في عهد الرئيس الاسبق امين الجميل تفاقمت الازمة السياسية في البلاد، وكان يومها رئيس الحكومة الشهيد رشيد كرامي، الذي استقال من رئاسة الحكومة، وتعذر على الرئيس الجميل قبول الاستقالة لاستحالة تكليف رئيسٍ جديد لتشكيل الحكومة، في ظل المقاطعة « السنّية للعهد حينها!
فدخلت البلاد ازمة سياسية دامت قرابة ٧ اشهر، ولم تنتهِ الا باستشهاد الرئيس كرامي.
اليوم بلغت الازمة السياسية مبلغا يحاكي تلك الازمة، حيث يعتصم الرئيس الحريري بحبل التشكيل، وهو لن يتنازل عنه حتى إشعار آخر، حسب ما تنقل عنه مصادره. ولن يتيح المجال لاي شخصية س »نّية » سواه، لتشكيل « حكومة كيفما اتفق » على غرار حكومة حسان دياب المستقيلة.
دستوريا لا مهلة محددة للرئيس المكلف لتشكيل الرئيس الحكومة، حيث ان الدستور اللبناني ينص على ان يقوم الرئيس الملكف تشكيل الحكومة باستشارات نيابية غير ملزمة، ويقوم بالتشاور والتنسيق مع رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة.
لم يلحظ الدستور اللبناني استشارة رؤوساء الكتل النيابية من اجل تسمية الوزراء، او ممثلي الكتل النيابية في الحكومة، كما ان الدستور اللبناني لم يلحظ ما تعارف اللبنانيون على تسميته بالدمقراطية التوافقية، بحيث تتشكل الحكومات وفقا لرغبات الكتل النيابية، كماان الدسنور اللبناني لم يقسم الحكومة حصصا بين الكتل، ولم يلحَظ حصةً لرئيس الجمهورية. كذلك، لم يلحظ الدستور « ثلثا معطلا للحكومة ».
كل ما سبق اعراف فرضتها موازين القوى المختلة بفعل السلاح الايراني في لبنان، الذي فرض هذه الاعراف منذ العام 2005، بعد ان تولى حزب الله نيابة عن ايران، ونظام الوصاية السورية، إدارة العملية السياسية في لبنان، وفرض رؤساء للجمهورية وللحكومة والسياسات الاقتصادية والمالية وغيرها.
عقب انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان، خرج امين عام حزب الله حسن نصرالله على اللبنانيين ليعلن فرض الجنرال ميشال عون رئيسا للجمهورية، وقال مبتسما وساخرا، متوجها الى اللبنانيين والقيادات السياسية والنواب، بالقول: “إذا اردتم رئيس للجمهورية، انتخبوا الجنرال عون، وعندما تقتنعوا بانتخاب الحنرال عون رئيسا في الثانية يصبح لدينا رئيس للجمهورية، خذوا ما شئتم من وقت“، وهكذا كان، بحيث انعقد المجلس النيابي لاكثر من ٤٢ جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، نجح حزب الله بالتحالف مع التيار العوني،وقوى الثامن من آذار، في تعطيلها، بالتغيب عن حضور الجلسات- وصولا الى التسوية التي انتهت بانتخاب عون رئيسا بعد اكثر من سنتين ونصف من التعطيل والفراغ الرئاسي.
أزمة الحكومة اليوم، تحاكي ازمة رئاسة عون، حيث ان الرئيس الحريري يصر على تشكيل “حكومة مهمة” وفقا لبنود المبادرة الفرنسية، مؤلفة من وزراء مستقلين اختصاصيين، تتشكل من ١٨ وزيرا، مع مراعاة التوزيع الطائفي والمذهبي بين الوزراء.
يعتصم الرئيس الحريري بالصمت بشأن مسار مشاوراته مع رئيس الجمهورية بشأن التشكيلة الحكومية واسماء الوزراء. وتنفي اوساطه كل الشائعات والاشاعات بشأن التشكيلات الحكومية التي يتم تسريبها بين الحين والآخر، وبشأن إيكاله الى الثنائي الشيعي ورئيس الاشتراكي امر تسمية الوزراء الشيعة والدروز، واصراره على تسمية الوزراء المسيحيين.
« أخذ على خاطره »: باسيل طلب « تعويضَه حكومياً » عن « معافبته أميركياً » بسبب فساده!
وتشير اوساط الحريري الى انه ملتزم المبادرة الفرنسية بكل مندرجاتها، وانه مصرّ على المداروة في الوزارات، وخلاف ذلك لا صحة لاي شائعة او تسريب من اي نوع كان.
وتضيف اوساط احريري انه الى ان يقتنع الفريق المغطِّل لتشكيل الحكومة، سواءً « قائمقام بعبدا ميشال عون »، أو التيار العوني، الذي يصرُّ رئيسه « المعاقَب » جبران باسيل، على « تعويضه حكوميا » مقابل العقوبات المفروضة عليه اميركيا لفساده!
او حزب الله، الذي ينتظر الضوء الاخضر من طهران، لتسهيل عملية تشكيل الحكومة في لبنان.
والى حين يقتنع المعطلون بفشل مساعيهم تبقى الامور في لبنان معلقة بين « حكومة مستقيلة »، و »رئيس مكلف » لن يشكل حكومة تكون نسخة هجينة عن سابقاتها.