«نصلي من أجل سلامة الأمير ونتمنى عودة سموه معافى… سريعاً»
أكد مطران الكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى الأنبا أنطونيوس أن الكنيسة تصلي من أجل الكويت، ومن أجل سلامة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وتدعو العلي القدير أن يرجع سموه إلى وطنه وشعبه سالما معافى في القريب العاجل، لقيادة البلاد نحو مزيد من التقدم والرخاء والسلام والاستقرار.
وأضاف الأنبا أنطونيوس، في حوار مع «الجريدة» بمناسبة زيارته الحالية للكويت, أن حكمة سموه في إدارة البلاد وسياسته الحكيمة انعكستا على سياسة الكويت التي لا تفرق بين الطوائف والأعراق، مؤكداً أن الحريات الدينية في الكويت مكفولة بدليل وجود كاتدرائية مار مرقس للأقباط الأرثوذوكس في حولي، وهي واحدة من أجمل الكاتدرائيات على الإطلاق، فضلاً عن الريادة الكويتية في مجال حقوق الإنسان.
وفيما يلي نص الحوار:
* بداية ما الهدف من زيارتك للكويت؟
– كما هو معروف لنا شعب قبطي في الكويت، وقد ائتمنني الله على هذه الرعية، ومن وقت إلى آخر يكون لي زيارات للاطمئنان على الرعية والشعب ومعرفة متطلباتهم واحتياجاتهم. ويقيم في الكويت عدد من الآباء القمامصة والقساوسة الموجودين هنا بشكل دائم لخدمة الشعب القبطي، لكنني أزور الكويت من حين لآخر، حيث إنها من البلدان التي أتولى رعايتها دينيا، وهي إلى جانب الكويت، سورية ولبنان والعراق والقدس والأردن.
* صف لنا مشاعركم تجاه الكويت وأميرها وشعبها؟
– نصلي باستمرار من أجل الكويت ومسؤوليها وإدارتها، وصاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد من الشخصيات المتميزة عالميا وعربيا، ومعروف عن سموه حكمته في إدارة البلاد، وقد انعكست سياسته الحكيمة على سياسة الكويت التي لا تفرق بين طائفة وأخرى وبين عرق وآخر.
وأرى أن المصريين الذين يقيمون في الكويت يشعرون بأنهم في وطنهم وعلى أرضهم وفي بلدهم الثاني، ولا يشعرون أنهم غرباء، وهو ما يدل على رحابة صدر الشعب الكويتي ومسؤوليه وعلى رأسهم صاحب السمو، ونصلي جميعا من أجل سلامة سموه ونتمنى له العودة السريعة السالمة إلى وطنه وعمله في قيادة البلاد نحو مزيد من التقدم والرخاء والسلام والاستقرار.
غبقة رمضان
*في شهر رمضان الماضي شاركتم في غبقة المحبة التي تنظمها كاتدرائية مارمرقس في الكويت سنويا، وكان لكم كلمة بالمناسبة، كيف رأيتم المشاركة المجتمعية وهذا التنوع اللافت في الغبقة؟
– يتميز شعب الكويت بأنه ودود ومحب للضيوف، ويتعامل معهم بود وطيبة شديدة ويعطيهم شعورا بأنهم أصحاب مكان لا ضيوف. وقد لمست خلال تلك الغبقة محبة غامرة تسود الجميع، وعمق العلاقات بين الكويت ومصر، فقد كنا في قاعة واحدة وطوائف متعددة ولم نشعر للحظة بأننا ضيوف في الكويت، ولكننا شعرنا أننا وسط أسرتنا وأهلنا وهذا ما يعطيه الشعب الكويتي للغريب.
ونحن ككنيسة قبطية نندمج في أي مجتمع ولا نعيش كمجموعة منغلقة على ذاتها، ولكن نتشارك في المجتمع الذي نعيش فيه ونشاركه أفراحه وأحزانه ومناسباته المختلفة.
حقوق الإنسان
*كيف تنظرون إلى تجربة الكويت في مجال حقوق الإنسان بشكل عام وفي مجال الحريات الدينية بشكل خاص على المستويين الرسمي والشعبي؟
– لست متعمقا في السياسة الكويتية، ولكن من خلال متابعتي البسيطة أرى أن الكويت رائدة في مجال حقوق الإنسان، وكل إنسان فيها يحصل على حقوقه التي يكفلها له الدستور والقانون. فكل إنسان له ما له من حقوق وعليه ما عليه من واجبات، كما تنص القوانين.
وقد تجد في دول أخرى أنك تفعل ما يجب عليك القيام بفعله، ولا تحصل على حقوقك، ولكن في الكويت كل إنسان يحصل على حقوقه وهي سمة من سمات المجتمعات المتطورة، التي تكفل للإنسان حياة كريمة.
