دولة، وإذا لم نبن دولة لا يمكن إجراء إصلاح سياسي ولا إصلاح اقتصادي ولا اجتماعي ولا إنمائي ولا شيء، فالبداية تبدأ من هذه النقطة، من إلغاء الاحتلال الإيراني المتمثل بسلاح حزب الله وليس إلغاء حزب الله كحزب سياسي، بالعكس هو مرحّب به كحزب سياسي يلعب دوره بالكامل، كل ما نطالب به ألا يعود حزب الله حزباً إيرانياً وأن يصبح حزباً لبنانياً بشروط لبنان، نطالب سياسياً أن يكون هناك التزام بالطائف وبالدستور وهذا ما أكد عليه الرؤساء الخمسة، نطالب بالشرعية العربية والقرارات الدولية، هذا هو مشروعنا”.
سمعتنا بالويل
ونسأل لكن نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم يقول إن سمعة لبنان في العالم جاءت بفضل المقاومة وهذا هو لبنان الذي نريد ومن لا يعجبه ليبحث عن حل آخر؟
يجيب فتفت “عندما يعود إلى التاريخ، في الستينات كان لبنان يُعتبر بين أعلى 10 دول من ناحية مستوى الحياة والتطور الاقتصادي والنمو حتى أن الأمم المتحدة في بداية السبعينات كانت تفكّر إذا كان لبنان بلداً نامياً أو بلداً أنهى نموّه وأصبح متطوراً. بالعكس حزب الله أعادنا إلى قعر بلد منهار سمعتنا بالويل، سمعتنا مهرّبو كبتاغون، سمعتنا إرهاب في المنطقة العربية وعلى الصعيد الدولي، سمعتنا انهيار اقتصادي وفساد، وكل ذلك حدث بعد 2011 بعدما قرّر حزب الله الاستيلاء على السلطة مباشرة بالقمصان السود. وإذا راجعنا كل المعطيات فقط على المستوى الاقتصادي نرى أنها من ناحية النمو وميزان المدفوعات ورصيد البنك المركزي تراجعنا بعدما قرّر حزب الله وضع يده على لبنان كلياً. وإذا كان من أحد عليه مراجعة حساباته ويخرج من حلمه أو الكابوس الذي أوقع فيه اللبنانيين فهو الشيخ نعيم الذي ندعوه ليلعب دوره كمواطن لبناني من ضمن الدستور والطائف الذي هو رصيد اللبنانيين في المستقبل، وعدا ذلك يأخذوننا إلى مكان تدميري بالكامل، ويقع على حزب الله كقوة مهيمنة مسؤولية كل ما يجري أمنياً وقضائياً، لذلك هو متهم بقضية المرفأ، ولذلك هو متهم بقضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري لأنه يضغط في اتجاه تعطيل القضاء الدولي وتعطيل القضاء المحلي، ويضغط ضد القطاع المصرفي فدمّره، ويضغط ضد القطاع الصحي فدمّره، بالتالي يأخذنا حزب الله للأسف على دمار شامل ويأخذ حاله أيضاً”.
سياسة حزب الله
وعن رأيه في دعوة حزب الله إلى لقاء “للمعارضة في الجزيرة العربية” في ذكرى الشيخ نمر باقر النمر بعد استضافة المعارضة البحرينية في الضاحية الجنوبية؟ يرى فتفت أن “هذا تحدّ للرئيس ميقاتي ولوزير الداخلية بعدما أخذا موقفاً من موضوع المعارضة البحرينية التي اجتمعت في المرحلة السابقة ويتحدّى حكومته”.ويقول “دائماً حزب الله يأخذ الحكومة التي يريد ثم يفرض عليها شروطاً متقدمة ليغيّرها بحكومة أقرب إليه. دائماً تساءلت لماذا قَبِل الرئيس ميقاتي تشكيل هذه الحكومة وهو يدرك إلى أين ستوصل سياسة حزب الله. هذا تحدّ للحكومة اللبنانية كي تتخذ الموقف المطلوب منها مسبقاً طالما أعلن حزب الله بشكل واضح أنه سيدعو هذه المعارضة، وكأنه يريد أن يدمّر كل العلاقات العربية اللبنانية. أنا أشبّه هذا البلد الجميل بقصر رائع لديه كل المقوّمات ولديه ثمن غال جداً، ولكي تشتريه بسعر رخيص تدمّره تدريجياً كل يوم حتى ينهار فتستطيع الاستيلاء عليه بالسعر المناسب، وهذا ما يفعله حزب الله كي يستطيع الهيمنة على لبنان كلياً ليصبح تابعاً أكثر لهذا المحور الفارسي الممتد من طهران إلى بيروت عبر بغداد ودمشق”.
يضيف فتفت “لذلك هناك اليوم تحد كبير وإذا كان حزب الله سيكمل بهذه السياسة فهو فعلاً يستمر بسياسة مناهضة لكل ما إلتزم به تجاه بيان الحكومة التي هو جزء منها، فالمشكلة عند السلطة وعند رئيس الحكومة، ولا يمكنني أن أقول إنها عند رئيس الجمهورية لأنه سلّم سلاحه منذ زمن بعيد لحزب الله وأنهى كل القضايا، ومواقفه هي مواقف شكلية وعند الجد لا يقدر على اتخاذ أي موقف في وجه الحزب بل بالعكس يتنازل كل يوم أكثر”.