توقفت في حديث رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إلى قناة “الحرّة”، في شكل خاص، عند هذه الفكرة:
“سياستنا ثابتة ومبنية على مجموعة قناعات ومبادئ وارتكاز فكري وطني بامتياز منذ البدء لغاية هذه اللحظة”.
تفضّل أخبرنا إذن، “حكيم“، عن الحكمة والمبادئ في أوراق “اتفاق معراب“، السرّية منها والمُعلَنة، والتي كان يجب أن يكون مكانها، من دون تردّد، في التواليت.
“آسف، أشدّ الأسف” لا تكفي عندما يتسبّب إنسان لإنسان آخر بعطل دائم أو بإنهاء حياته، فكيف بضرب دولة وشعب، ومؤسسة قامت أساساً على المبادئ؟
الغيارى الحمقى سيقولون إن إثارة الموضوع المزعج هذا هو خدمة للكتائب. دعنا من الغيارى الحمقى. خدمةً لـ »القوات“، اكشف لنا يوماً وبوضوح ماذا دهاكم تلك الأيام السوداء في معراب؟ هل حقاً ضحك عليكم الصبي الغبي جبران باسيل؟ لا أريد أن أصدق. أصلاً كيف تعقدون اتفاقاً مع شخص بهذه المواصفات والأخلاق والسلوكيات، إن كان هو أو عمّه فخامة الرئيس الجنرال، الذي لا أحد يعرفه على حقيقته واحترامه للاتفاقات كما تعرفه حضرتك؟
وكيف ولماذا لم نسمع ولا عرفنا أن أحداً اعترض في “القوات“. ولا نائب قال “أقطع يدي ولا أنتخب عون. هذه استقالتي افعل بها ما تشاء؟“. ما الفرق مع هذه النوعية من النواب بين أن يكون عددهم خمسةً أو عشرين؟
“القوات” حزب؟ لا تسير الأحزاب بهذا الشكل. “القوات” مجموعة تقوم على الولاء لقائد– رئيس؟ حوِّلها إذاً وبسرعة قبل فوات الأوان إلى حزب، ولكن ليس كبقية الأحزاب الساعية إلى السلطة من أجل السلطة، بل إلى حزب يقوم على “مجموعة قناعات ومبادئ وارتكاز فكري وطني بامتياز“، كما ذكرت في المقابلة. حزب يحكون فيه سياسة ويتناقشون ولا أحد في قيادته على الأقل يرضى على نفسه الإكتفاء بتلقي الأوامر والتوجيهات والذرائع لتسويق قرارات وسياسات مهما تكُن.
(عند تناول مواضيع من هذا القبيل، بعضهم في “القوات” يصل به الخَبَل، والحوَل الفكري هذه الأيام، إلى اعتبار الكتائب هي العدو. وبعضهم في الكتائب يصل به الخَبَل والحَوَل الفكري إلى اعتبار “القوات” هي العدو. أسوأ عداوة هي التي تقوم بين الأخوة في البيت على التركة، وأخبارها تكون بمثابة الفضيحة لبقية الضيعة. لكن هذا مجال نقاش آخر).
كلما طُرح السؤال عن “اتفاق معراب“، يردّد “قوات” طيبون – مساكين الجواب الذي سمعوه: “ما كان فينا نكمل بالفراغ. أو “شو سليمان فرنجية كان أحلى؟“. أما الجواب الأسوأ على الإطلاق والذي ينقلونه عن القيادة فهو: ” شو كان فينا نعمل غير هيك؟“.
آمل اليوم، “حكيم“، أن تُكلمهم ليُحسنوا اتخاذ الموقف الوطني السليم، في حال وجدوا أنفسهم أمام وضع مُشابه بعد عشرات السنين. قُل لهم إذا كان لا بد من وصول أمثال هذين المرشَحين إلى رئاسة الجمهورية، فليصلوا غصباً عنّا وليس باتفاق معنا. نحن روح المقاومة اللبنانية والأمناء عليها.
مرّةً عن نيّة صافية كتبتُ ” القوات هي سمير جعجع، وسمير جعجع هو القوات“. أوصلوها إليك في السجن وأزعجتك. لا أزال عند رأيي. أخبرنا بوضوح ماذا جرى كي نثق بأنّ “القوات” لا تزال مقاومة.
في الانتظار بلادنا مُحتلّة من فرقة محلية تابعة لنظام الملالي في إيران. يغطّي الإحتلال من أعلى موقع في الدولة مَن ألَّفتم في تمجيد التحالف معه سمفونية “أوعى خيّك” السيّئ الذكر.
وديغول ما كان ديغول الذي نعرف لو أيّد بيتان، خشية استمرار الفراغ الرئاسي أو لقطع الطريق أمام بيتان آخر.
ولا كان ديغول لو قرّر مواجهة الاحتلال بالانتخابات النيابية بدل النضال لرفعه.
طبعاً. هذه ليست دعوة إلى العنف بل إلى بث الأمل في عودة حلم “لبنان الحر“، أقلّه في أذهان “القواتيين” الذين أصابهم اليأس والملل من أوضاع الحياة الصعبة، فصار حلمهم هم أيضاً، وأولادهم، الرحيل عن هذه البلاد المستحيلة، مثلهم مثل بقية اللبنانيين.
يحضر هنا، حديث لنبيّ الإسلام ينطبق على أشكال المقاومة، رواه مسلّم: “من رأى مِنكم منكراً فليغيّره بيدِه ، فإن لم يستطع فبِلسانِه ، فإن لم يستطِع فبقلبِه ، وذلك أضعفُ الإيمان“.
إحتلالُ لبنان عملٌ مُنكَر.
إعذُر صراحتي وتقبّل الاحترام.