عندما يسترد الخالق وديعة الحياة من الإنسان لا يأخذ معه من هذه الترابية الفانية غير زوادته الإيمانية.. حقيقة لا مفر ولا مهرب منها.
حبذا لو أن كل إنسان منا، كائن من كان، وفي أي موقع أو بلد كان، حبذا لو يعي دون أوهام أو أحلام يقظة ويفهم ويدرك بوعي وإيمان هذه الحقيقة، أي أن حياته على هذه الأرض هي مجرد ومضة عابرة.
نعم، ودون أوهام وقتل متعمد للذاكرة والواقع واستكبار، وانسلاخ مرّضي عن الواقع، وعبادة وثنية وصنمية ثروات الأرض من مال ونفوذ وعزوة وسلطة، فإن حياتنا هي ومضة وعابرة وقد تنتهي في أي لحظة.
فلو أدرك كل البشر وخصوصاً المسؤولين والقادة والأثرياء وأصحاب النفوذ والربط والحل ورجال الدين والنافذين هذه الحقيقة الثابتة والغير قابلة للتغيير أو التعديل، لكانت الأمور الحياتية والإنسانية لكل البشر وبرمتها، وعلى كافة الصعد، وفي كل المجالات، وفي كل البلدان، أفضل بمليون مرة مما هي عليه من مآسي وحروب ومنازعات ومؤامرات وتجويع وتهجير وإفقار وظلم وإرهاب وتعديات وطمع وفجع وجشع وارتكابات وتناطح غرائزي عبثي.
نعم وألف نعم فإن كل ما على هذه الأرض الفانية والترابية من ثروات بأنواعها وعلى اختلاف إشكالها هي كلها باقية عليها.
والإنسان المجبول جسده من تراب هذه الأرض عندما يسترد الخالق منه الروح التي هي وديعة الحياة فلن يكن بمقدوره أن يأخذ معه من ثروات هذه الفانية الترابية أي شيء.
جسده الترابي بعد أيام يتحلل ويأكله الدود ويعود إلى التراب الذي جبل منه، أما روحه الوديعة التي هي الحياة فتعود إلى أيدي خالقها حيث ساعة الحساب الأخير.
والإنسان بعد أن يغادر هذه الأرض لا يأخذ معه غير زوادته الإيمانية، أي أعماله التي إما أن تدخله منازل أبيه السماوية إن كانت صالحة، أو إن كانت طالحة تنزله إلى قعر جهنم حيث النار لا تنطفئ والدود لا يهدأ والعذاب الكبير لا ينتهي.
إن رمزية هذه الصورة التي جمعت اليوم في قصر بيت الدين الرئيس عون وزوجته والزعيم وليد جنبلاط وابنه النائب تيمور وزوجته هي حقيقة صورة مطلوبة وضرورية وتبعث الأمل وتفرح النفوس.
نعم، هي صورة تبعث الأمل بغد أفضل إن صدقت النوايا وأقترنت الأقوال بالأفعال، لأن كل ما يريده المواطن اللبناني المعذب والمقهور والمحروم من أهم مقومات الحياة الكريمة في وطنه هو الخلاص من النزاعات العبثية والتفات المسؤولين عن بلده ومصيره ولقمة عيشه إلى احتياجاته وإلى سلمه وإلى مستقبل أولاده.
ونعم وألف نعم لا سلاح أقوى من سلاح الحوار والتفاهم بقدسية الكلمة التي هي الله الذي تجسد.
ولا منطق أقوى من منطق العقل الذي هو جزء من عقل الله.
ولا أنجع ولا أرقى من تصرف حضاري وإيماني هو مبدأ قبول الآخر المختلف واحترامه.
ولا أقوى ولا أنجح من سياسي ومسؤول لا يريد لنفسه شيء، بل يريد كل شيء لشعبه ولوطنه.
للرئيس عون الذي عرفناه عن قرب طوال 16 سنة، نقول له بصدق وبمحبة أعدل واتكل على الله، وهو لا يخيب آمال من يتكل عليه.
ونقول للرئيس عون أيضاً وبمحبة وبصوت عال، يا عماد لا تنسى عطاءات ونضالات الأحرار والأشراف في زمن اللجوء الباريسي، ولا تظلم أحداً منهم لأن الله لا يحب الظالمين، ولا تسمح بفرض الغربة الظالمة على أي منهم عن وطنه وأهله.
وللزعيم جنبلاط نقول إن شجاعة الموقف هي ميزة لا تتخلى عنها، وأن التواضع كنز لا يفنى فحافظ عليه.
ربنا يهدي جميع قادة لبناننا الحبيب ويزرع وينمي في قلوبهم وعقولهم وضمائرهم نعم الإيمان والرجاء والمحبة والتواضع والعطاء والتضحية.
Phoenicia@hotmail.com
*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
رابط موقع الكاتب الألكتروني
http://www.eliasbejjaninews.com