وَمَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَـالِ
يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر
من قصيدة (إرادة الحياة) للشاعر ابو القاسم الشابي
يبدو ان هذا البيت الشعري ينطبق على موارنة لبنان، بعد ان خسروا نُخبهم السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، واستبدلوها باختيارات ميليشيوية فرضت نفسها على الجماعة المسيحية اللبنانية، وتُمعن يوميا في تسخيف تاريخ هذه الطائفة المشرقية المؤسسة للكيان اللبناني.
كان المثلث الرحمات البطريرك مار نصرالله صفير، يستر عوراتهم بمواقف سياسية، ونجح الى حد بعيد في تقويم اعوجاجات قادتهم الميليشوية وهوسهم السلطوي، وقلة ثقافتهم وفهمهم لواقع البلاد! ولكن مع انسحابه من السدة البطريركية، ثم رحيله، بدأت تتكشف عوراتهم تباعا، حتى ان احد الباحثين الموارنة أسرّ في مجلس خاص قبل ايام إنه يعتقد « ان 95% من الموارنة يبحثون عن حرب اهلية »!
مناسبة الكلام عن العيش بين الحُفَر، هو المقارنة بين محاصصة الوزراء في الحكومة المقبلة المزمع تشكيلها في لبنان من قبل الرئيس سعد الحريري. فقد عابَ فريقُ العهد الرئاسي للجنرال الهمام ميشال عون على الرئيس الحريري تسمية وزراء مسيحيين، معتبرين زورا ان الدستور اللبناني اناط بهم تسمية هؤلاء الوزراء من موارنة وروم كاثوليك وارمن وصولا الى تسمية وزير درزي ومطالبتهم بان يكون لهم رأي في اسماء الوزراء السنّة– طبعاً دون الشيعة، فقط لانهم لا يجرؤون!
فقد كشف الرئيس المكلف سعد الحريري اسماء الوزراء المحتملين الذين زوده بهم رئيس الجمهورية ميشال عون، ومن بينهم المدعو ميشال الفتريادس لتولي حقيبة وزارة السياحة، ومراسلة تلفزيونية تدعي ندى ادراوس عزيز لتولي حقيبة الاعلام.
ميشال
تم اليوم تسريب الاسماء الموارنة والمسيحيين الذين اقترحهم رئيس الحكومة سعد الحريري، وشتان ما بين التسميتين!
اقترح الحريري توزير البروفيسور هنري العويط، وتكفي سيرته الذاتية ليشرف اي وزارة يتولاها، خصوصا التربية والتعليم العالي. اما المقترح الثاني لتولي وزارة الاتصالات فهما شارل الحاج او سليم اده، فشارل الحاج هو رئيس المؤسسة المارونية للانتشار، مهندس ورجل اعمال متخصص في قطاع الاتصالات في العالم العربي والولايات المتحدة، وهو يدير اكبر شبكة للانترنيت في الملكة العربية السعودية، اما سليم اده صاحب شركة موركس وهي من كبرى شركات الاتصالات في العالم.
ولوزارة الطاقة والمياه، إقترح الحريري رجل الاعمال جو صدي، ويعض مما في سيرته الذاتية انه “قاد على مدى اعوام برامج الخصخصة الكبرى في قطاعات عدة مثل النفط والغاز والصلب والكهرباء، وكان مستشارا لحكومات الشرق الاوسط…”.
اما الدكتور سعادة الشامي الذي اقترحه الحريري، وصودف وجود اسمه على لائحة مقترحات الرئيس عون، لتولي وزارة الاقتصاد، هو كبير الاقتصاديين في بنك الكويت الوطني.
اما ما تضمنته لائحة الرئيس عون وشكل صدمة للبنانيين عموما وللموارنة غير العونيين خصوصا، من بينهم المدعو ميشال ألفتريادس (وهو من العونيين المتزمتين)، في سيرته الذاتية أنه سياسي وفنان ومنتج ورجل أعمال يوناني–لبناني ولد في 22 حزيران/يونيو 1970 في بيروت، تمحورت أعماله بشكل خاص حول عالم الموسيقى والترفيه واشتهر بأسلوبه وابتكاراته الانتقائية وباعتقاداته وآرائه غير التقليدية. يكفي الاطلاع على احدى صوره لتبيان حقيقة غير تقليدية افكاره !!!
اما « ندى عزيز » (الصورة أعلاه مع الرئيس عون) فلا يعرف عنها سوى انها مراسلة تلفزيونية تدين بالولاء الاعمى للتيار العوني.
المسيحيون في لبنان اعطوا لبنان والعالم العربي مفكرين وسياسيين ومثقفين ونهضويين لا يتسع مقال لتعدادهم، من عائلة البساتنه الى جبران خليل خليل جبران ويوسف الحويك وشارل مالك وجواد بولس وامين الريحاني ومارون عبود واحمد فارس الشدياق وميخائيل نعيمة وشعراء المهجر، وخيرالله خيرالله ويوسف الشموتي واسسوا صحفا عربية من بينها « الاهرام » المصرية، وكانوا روادا في الامم المتحدة وجامعة الدول العربية لا يختزلون ولا يتم احتكار تمثيلهم بخفة في حكومة مهمة ينتظر المجتمع الدولي الاعلان عن تشكيلها، مع التشديد على الاحترام لكل شخص ورد اسمه على لائحة عون.
إما ان الموارنة يبحثون عن حرب اهلية، إما انهم باتوا لا يعشقون صعود الجبال فأسلسوا قيادتهم لمن يريد لهم العيش بين الحفر!