إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
“شفاف” خاص
السباق الانتخابي الرئاسي التركي، المقرر إجراءه بعد أقل من 10 أيام، نتائجه قد لا تأتي في صالح الرئيس رجب طيب أردوغان، “السلطان” صاحب الطموح العثماني التاريخي!
في نظر العديد من المراقبين، قد تتم الإطاحة بالعرش “السلطاني”، وإسقاطه من علياء جبروته، وهزّ أركان الثقافة الدينية-العلمانية (وهي خلطة غير طبيعية) لحزبه، “حزب العدالة والتنمية”، وهي ثقافة سعت دوما للتسلّق من على جدار الديمقراطية من أجل تثبيت دعائم ثقافة غير ديمقراطية. لذلك كانت تستعين بالآلية السياسية العلمانية في الحكم، ولكن ليس لترسيخ أسس دولة علمانية بحتة، وإنما لتثبيت أركان دولة شرقية قُحّة، ما أدى ذلك إلى ما يمكن أن نسميه “بتآكل” الديمقراطية. وهذا أحد الأسباب التي قد تطيح “بالسلطان”.
دامت حياة أردوغان السياسية ثلاثة عقود. وهذا إن دل فإنما يدل على أن “السلطان” يحمل مقوّمات جينية تفضّل الاستمرار في الحكم، خاصة وأن ظروف الثقافة الدستورية وآلياتها (لا الثقافة الديمقراطية وآلياتها) تسمح بذلك.
وكالة “بلومبيرغ” الدولية، ومقرّها نيويورك، ذكرت مؤخرا أن “الزلزال” العنيف الذي ضرب تركيا في 6 فبراير الماضي، ودمّر مدنا عدة وخلّف أكثر من 50 ألف قتيل، وكذلك “الاقتصاد”، هما من الأزمات التي أفقدت أردوغان مؤيديه. وفي بعض التفاصيل، قالت الوكالة إن غياب الاستجابة القوية للإغاثة من الكوارث، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والإيجارات بجميع أنحاء البلاد، وضع إردوغان أمام فرصة واقعية لخسارة الانتخابات.
أردوغان، “المحافظ” دينيا، والذي يتقن العربية، ويتلو القرآن أمام جمهوره في العديد من المناسبات، والمدافع الشرس عن أبرز قضية إسلامية وعربية، القضية الفلسطينية، التي كانت سببا في تزايد شعبيته بين الأتراك وغيرهم داخل تركيا وخارجها، يتولى الرئاسة منذ 20 عاما. لكنه لم يواجه اختبارا حقيقيا بشأن شعبيته واستمراره في منصبه كاختبار الزلزال.
بحسب “بلومبيرغ”، فإن الناس بالمنطقة التي ضربها الزلزال، والتي تعد مُخلِصة “للسلطان”، لا تزال غاضبة من تأخر الحكومة في معالجة تبعات هذه الكارثة والتي وُصفت بـ”كارثة القرن”.
العديد ممن تضرّروا من الزلزال من أنصار الرئيس التركي ومن محبيه، قالو إن أردوغان “تخلّى” عنهم. قالت إحداهن: “لن أصوت لا لإردوغان ولا لحزب العدالة والتنمية”، مردفة: “اعتادت عائلتي بأكملها على دعمهم، والآن أريد حكومة جديدة تحترمنا“. وقال آخر: “لقد طفح الكيل. ليس من الصواب أن يتخذ رجل واحد كل القرارات دون رقابة”.
ستتوقف نتيجة الانتخابات “جزئيا” على إقبال الناخبين الجدد، بحسب “بلومبيرغ” التي أشارت إلى أنه من بين 61 مليون ناخب مؤهل في تركيا، قد يدلي أكثر من 5 ملايين بأصواتهم للمرة الأولى. غير أن رئيس اللجنة العليا للانتخابات أحمد ينر قال إنه من المتوقع ألا يصوّت ما لا يقل عن مليون ناخب في المناطق المنكوبة بالزلزال بسبب النزوح.
رغم ذلك، فإن ما تقوله أرقام بعض استطلاعات الرأي ليس في صالح انتخاب “السلطان” مجددا، وإنما لصالح انتخاب منافسه الرئيسي مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو، ذي الأصول الكردية، ومرشح كتلة تحالف الأمة المكونة من ستة أحزاب، الذي أعلن في “سابقة” أثناء مقطع مُصوّر بأنه “علوي”. أضف إلى ذلك دعوة “حزب الشعوب الديمقراطي” اليساري المؤيد للأكراد، وهو الحزب الثالث شعبيا على الساحة التركية، للتصويت لصالح كليتشدار ما رفع من شعبيته بشكل لافت.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة والدول الغربية يأملون في انتصار كليتشدار في السباق الانتخابي في ضوء سياسات أردوغان، المائلة نحو روسيا في أوكرانيا، ونحو روسيا وإيران في سوريا، وتسير في الضد من العديد من التوجهات السياسية الغربية، إلا أن ذلك الأمر لا يُعوّل عليه كثيرا في تحديد تطلعات الناخب التركي، رغم أن كليتشدار قد يكون ورقة الغرب القادمة لتغيير سياسات تركيا الخارجية.
من هم المتنافسون؟
إضافة إلى أردوغان وكليتشدار، يترشح أيضا زعيم “حزب الوطن الوسط” “محرم إنجه”، ومرشح “تحالف الأجداد” سنان أوغان.
إنجه هو المرشح الرئاسي للمرة الثانية الذي خسر أمام أردوغان عام 2018. وقد انفصل عن “حزب الشعب الجمهوري” في مارس وحصل على توقيعات كافية للانضمام إلى السباق الرئاسي على الرغم من مطالبته بالانسحاب من قبل الحزب.
وقال سنان أولجن، وهو دبلوماسي تركي سابق ورئيس مركز أبحاث “إيدام EDAM” ومقره إسطنبول، إن الانتخابات الرئاسية من المرجح أن تتجه إلى جولة ثانية، وذلك إذا حافظ إنجه في المقام الأول على مستوى دعمه المعتدل ولكن المؤثر.
وقد أظهر استطلاع أجراه معهد “ميتروبول” أنه من المرجح أن يدعم الناخبون كليتشدار في الجولة الأولى من الانتخابات، مع احتلال أردوغان المرتبة الثانية، يليه إنجه وأوغان. وبلغ تأييد كليتشدار أوغلو 42.6٪، وأردوغان 41.1٪. ومن المرجح أن يتحول عدد أكبر من الناخبين إلى كليتشدار أكثر من أردوغان إذا انسحب إنجه من السباق الرئاسي.