أما الحريات الدينية فهي مكفولة في الكويت، وخير دليل على ذلك وجود كاتدرائية مارمرقس للأقباط بحولي، وهي كنيسة جميلة وتتسع لعدد كبير من الشعب يمارسون فيها طقوسهم الدينية بحرية تامة.
أحداث المنطقة
* تمر المنطقة بأحداث غاية في الدقة، كيف تنظر الكنيسة لهذه الأحداث وما رسالتكم للعالم من أجل السلام والاستقرار في العالم؟
– الكنيسة دائما تبحث عن السلام، وتصلي باستمرار من أجل إحلاله في العالم أجمع، ولكنها تترك الأمور السياسية لأهلها والمتخصصين فيها، ولكن حينما يكون العالم مضطربا نصلي أكثر من أجل سلام العالم، فالاضطرابات تحرم الشعوب من العمل والإبداع والابتكار والانجاز، وهذا هو الفارق بين منطقتنا وبين الغرب. وبعض المناطق التي ألقت السلاح جانبا وتفرغت للعمل والإنجاز والابتكار، أصبحت دولا متطورة وتسعى إلى مزيد من التطور والتقدم في الابتكارات والبحث العلمي لخدمة الإنسانية.
وإذا لم نتفرغ للعمل والابتكار والإنجاز سوف نظل قابعين في مؤخرة الركب، ونظل نستورد الثقافة والعلم والحضارة من الخارج. وحينما نبتعد عن الحروب سوف نتفرغ للبحث العلمي وتصدير العلم إلى الخارج، فهناك عقول عربية مبدعة وتساهم في الابتكارات التي تخدم البشرية في الغرب، وهو ما يدل على أننا مبدعون، ولكن بشرط توافر المناخ الملائم للإبداع والابتكار والإنجاز، فكثير من الاخترعات والابتكارات التي غيرت مجرى التاريخ كانت لعلماء عرب يعيشون في الغرب، ومثال على ذلك ما قام به العالم العربي المصري الراحل د. أحمد زويل الذي اخترع “الفيمتوثانية” لخدمة البشرية كلها.
* تتمتع الكنيسة المصرية في الكويت بعلاقات رائعة مع الدوائر الرسمية والشعبية في البلاد، ولها حضور مجتمعي ممتاز… كيف ترون مشاهد المحبة والألفة السائدة؟
– العلاقة بين الكويت ومصر والكنيسة المصرية القبطية متميزة جدا. وعلاقتنا قوية مع الدولة والمسؤولين، وهذا تجلى في زيارة قداسة البابا تواضروس الثاني قبل نحو سنتين، وهي زيارة تاريخية بكل المقاييس وتخللها استقبال حافل لقداسته. وكما قلت سابقا، فإن الكنيسة القبطية في الكويت منفتحة على الدولة والمجتمع الكويتي، وقد ساعدنا في ذلك أن الكويت تفتح أحضانها لتنمية العلاقات.
زيارة البابا
* في عام 2017 شهدت الكويت زيارة تاريخية لقداسة البابا تواضروس الثاني هي الأولى لبطريرك قبطي منذ قديم الأزل، رغم أن أول كنيسة كانت للأقباط خارج مصر وجدت في الكويت منذ عام 1961… كيف وجدتم انطباع البابا تواضروس عن تلك الزيارة؟
– البابا تواضروس الثاني أبدى سعادة غامرة وفرحة كبيرة بزيارته إلى الكويت، خصوصا أن صاحب السمو الأمير والمسؤولين والشعب الكويتي غمروه بمحبة كبيرة واستقبال رائع.
وقد استقبل صاحب السمو البابا خلال زيارته مرتين الأولى كانت بوجود الرئيس الفلسطيني محمود عباس والثانية بمفرده. وكانت زيارة تاريخية ومتميزة وودية بكل المقاييس.
ولا أعلم لماذا لم يزر أحد الباباوات السابقين الكويت، ولكن ما رأيته خلال زيارة البابا تواضروس الثاني إلى الكويت في أبريل من عام 2017 من حفاوة وحسن استقبال وكرم كبير من المسؤولين والشعب الكويتي يعطينا انطباعا بكرم الشعب الكويتي، وعلى رأسهم سمو الأمير، وهو ما أسعدنا جدا وأسعد البابا أيضا، ونحن ممتنون لذلك كثيرا.
* وهل تتكرر هذه الزيارة مستقبلا؟
– بكل تأكيد. وقد طلب من البابا تكرار الزيارة، ووعد بتلبية ذلك متى ما سمح الوقت لذلك.
*كلمة أخيرة؟
-أقول لكل مصري يعيش على أرض الكويت: كن سفيرا لبلدك وللإنسانية في الكويت، على قدر ما أعطتك الكويت من كرم وحفاوة وحقوق أعطها من مجهود وفكر وعمل، وكل ما تملك من إمكانات، ولا تبخل بأي مجهود على وطن استقبلك وفتح لك بابه وأحضانه، وأعطاك كل ما يملك.