من الموضوعات المهمة، التأمل بحال النملة ودراسة سلوكها في مجتمعها، وأخذ العبر والقصص منها، ولذلك ورد ذكرها في القرآن.
قال تعالى (قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون).
نملة وحيدة نكرة، حملت هم أمتها وأدركت خطورة مسؤوليتها وأنقذت أمتها بأدب خطابها وحسن نيتها تجاه الملك وجنوده مع رؤيتها للخطر أمامها، ما أروعها من نملة وهي تحسن الظن.
ما أحوجنا في خطاباتنا السياسية أن نتعلم أدب الحوار والاعتذار والابتعاد عن العنف في الخطاب السياسي، واختيار حسن التعبير وعفة المعنى حتى يحقق الخطاب السياسي هدفه المنشود.
بلا شك، أن الخطابات السياسية متغيرة بحسب متغيرات الحال فمنذ سنوات كانت اللغة في الخطابات عنيفة، وكان لها آثار سلبية في العمل السياسي، وكان يستخدم الخطاب كأداة لممارسة العنف، فكانت هناك فوضى في التعابير وانفجار في المفردات وتراجع في القيم الفكرية والتي لم توصلنا إلا إلى أبواب مغلقة.
ولذلك، عندما قامت المعارضة بتغير لغة الخطاب وخفضت من حدته وجلست للحوار، كانت النتائج إيجابية لكل الأطراف، واستبشر المجتمع الكويتي خيراً بهذه الخطوات. إلا أن بعض النخب السياسية تصر على العنف في الخطاب السياسي وجعلت من فورات الغضب السياسي والتعبير الانفعالي يستمر على ذات النهج في المصادمة، وكأن المشهد أقرب لتحضير لمعركة أشرس من السابق بذريعة أن مبادئنا لم تتغير.
كل القوى السياسية في العالم تكون لها وقفات ومراجعات وتقييم لنهجها، وإذا كان لا أحد يملك أن يطلب من سياسي أو غيره تغيير مبدأه إلا أنه في علم السياسة ما يفيد بأن تغيير المواقف مطلوب لتحقيق الهدف، خصوصاً إذا كان الطرف الثاني شريكاً قادراً على صناعة التفاهم في تحقيق المطلوب، وهذا ما يمنح الحياة في مواكبة العملية السياسية.
لذلك، لا بد أن نحتذي بهذه التجارب غير البعيدة تاريخياً وجغرافياً في قبول مبدأ المراجعات، واختيار الأنسب منها للمرحلة بما يضمن وصول الجميع إلى الهدف الأسمى وهو مصلحة الكويت.
الخلاصة، في يوم من الأيام جلس رجل إلى هارون الرشيد ينصحه، وأغلظ عليه في الحديث جداً، فالتفت إليه الخليفة قائلاً: هل أنت أفضل من سيدنا موسى؟ فرد الرجل: لا. فسأله الخليفة: هل أنا أسوأ من فرعون؟ فقال لا، هنا قال الرشيد: ما دمت لست أفضل من موسى ولا أنا أسوأ من فرعون، ألم تعلم أن الله سبحانه قال لموسى: (فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى).
ولذك، يقول ابن القيم كان النبي صلى الله عليه وسلم (يتخير في خطابه ويختار لأمته أحسن ألفاظ وأجملها وألطفها وأبعدها من ألفاظ أهل الجفاء والغلظة والفحش)، ومن هنا تنتهي النصيحة والآمال معلقة على حسن التجاوب كما تعودنا من أخواننا في المعارضة بمختلف مساراتها.