(“بدنا بشارة، وبدنا رياض”! صورة لن تجدونها في مكاتب الحزب الإيراني!)
(نشر “الشفاف” النداء التالي في ٢٤ شباط/فبراير، ونعيد نشره بعد جلسة أمس الأربعاء في ١٤ حزيران/يونيو، وما تخلّلها من تآمرعلى النظام البرلماني قام به السيد نبيه برّي، ومن تخاذل موصوف لما يسمّى “المعارضة” في التصدّي له!)
تقديم:
١- وُضِع الدستور اللبناني في العام ١٩٢٦، في ظل الانتداب الفرنسي. لذلك كان الدستور شكلياً بوحود المفوض السامي، صاحب القرار النهائي.
إلا أن اللبنانيين كانوا متشوقين للسيادة الداخلية والخارجية، ما استدعى من الحكومة اللبنانية تعديل الدستور في ١٩٤٣. وفي ٢١ ايلول ١٩٤٣، انتُخب بشارة الخوري رئيساً للجمهورية رغم أنف « الإحتلال » الذي كان يريد فرض « إميل إدّه » رئيساً! أعلن رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الحكومة رياض الصلح الإستقلال التام. ارسل المفوض السامي الفرنسي، أي ممثل « الإحتلال » آنذاك، ضباطا لاعتقال (« إعتقال » وليس « إغتيال »!) رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وزعماء البلاد، وأصدر قراراً بتعليق الدستور.
انتصرت إرادة الأمة، واستقل لبنان! واعترفت كل دول العالم بلبنان « جمهورية مستقلة »!
٢– في العام ٢٠٢٣، علّق « الاحتلال الإيراني » الدستور، ومنعَ رئيس المجلس نبيه برّي من دعوة مجلس النواب إلى انعقاد دائم حتى انتخاب رئيس للجمهورية!
٣– بموجب المادة ٧٤ من الدستور، يمكن لأعضاء مجلس النوّاب الحالي، الذي انتخب قبل أقل من سنة، أن يجتمعوا « تحت أي سنديانة » إذا تمنّع رئيس المجلس نبيه برّي عن دعوة المجلس، وأن ينتخبوا رئساً للبلاد « بأغلبية صوت واحد »!
تنص المادة ٧٤ من الدستور اللبناني (وهو، إسمعوا جيّداً، الدستور العلماني الوحيد في الشرق الأوسط) على ما يلي:
- المادة 74 إذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئیس أو استقالته أو سبب آخر فلأجل انتخاب الخلف یجتمع المجلس فورا بحكم القانون وإذا اتفق حصول خلاء الرئاسة حال وجود مجلس النواب منحلا تدعى الهیئات الانتخابیة دون إبطاء ویجتمع المجلس بحكم القانون حال الفراغ من الأعمال الانتخابیة.
٤- إنتخاب رئيسٍ للجمهورية يقع الآن على عاتق « نوّاب الأمة »! مثلما وقع على عاتق « نواب الأمة » في العام ١٩٤٣ أن ينتزعوا الإستقلال الناجز! خصوصاً منهم من قالوا “جئنا للتغيير” ومن قالوا “نحنا بدنا ونحنا فينا”!
واجب « نوّاب الأمة » واضح:
حدّدوا « السنديانة » التي ستجتمعون تحتها.
اجتمعوا! هذا واجبكم “الوحيد” الآن! إبدأوا بــ ٣٠ أو ٤٠ نائبا. لا تخافوا! ولا تترددوا على السفارات! ضغط الرأي العام سيجبر النواب الآخرين على الإلتحاق بكم! اجتمعوا وانتخبوا “بشارة الخوري ٢٠٢٣” رئيساً للجمهورية!
إذا فشلتم استقيلوا، وقولوا مثلما نقول منذ سنتين: « لبنان خاضع للاحتلال الإيراني »!
دور المؤسسة العسكرية وقوى الأمن الداخلي
٥- واجب الجيش اللبناني، وقوى الأمن الداخلي، ووزير الداخلية، هو حماية هذه العملية الدستورية، أي حماية « نواب الأمة » إذا عزموا على القيام بواجبهم وانتخاب رئيس للجمهورية فوراً.
