الناس يكررون القول بأن الاختلاف لا يُفسِد الود. أما الحقيقة فهي أن الغالب على الناس أنهم ينفرون ممن يخالفهم بل إن اختلافات الرؤى هي السبب الأول للعداوات….
إن العداوات القائمة بين الأمم، بل حتى بين الطوائف والمذاهب داخل الأمة نفسها وداخل النسق الثقافي نفسه، كل هذه العداوات تعود إلى اختلاف الرؤى….
لذلك، فإن بقاء المودة رغم اختلاف الاتجاهات يُعَدُّ من المآثر التي تستحق الاشادة وتستوجب التنويه…..
المعروف أن الفيلسوف الأمريكي « وليم جيمس » هو أبرز مؤسسي الفلسفة البراجماتية، وأن الفيلسوف الأمريكي « جوزايا رويس » يعتنق فلسفةً مغايرة….
لكن رغم الاختلاف في الاتجاه الفلسفي لكل منهما فإنهما ظلا صديقين حميمين يحترم كلٌّ منهما وجهة نظر الآخر. بل إن « وليم جيمس » قد رشَّح رويس لكرسي الأستاذية بجامعة « هارفارد » ولم يمنعه من ذلك اختلاف اتجاههما الفلسفي….
هكذا ينبغي أن يكون التعامل بين رجال الفكر والعلم والأدب… بعكس ما يحصل بين المثقفين من تحاسد وتهاجي وتنقُّص وهجوم متبادل…
فالثقافة موقفٌ أخلاقي قبل أن تكون معرفة وقدرة….
مقطع من محاضرة ابراهيم البليهي في الجمعية الثقافية النسائية في الكويت
*إبراهيم بن عبد الرحمن بن سليمان البليهي كاتب ومفكر عربي سعودي. عين عضواً في مجلس الشورى السعودي