استبعدت محكمة التمييز الجزائية في لبنان المحققَّ العدلي القاضي فادي صوان من التحقيقات في قضية انفجار مرفأ بيروت. وقررت نقل الملف إلى قاضٍ آخر. وكان صوّان قد وجه اتهامات لرئيس حكومة تصريف الأعمال وثلاثة وزراء سابقين.
.
صوّان كان اصدر استنابات قضائية للاستماع الى كل من رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، وكل من النائبين الحاليين الوزيرين السابقين علي حسن خليل للمالية، وغازي زعيتر للاشغال العامة والنقل، والوزير السابق يوسف فنيانوس، الذي تولى وزارة الاشغال العامة والنقل.
الاستماع الى المسؤولين الثلاثة، جاء على خلفية اهمالهم القيام بواجباتهم المهنية، ما أدى الى تخزين نترات الامونيوم في مرفأ بيروت وانفجارها لاحقا. علما ان القاضي صوان كان امر بتوقيف العديد من المسؤولين في مرفأ بيروت، من بينهم مسؤولين امنيين واداريين وفي مصلحة الجمارك على ذمة التحقيق، منذ قرابة سبعة اشهر. ولم يتم الادعاء على أي منهم حتى الآن في انتظار استكمال التحقيق.
قرار القاضي صوان، باستدعاء رئيس حكومة تصريف الاعمال، والوزراء خليل وفنيانوس وزعيتر، شابَتهُ ثغرات قانونية من بينها عدم استئذان المجلس النيابي لاستدعاء نائبين للاستماع اليهما، وعدم مراعاة الاصول القانونية في استدعاء رئيس حكومة سابق، إضافة الى عدم استئذان نقابة المحامين في ملاحقة ثلاثة محامين هم الوزراء الثلاثة.
الى ذلك سجّل رئيس المجلس النيابي نبيه بري اعتراضَهُ على قرار القاضي صوّان، واعلن النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر، انهما لن يمثلا امام القاضي صوان، في حين قال الوزير السابق يوسف فنيانوس انه سمثل!
بعد اعتراض المجلس النيابي وادعاء النائبين زعيتر وخليل امام محكمة التمييز بعدم صلاحية القاضي صوّان، اتخذت المحكمة قرارها بتنحيته عن الملف.
في الاسباب المعلنة ان صوّان صاحب مصلحة، كون زوجته تمتلك منزلاً في محلة الاشرفيه في بيروت، تضرر بفعل انفجار المرفأ. وان زوجته قبضت مبلغ 13 مليون ليرة لبنانية كدفعة اولى بدلا عن الاضرار التي لحقت بالمنزل. والسبب الثاني، الذي اثار ريبة المجلس النيابي والمحكمة في آن، تصريحٌ أدلى به صوّان، وفيه انه لا يعترف بحصانات ولا يتوقف عندها! وهذا ما اثار الخشية من ان يتجاوز صوّان صلاحياته القانونية ضارباً بعرض الحائط كل القوانين والحصانات الدستورية والقانونية الممنوحة بموجبها لمستحقيها.
هذا في الاسباب القانونية،
اما ما خفي فيعود الى جملة اسباب تظهّرت منذ قرار صوّان استدعاء الوزراء والرئيس للاستماع اليهم، وصدور قرار محكمة التمييز بتنحيته عن الملف وهي مهلة قاربت الشهر ونصف الشهر.
اول الاسباب، حسب ما ذكر محققون صحفيون لبنانيون تابعوا الملف داخل وخارج لبنان، ثبوت تورط رجال اعمال سوريين على علاقة بنظام بشار الاسد بشراء الامونيوم المنفجر في مرفأ بيروت!
وقد ذكر الصحافي سيمون ابي فاضل، ان احدى الشاحنات المحملة بالامونيوم كانت في طريقها الى سوريا عبر محلة ضهر البيدر اللبنانية، حيث تم توقيفها من قبل حاجز امني لبناني، الى ان اتصل احد الوزراء النافذين بالحاجز للافراج عن الشاحنة التي تابعت سيرها نحو دمشق. وذلك حسب محاضر التحقيق الموثقة لدى القاضي صوان، على ما ذكر ابو فاضل.
وقبل صدور قرار محكمة التمييز بيوم واحد، اطل امين عام الحزب الايراني في لبنان، معطيا « توجيهاته » للقاضي صوّان بضروة إقفال الملف واعلان نتيجة التحقيقات، بذريعة الافراج عن اموال التأمينات للمتضررين.
حديث امين عام حزب جاء بعد اتساع الشبهات بتورط مسؤولين سوريين في ملف الامونيوم. ما قد يضطر القاضي صوان الى تغيير مسار التحقيق، واقتصار البحث على « من اهمل » و« من لم يبلغ » و« من تبلغ ولم يقم بواجبه » من المسؤولين المتورطين في إخفاء حقيقة وجود الامونيوم وصولا الى الانفجار. وهذا، بدلاً من البحث من النقطة الاساس، وهي من استقدم النيترات والمواد المتفجرة الى المرفأ، ومن خزّنها، ومن أشرف على افراغ شحنات منها؟
وما اراده نصرالله من صوان هو اقتصار تحميل المسؤوليات في انفجار المرفأ على صغار الموظفين المودعين في السجن حاليا.
المعلومات تشير الى انه، خلال الفترة السابقة، تعرّض صوان لكمّ هائل من الضغوط والتهديدات، خصوصا بعد ان بدأت تتكشف خيوط تربط نظام الاسد بالأمونيوم المنفجر في بيروت، وتاليا تورّط مسؤولين لبنانيين في الاستقدام والتخزين والافراغ وتسهيل مرور الشحنات عبر الحواجز الامنية اللبنانية، فكان امام صوان خياران:
الاول، وهو الانصياع للضغوطات، وتجهيلِ الفاعل.
الثاني، وهو استعجال تخليه عن الملف، بما يحفظ كرامته الشخصية، اي ان يتم تنحيته عن الملف.
والمعلومات تشير الى ان صوان قرر اعتماد الخيار الثاني، فابلغ الوزير يوسف فنيانوس، خلافا لاصول التبليغ، وجوب مثوله يوم امس امام قاض التحقيق، وذلك في اتصال هاتفي، الساعة السابعة مساءً بصفة مدعى عليه وليس للاستماع الى اقواله! علما ان صوان كان اصدر مذكرة توقيف بحق فنيانوس، وكان سيوقفه في حال مثوله امام قاضي التحقيق.
كما ادعى صوان على رجال اعمال سوريين يشتبه بتورطهم في ملف الامونيوم.
ولان الامور ستخرج عن سيطرة صوان، خصوصا بعد مجاهرته بعدم اعترافه باي حصانات، فهو قال لكل المتورطين بملف المرفأ « اعفوني من هذا الملف »!
فكان له ما اراد!