Leb٦– في حال قيام « نوّاب الأمة » بواجبهم الدستوري، بحماية الجيش الوطني والمؤسسات الأمنية الوطنية، فلن تقدر دولة عربية أو أجنبية « مؤثرة » على الوقوف بوجه الإرادة الوطنية الدستورية والصريحة. قوموا بواجبكم ولا تنتظروا اجتماع “الخماسية” في باريس! الرئيس الجديد، إذا انتخبتوه، سيحظى باعتراف عربي ودولي فوري.
*
“البلاغ الإنقلابي”
٧- انتهى عهد ميشال عون بإسقاط جميع المؤسسات الدستورية في البلاد! باستثناء المؤسسة العسكرية والأمنية! الجديد هو « البلاغ الإنقلابي » الصادر عن « الحَرَس » الإيراني، عبر جريدته الصادرة في بيروت، بهدف إسقاط آخر مؤسسة دستورية في البلاد!
ذلك هو المغزى الحقيقي لهجوم جريدة « الحَرَس » على قيادة الجيش، قبل يومين.
٨– إسقاط المؤسسة العسكرية–الأمنية يعني إسقاط ما تبقّى من حالة دستورية في لبنان! واستطراداً، خلق حالة فوضى وذعر تنتهي بتسليم رئاسة الجمهورية مجدداً إلى الحزب الإيراني! « البلاغ الإنقلابي » الصادر عن الجريدة « الحَرَسية » هو نسخة مكررة من إنقلاب « 7 أيار » الذي أخفقت قيادة الجيش في حينه (أي ميشال سليمان) في مواجهته.
٩– ينبغي مواجهة « الإنقلاب الجديد » بدون مواربة تحت طائل سقوط الجمهورية، وسقوط المؤسسة العسكرية (الجيش) والمؤسسة الأمنية (الأمن الداخلي).
وتحت طائلة “الحرب الأهلية”!
*
١٠– كيف؟
تبدأ المواجهة بخطوتين:
أولاً، أن يتداعى النواب “السياديون” و”التغييريون” إلى انتخاب رئيس جديد للبلاد بموجب المادة ٧٤ من الدستور، داخل مجلس النواب أو خارجه؛ كما فعل آباء الإستقلال في العام ١٩٤٣؛ (ماذا يفعل بعض نوّاب “التغيير” في أميركا أو أوروبا الآن؟ واجبهم “يقع” داخل الاراضي اللبنانية!)
ثانياً، أن تطلب القوى السيادية، أي القوى غير المرتهنة لإيران، من المؤسسة التنفيذية الوحيدة الباقية في لبنان أن تؤمّن حماية البلاد في فترة الفراغ الرئاسي-الحكومي، وأن تؤمن حماية عملية إنتخاب رئيس جديد للبلاد بصورة دستورية! وهذا، أصلاً، هو واجب المؤسسة العسكر ية-الأمنية!
١١– ينبغي أن تنضم ما يسمّى « الهيئات الروحية » في البلاد، أي البطريركيات المسيحية، ودار الإفتاء، ومشيخة العقل وغيرها إلى مطلب « حماية العملية الدستورية من جانب الجيش وقوى الأمن ». وإذا لم تنضمّ بعض هذه « الهيئات الروحية » (المسيحية خصوصاً، والمارونية بالأخص!!!) فينبغي الضغط عليها لكي تفعل!
١٢– الهدف، إذاً، هو حماية العملية الدستورية من الانقلاب الإيراني! وليس تسليم السلطة للجيش أو لقائد الجيش! وليس الهدف، طبعاً، رفع شعار « الجيش هو الحل »، لأن الجيش ليس الحل! يكفي البلاد كوارث إميل لحود وميشال سليمان والكارثة الكبرى عهد ميشال عون–جبران باسيل–وفيق صفا!
١٣– إذا كان الهدف هو حماية « الدستور »، فالمطلوب التوقّف عن « التكتكات » من نوع انه « لا مانع من وصول قائد الجيش إلى الرئاسة »، كما فعل الدكتور سمير جعجع! المطلوب من الجيش أن يقوم بواجبه الدستوري، وليس « رشوته » بتعيين قائده رئيساً! قائد الجيش « مرشّح » مثل غيره بحكم الأمر الواقع، وبحكم « عُرف » درجت عليه البلاد منذ سقوطها تحت « الاحتلال السوري » ثم تحت « الاحتلال الإيراني »!
