” خافوا من حزب الله لحظة سقوطه، ولا تخافوا منه في عز صعوده”!
عبارة قالها ذات يوم رجل دين شيعي، في معرض رده على سؤال: « ما العمل مع “حزب الله؟ ».
هل بدأ سقوط الميليشيا الايرانية في لبنان؟
سؤال يتردد بقوة في اوسط اللبنانيين، ويزداد الجواب عليه الحاحاً، بعد ان استفاقوا اليوم على خبر اغتيال المعارض الشيعي لقمان سليم، الذي وُجد جثة هامدة، مقتولا برصاصتين في رأسه في بلدة العدوسية في قضاء النبطيه جنوب لبنان.
المغدور كان غادر منزل صديقه في بلدة نيحا الجنوبية، ليُفقَد أثره، ويُعثر على هاتفه المحمول، مرميا في خراج البلدة، حسب ما ذكرت شقيقته التي ابلغت عن فقدان الاتصال به، ليعثر عليه لاحقا مقتولا في سيارته ليس بعيدا من بلدة « نيحا ».
لقمان سليم عُرف عنه معاضته لما يُسمّى زوراً « الثنائي الشيعي »، وهو تلقى تهديدات علنية، نُشِر بعضها على صفحات جريدة « الاخبار » الإيرانية الصادرة في بيروت، ليس اقلها اتهامه بالإنتماء إلى فريق ما يسميه الحزب الايراني “شيعة السفارة”! كما تلقى تهديدات مباشرة عبر محاولة العبث بدارته والعائلة ومركز عمله “أمم”، في « حارة حريك » في ضاحية بيروت الجنوبية، الامر الذي دفع بالمغدور الى تسطير رسالة يشير فيها الى المعتدين، ويحمل الدولة واجهزتها الامنية مسؤولية امنه وعائلته.
تبليغ سليم يبدو انه سقط بمرور الزمن، فسقط اغتيلا وغدرا صبيحة اليوم، في منطقة يهيمن عليها الحزب الايراني، حتى ان “غضب الاهالي” الموالين للحزب في هذه المنطقة، يحول دون قيام قوات الطواريء الدولية بعملها؟!
ولأن « المريب قال خذوني »، فقد نشر جواد نصر الله نجل امين عام الحزب الايراني في لبنان، تغريدة شماتة، وتمجيد بالاغتيال على صفحته على موقع تويتر
وبالعودة الى حديث وحكمة رجل الدين الشيعي عن سقوط حزب الله، لا بد من التوقف عند الحيثية التي كان يشكلها المغدور سليم، وهل كان يشكل فعلا وقولا تهديدا للحزب الايراني؟.
لقمان سليم معارض شيعي للثنائي، ولكنه لم يكن معارضا لمفهوم “الشيعية السياسية”، وهو كان من المؤيدين لمبدأ المحاصصة وحصة الطائفة الشيعية في الدولة، ولكن من منطلق التصالح مع الولايات المتحدة الاميركية وليس بسواعد الايرانيين وسلاحهم.
لقمان سليم كان شخصية نخبوية، ولا يحظى بشعبية لم يسعَ اليها، مع انه نجل نائب سابق في « الكتلة الوطنية »، هو محسن سليم، وتاليا لم يكن ليشكل خطرا شعبيا لاحقا او حاليا على شعبية « الثنائي » عموما والحزب الايراني تحديداً.
لقمان سليم أسس مركز “أمم” للابحاث والتوثيق، ممول من الولايات المتحدة الاميركية، وكان ينشر ابحاثه وينظم محاضراته التي تصب كلها في خانة الاعتراض على ممارسات الثنائي الشيعي عموما، والحزب الايراني حصوصا. إلا أن هذه الابحاث لم تجد يوما طريقها الى تشكيل رأي عام شيعي معارض، او حتى لبناني متعاطف، وبقيت محصورة في اطار نخبوي ينشط المغدور في دائرته.
لقمان سليم كان صديقا للادارة الاميركية السابقة، ومقربا من ديفيد شينكر، الذي كان يرتبط بصداقة شخصية معه.
لقمان سليم لم يكن يشكل تهديدا للحزب الايراني: لماذا اغتياله؟ هل اصبح الحزب يخشى حتى الكلمة المناهضة المحصورة في دائرة ضيقة؟
قبل سليم كان اغتيال المصوّر جو بجاني، وقبله القبطان البحري ايلي صفير والعقيد المتقاعد في الجمارك اللبنانية ابراهيم ابو رجيلي، وقبلهم الموظف في بنك بيبلوس أنطوان داغر.
هذه الاغتيالات لافراد لا يشكلون حيثيات شعبية وامتدادت شيعية، بل حيثيات معرفية على صلة بممارسات الحزب الايراني، اعتبر الحزب انها تشكل تهديدا لاحقا قانونيا علىعناصره وافراده، فكيف لحزب يقاتل في سوريا واليمن والعراق وذراع رئيسي في الحرس الثوري الايراني ان يخشى بضعة افراد يملكون نذرا من العلومات بشأن تورطه في تفجير المرفأ وتبييض الاموال وتهريبها وسوى ذلك.
انها لحظة السقوط حين يتم اغتيال لقمان سليم بكواتم للصوت، مرحلة كان مهد لها امين عام الحزب الالهي في خطاب له ؤخرا عقب اتهام حزبه بالضلوع في تفجير المرفأ،
قال يومها “إن الحزب لن يسكت على منتقديه ملوحاً بأن “الناس” قد تعبر عن هذا الغضب“.
انه دأب الحزاب الميليشوية، لحظة سقوطها تلجأ الى محو آثار آثامها وجرائمها، فتبدأ بتصفية معارضيها ايا كانوا من ذوات الحيثيات الشعبية اوالمعرفية.
*
وطنية – رأت “الكتلة الوطنية” (التي كان والد لقمان، محسن سليم، نائباً عنها في البرلمان) أن “اغتيال لقمان سليم هو استهداف مباشر لكل من يناضل لبناء دولة قانون وعدالة في لبنان”.
وقالت في بيان اليوم: “في ذكرى الشهر السادس لجريمة مرفأ بيروت، يضعنا هذا الاغتيال أمام حقيقة الصراع القائم في لبنان: بين حكم المجرم وحكم العدالة. بين حكم الميليشيات وحكم القانون والقضاء.
إن هذا الاغتيال يحتم علينا كقوى تغييرية في هذا البلد، رص الصفوف في مواجهة منظومة متواطئة ومجرمة. إن قوى الظلام والرجعية لن ترهب اللبنانيات واللبنانيين وسنستمر في مقاومة الإحتلال الداخلي حتى زواله.
الرحمة للشهداء والعزاء لعائلة لقمان سليم”.