الرسالة الأساسية التي يمكن قراءتها من انسحاب مشاري العنجري (نائب سابق لرئيس مجلس الأمة) وأنس الرشيد (وزير إعلام سابق) من اللجان المشكلة لتعديل الدستور الكويتي وتغيير قانون الانتخابات وإصلاح الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، هي أن تنفيذ الدستور بشكل مسؤول وصادق في ظل الظروف السياسية والاقتصادية التي نعيشها أهم من كل مساعي تشكيل مثل تلك اللجان.
فنحن نعيش اليوم مرحلة صعبة وظروف استثنائية تستدعي العمل بصورة ديمقراطية مسؤولة وشفافة. فإن كنا تجاهلنا هذه المسؤولية في ظروف مغايرة أقل خطورة من تلك التي نعيشها اليوم، إلا أننا نحتاج إلى هذا التنفيذ المسؤول اليوم أكثر من أي وقت مضى. وتجربة عشرات السنين مع الديمقراطية تثبت بأن الحكومة في ظل تعاطيها مع هذا الموضوع، لا تريد لهذه المسؤولية أن تكون حاضرة.
فالمرحلة الكورونية الراهنة وتأثيراتها الاقتصادية القاسية تسيطر على مجمل الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية. وفيما هناك توقعات بحدوث ركود اقتصادي عالمي، فإن أسعار النفط باتت تسجل تراجعا تاريخيا. كل تلك الظروف من شأنها أن تؤثر على مختلف الأوضاع التي نعيشها وتحملنا مسؤوليات جديدة لا يمكن لهذه اللجان أن تستشرف معالجتها.
لذا نتساءل في ظل كل ذلك: هل إنشاء هذه اللجان يناسب الأوضاع الراهنة، ويمكن من خلالها تحقيق الإصلاح والتغيير الذي تنشده الحكومة؟ ألا ترمي الأوضاع نوعا من الشك على النوايا الإصلاحية للحكومة؟ كيف لمن يلف ويدور في مسألة تنفيذ الدستور بشكل صادق وشفاف، ويسعى لجعله مسايرا لمصالحه الضيقة غير المتوافقة مع روح الدستور، أن يطالب بتعديله؟
أمّا إذا كان الدستور الحالي هو السبب في تراجع الحياة السياسية والاقتصادية في مختلف صورها، وهو المتسبب في عدم القدرة على وضع حلول للمشاكل وهو المعرقل لتصورات التنمية بكافة عناوينها، حينها يمكن أن تكون المطالبة بتعديل الدستور صحيحة وخارج سياق اتهامات الشكوك.
ومما قيل في هذا الموضوع، خاصة موضوع تعديل الدستور، أنه إذا كانت هناك نوايا للتعديل فيجب أن يتم ذلك من خلال ضمان تحقيق المزيد من الحريات، وفي توفير المزيد من احترام حقوق الإنسان، وضمن أطر تسعى لتطوير الحياة الديمقراطية، وفي ظل توافق ذلك مع مختلف الرؤى التنموية التي توصي بها المؤسسات الدولية المعنية.
فهذه النوايا إن توفرت ستكون، بطبيعة الحال، محل تقدير غالبية أفراد الشعب. غير أنه وبالنظر إلى سلوك الحكومة الذي تعودنا عليه في عرقلة تنفيذ ما هو متوفر من حقوق وحريات في الدستور، يمكن الاستنتاج بأن نوايا تحقيق المزيد من الحقوق وضمان توفير المزيد من الحريات، غير موجود عند السلطة. وعليه، يجب أن لا نعوّل على اللجان المشكّلة في أن تساهم في تغيير الوضع الذي تعوّدنا عليه.
fakher_alsultan@hotmail.com