اتهم الحكومة الإيرانية بإغلاق حسابات تمول الحوثيين ورفَضَ التفاوض قبل السيطرة على مأرب
تسببت المبادرة السعودية لإنهاء أزمة اليمن، والتي لاقت دعماً دولياً واسعاً، في شرخ كبير داخل إيران، حسبما أكد مصدر رفيع المستوى بمكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني.
وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لـ «الجريدة»، إن حكومة روحاني تؤيد المبادرة السعودية التي تشمل وقف إطلاق النار تحت إشراف الأمم المتحدة، وإعادة فتح الخطوط الجوية والبحرية جزئياً، واستكمال العملية السياسية، وتعتبرها خطوة أولى جدية نحو إحلال السلام ووقف الحرب باليمن، لكن «الحرس الثوري» يعارض هذا التحرك السعودي، ويرفض تعامل إيران إيجابياً معه، مما أثر على موقف طهران الرسمي من المبادرة.
وأوضح أن الحكومة الإيرانية أعلنت، منذ بداية حرب اليمن، مبادرةً لحل الأزمة من أربعة بنود هي: وقف إطلاق النار أولاً، وفتح باب المساعدات الإنسانية ثانياً، ثم تشكيل طاولة حوار يمنية- يمنية، ليتفق الكل في النهاية على تشكيل حكومة ائتلاف وطنية يمنية.
ولفت إلى أن بنود المبادرة السعودية تشبه، إلى حد بعيد، تلك التي رفعها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد للأمم المتحدة في 2015، مضيفاً أن هناك اتجاهات في الحرس الثوري تسيطر فعلياً على القرار الإيراني في اليمن، تتجاهل أن المبادرة الإيرانية كانت تحظى بدعم المرشد الأعلى علي خامنئي، وتصر على معارضتها من باب مناكفة الحكومة فقط.
وظهر الخلاف بين الجانبين في أول اجتماع للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بعد بداية العام الإيراني الجديد، وعندما طُرِحت المبادرة السعودية على الطاولة، اعتبر ممثلو الحرس في المجلس، أن الموقف التفاوضي لجماعة «أنصار الله» الحوثية، المتحالفة مع طهران، سيصبح أقوى إذا تمكنت من السيطرة على مدينة مأرب آخر جيب للحكومة اليمنية الشرعية في الشمال، وأن معلوماتهم الاستخبارية والميدانية، تدل على أن جبهة القوى اليمنية المناهضة للحوثيين تواجه حالياً خلافات كبيرة، يجب السعي لاستغلالها قبل الدخول في أي مفاوضات.
وانعكس هذا التباين على موقف طهران الرسمي من المبادرة السعودية، فقد أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أنها تدعم أي خطة سلام في اليمن، بينما وصف السفير الإيراني في صنعاء، حسن إيرلو، المحسوب على «الحرس»، الخطوة السعودية بـ «مشروع حرب دائمة، واستمرار الاحتلال، لا إنهاء للحرب».
وكانت «الجريدة» توصلت إلى معلومات قبل إعلان المملكة مبادرتها، الاثنين الماضي، تفيد بأن «فيلق القدس»، الذراع الخارجية للحرس، أوصى الحوثيين بتجنب الجلوس على أي طاولة مفاوضات قبل «احتلال مأرب وشواطئ محافظة تعز»، ونجح أخيراً في إمداد الحوثيين بمحركات صواريخ، وطائرات مسيرة، ووقود صلب لمواصلة التصعيد.
وبحسب هذه المعلومات، فإن «الحرس» اتهم حكومة روحاني والمصرف المركزي الإيراني بالمساهمة في إقفال بعض الحسابات المالية الأوروبية، التي كانت تُستخدم لتمويل الحوثيين، وإغلاق بعض مراكز استخراج عملة البتكوين الرقمية، التي كان يستغل «الحرس» مداخيلها لدعم حلفائه اليمنيين.
واشتكى «الحرس» أن بعض الجهات الحكومية ساعدت إدارة بايدن والعُمانيين في عقد مفاوضات مسقط مع الحوثيين، رغم أن «الحرس» طلب منهم عدم التجاوب، مما أدى إلى ارتباك المتمردين الذين وجدوا أنفسهم أمام توصيات متناقضة آتية من إيران.
وبالعودة إلى مصدر مكتب روحاني، فقد فسر موقف «الحرس» وخلفه الأصوليون، بأنه محاولة لإبقاء جميع الأوراق في يدهم حتى الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في يونيو، لأنه في حال فوزهم بالانتخابات سيكون لديهم نقاط قوة في أي مفاوضات دولية أو إقليمية مقبلة.