ما يحدث في المرفأ يعادل « جريمة إخفاء أدلّة » أكثر خطورة من التذرّع بـ« الحصانات »!
ست عشرة رافعة تعمل على إفراغ البواخر من حمولتها من « الكونتنرات » والبضائع، وبعض الارصفة التي ظلّت تعمل ولم يأتِ عليها انفجار 4 آب الذي دمر المرفأ، هذه كلها أصبحت اليوم في خبر كان، ولم يتبق سوى اربع رافعات قيد الخدمة حاليا!
وقد أبلغَ رئيسُ « المجلس الاعلى للجمارك » المُخلِّصين الجمركيين أن نظام المعلوماتية الذي يدير اعمال المرفأ قد بتعطل في اي لحظة، من دون توفر الامكانات لاصلاحه او صيانته!
ما يعني عمليا ان هناك قرار متخذا يإقفال مرفأ بيروت!
وسيخرج على اللبنانيين بعد الاقفال من يقول لهم انه « لم يكن يعلم »، او ان « الصلاحيات تنقصه » للحؤول دون حصول هذه الكارثة بحجم المؤامرة!
بعد انفجار الرابع من آب/أغسطس العام المنصرم، تقدم عدد من اهالي شهداء التفجير، بدعاوى قضائية في حق إدارة مرفأ بيروت، وتطوع احد القضاة بالحكم على إدارة المرفأ بدفع مبلغ مليوني دولار لاهل احد الشهداء، إضافة الى مبلغ آخر كبدل اتعاب محاماة وعطل وضرر. وحجزَ على ممتلكات المرفأ والاموال المنقولة وغير المنقولة، وتلك الموجودة في المصارف وتلك التي سيتم قبضها!
ادارة المرفأ وقبل جلاء نتائج التحقيقات، وجدت نفسها عاجزة عن التصرف بالاموال التي تم احتجازها في المصارف، وتلك التي يتم قبضها بدل رسوم، ما دفع بالمخلِّصين الجمركيين الى دفع رسوم تخليص البضائع وجمركتها نقداً وليس عبر المصارف كما كان يحصل عادة.
هل هنالك نيّة لإتلاف الأرشيف الإلكتروني للمرفأ؟
ومع ذلك، وقبل اسابيع قليلة، طلب رئيس المجلس الاعلى للجمارك من جميع المخلّصين الجمركيين مساعدته على وضع خطة طواريء لمواجهة احتمال تعطل نظام “نجم”، الالكتروني، والعودة الى ما قبل العام 1996، اي المعاملات الورقية لتخليص البضائع، كون النظام المذكور يفتقر الى الاموال اللازمة للصيانة وقطع الغيار، حسب ما جاء في المذكرة.
تعطل نظام “نجم” او توقيفه، يعني عمليا فقدان ارشيف جميع المعاملات التي اجريت عبر مرفأ بيروت منذ العام 1996، المحفوظة الكترونيا في خادم النظام. فهل هناك نية لاخفاء دلائل قانونية ما بتوقيف نظام “نجم”؟
الى ما سبق فوجيء المخلصون الجمركيون بتعطل إحدى عشرة رافعة على ارصفة الشحن والتفريغ دفعة واحدة! وقبل اسبوع، اضيفت رافعة جديدة الى القائمة السابقة، ما يعني عمليا وجود اربع رافعات قيد العمل حاليا، وهذا بدوره يعني ان العمل تراجع في المرفأ الى اقل من 20 في المئة من قدرته الفعلية، وتشاهد طوابير السفن في عرض البحر تنتظر إفراغ حمولتها لايام وربما اسابيع. ما يعني ايضا المزيد من الاكلاف والخسائر التي سيتحملها المواطن اللبناني نتيجة تأخير افراغ الحمولات بحيث كانت الباخرة التي تفرغ ما في جوفها خلال ساعات عليها ان تنتظر اكثر من يومين بمساعدة الرافعات الموجودة على سطح الباخرة.
المخلصون الجمركيون يعتبرون ان الرافعات المتبقية ستتعطل بدورها تباعاً، وصولا الى توقفها جميعها عن العمل، وتاليا توقف المرفأ عن استقبال السفن.
المعلومات تشير الى ان إدارة المرفأ تتحجج بعدم وجود الاموال لديها لاصلاح الرافعات، بحجة ان من سيقوم باعمال الصيانة يطلب المال بالعملة الصعبة، ونقدا، وهذا ما ليس متوفرا في صناديق المرفأ.
حجة الادارة يرفضها المخلصون الجمركيون الذين يعرفون ان هناك عقودا لصيانة المعدات في المرفأ وهي تدفع دوريا، وان هناك اموالا يمكن للإدارة ان تدفعها من العائدات غير المحجوزة التي تدفع نقدا لصندوق المرفأ!
هل طلب القاضي بيطار « أرشيف المرفأ » الإلكتروني، وهل سيجده إذا طلبه؟