يُحظى قائد الجيش الحالي، العماد جوزيف عون، باحترام وتقدير عام في البلاد لأنه أمَن « حماية الحركة الإحتجاجية » التي انطلقت في تشرين الأول/أكتوبر 2019، وهذا كان واجبه! ولكن ذلك لا يعني « تسليم الرئاسة » إلى قائد الجيش بدون « دفتر شروط وطني ودستوري لبناني »- حتى لا تتكرر تجرية تسليم الرئاسة لميشال عون مع كأس شمبانيا.. في الرابية!
١٤– القوى المؤهلة لمطالبة المؤسسة العسكرية–الأمنية بحماية الدستور وبحماية عملية انتخاب رئيس للجمهورية هي القوى السيادية والرافضة لِـ”الإحتلال الإيراني”: أي « لقاء سيدة الجبل » و « المجلس الوطني لرفع الأحتلال الإيراني »، وحزب الكتائب، والحزب الاشتراكي، والجبهة السيادية والقوات اللبنانية، ومن أراد من « نواب التغيير »!
١٥– المطلوب هو أن يصدر عن هذه القوى والشخصيات « نداء إلى المؤسسة العسكرية والأمنية لحماية العملية الدستورية »، ونداء إلى « الهيئات الروحية » للمشاركة في تأمين التغطية السياسية لهذه العملية! وأن يعقب “النداء” تحرّك عملي واجتماعات مع القيادات العسكرية والأمنية لوضعها أمام مسؤولياتها.
*
هل هنالك سوابق تاريخية-دستورية لهذا الدور؟
١٦- السوابق موجودة، والعرف هنا هو بقوة الدستور: في 1952، استقال الأب المؤسس للجمهورية، الشيخ بشارة الخوري؟، وسلّم السلطة، لمرحلة إنتقالية، للأب الثالث (بعد الزعيم رياض الصلح) للجمهورية، العماد فؤاد شهاب. وتولى فؤاد شهاب رئاسة الجمهورية بطريقة دستورية. وحينما آذنت ولاية الرئيس أمين الجميل بالإنتهاء دون انتخاب رئيس جديد (بسبب الاحتلال السوري) سلّم الرئيس الجميّل قيادة البلاد إلى قائد الجيش ميشال عون الذي « خان واجبه الوطني » وسعى للإنقضاض على الرئاسة والبلاد بالقوة، فكانت الكارثة الكبرى!
*
الجيش لن ينشقّ!
١٧– إطمئنوا! الجيش لن ينشق، كما هدّدت الجريدة « الحَرَسية » الصادرة في بيروت تلميحاً! الجيش لن ينشق إذا قامت قيادة الجيش وقيادات الأمن الداخلي بواجبها! لو كان باستطاعة الحزب الإيراني ان يشقّ الجيش، فلماذا فشلَ في قمع انتفاضة الشيعة في النبطية وصور والبقاع والهرمل في ٢٠١٩؟ ألا تذكرون كيف هاجم “الشيعة شيعة” مكاتب وشخصيات الحزب الإيراني في الجنوب والبقاع والهرمل؟
لكن الجيش يمكن أن « يسقط » إذا لم يقم بواجبه! وإذا « سقط الجيش » فـ »الحرب الأهلية » ستكون الحصيلة المؤكدة!
١٢– انشق الجيش في الماضي، في ١٩٥٨، في عز صعود « الناصرية »، حينما كان السنّة والشيعة والدروز وقسم من المسيحيين يريدون « الوحدة العربية » التي يرفضونها كلهم اليوم! هذه المرحلة انتهت! وانشق الجيش في ١٩٧٦، في ذروة صعود « منظمة التحرير » وفي ظل الاحتلال السوري–الفلسطيني!
الجيش لن ينشق الآن لأن الحزب الإيراني وتابعه “الأملي” لا يمثلان أكثر من 15 بالمئة من الشيعة اللبنانيين! ولأن اللبنانيين « لاحظوا » أن نظام « الخامنشاه » يمكن أن يسقط في أية لحظة!