وحدها “الثورة اللبنانية المستمرة” ستفرض التعرّض لـ”البقرات المقدّسة” للفساد والهدر!
إذا نجح الرئيس سعد الحريري في “تشكيل” حكومته كما يريدها هو، فستكون هذه “سابقة حريرية” لأن كل الحكومات التي شكّلها والده، رفيق الحريري، أو التي شكّلها هو نفسه، كان معظم وزرائها “مفروضين عليه”، بل ومهمتهم.. العرقلة!
وفي حال نجاحه بتشكيل الحكومة التي يريد، كما توحي الأجواء السائدة، فهل سيجرؤ رئيس الحكومة المُعاد تكليفه على مواجهة “البقرات المقدسة” لـ”الفساد” و”الهدر الحكومي”، وفي طليعتها “سعر الكهرباء”، و”مجلس الجنوب” و”وزارة المهجرّين” و”كازينو لبنان”.. ومؤسّسات اخرى غرضها الحقيقي تمويل “المتنفّذين السياسيين؛ وكذلك، “مقتطعات” حزب الله من جمارك المرفأ، وجمارك المطار، والمعابر غير الشرعية مع سوريا؟ وهذا عدا “الكسّارات”، ووضع اليد على “مشاعات القرى” وغيرها من “منافع” الطبقة السياسية الحاكمة!
إذا تجرّأ، فسيكون “الوفر” أكبر بكثير من رقم ٦ مليار دولار “السحري”! ولكن الأرجح أن مواجهة ملفات “البقرات المقدّسة” المذكورة ستكون أكبر من قدرة أية حكومة مقبلة، وستقع على عاتف “الثورة اللبنانية” أن تظل في الساحات والطرقات لتفرض على “الحكام” التصدّي لها!
مع ان الدستور اللبناني لا يلزم الرئيس بمهلة لبدء الاستشارات فالرئيس عون، حتى الآن، لا يبدو على عجلة من امره! فبعد انقضاء اربعة ايام على استقالة الحكومة لم يصدر القصر الرئاسي اي بيان يحدد فيه موعد بدء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف. وهذا، في حين كان المطلب الأول للمحتجين في الساحات هو حكومة من الاخصائيين تنكب على معالجة التدهور الاقتصادي خصوصا ملف الكهرباء، الذي يستنزف الخزينة اللبنانية باكثر من ملياري دولار سنويا.
“حكومة الاخصائيين” تعني حكما استبعاد وزير الخارجية وصهر الرئيس المدلل جبران باسيل، الامر الذي يرفضه باسيل ومن خلفه الرئيس الذي يعتبر ان صهره هو خط الدفاع الاول عنه، ويرشحه لخلافته في رئاسة الجمهورية. واي استبعاد لباسيل عن التركيبة الحكومية يعني اصدار حكم باعدامه سياسيا، خصوصا ان الحكومة المقبلة لن تتغير قبل ان ينتهي عهد الرئيس عون، ما يعني حكما حجبَ باسيل عن المسرح السياسي للسنوات الثلاث المقبلة، علما ان المحتجين شتموا باسيل على مدي الايام السابقة، وحمّلوه مسؤولية ما آلت اليه الاوضاع في سابقة لم يشهد لبنان مثيلا لها في الاجماع على شتم مسؤول في الدولة!
امين عام حزب الله حسن نصرالله أدلى اليوم بدلوه في الشأن الحكومي، فأدخل مصطلحا سياسيا مبهما على السياسة اللبنانية مطالبا بحكومة “سيادية“! من دون ان يحدد مفهوم السيادية للحكومة وكيف يمكن تشكيل مثل هكذا حكومة.
رئيس حزب الفوات اللبنانية طالب اليوم بحكومة اخصائيين معلنا عدم رغبة القوات في المشاركة قي التركيبة الحكومية اذا كانت من الاخصائيين إفساحا في المجال امام استبعاد السياسيين عن الحكومة تسهيلا لعملها بعيدا عن المناكفات السياسية وتسجيل النقاط بين الافرقاء السياسيين.
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط طالب بدوره بحكومة اخصائيين مشيرا الى ان الحزب في حاجة الى فترة من الراحة بعيدا عن الحكومات، لاعادة قراءة المرحلة المقبلة.
الرئيس المستقيل سعد الحريري يلتزم الصمت وهو يجري اتصالات بعيدا عن الاضواء، وقال إنه مستعد لترؤس الحكومة المقبلة إذا أسفرت الاستشارات النيابية عن تسميته، من دون ان يحدد شكل الحكومة المقبلة التي سيرأسها او التي سيوافق على تركيبتها بوصفه يرأس ثاني اكبر كتلة نيابية.
مصادر قريبة من الرئيس الحريري رجحت ان تتم إعادة تكليف الحريري بتشكيل الحكومة المقبلة، منتصف الاسبوع المقبل. وتسقط حجة استبعاده عن رئاسة الحكومة لانها حكومة تكنوقراط، في ظل تولي رئيس حركة امل رئاسة المجلس النيابي، ورئيس التيار العوني ميشال عون رئاسة الجمهورية. وبالتالي ليس هناك ما يحول دون ترؤس الحريري الحكومة المقبلة حتى وإن كانت من الاخصائيين وليس من السياسيين.
وتضيف المصادر ان شكل الحكومة المقبلة، سيكون مختلطا بين سياسيين من غير الصف الاول، أي من الاسماء التي لا تستفز المواطنين والمحتجين على حد سواء، وأخصائيين في وزارات الخدمات وتلك التي تحتاج الى ترميم وإعادة هيكلة خصوصا وزارة الطاقة. واستبعاد سياسيي الصف الاول من الحكومة يعني حكما ان باسيل لن يكون وزيرا للمرة الاولى منذ العام 2005، وللمفارقة في العهد الذي يترأسه التيار العوني الذي يرأسه باسيل خلفا لعمه رئيس الجمهورية.
وتشير المصادر الى ان التشكيلة المرتقبة للحكومة هي الاقرب الى التعديل الحكومي الذي طلبه الرئيس الحريري في اول محاولة له للرد على مطالب المحتجين، إلا أن هذه المحاولة جوبهت برفض الوزير باسيل والرئيس عون، بحجة ان الاحتجاجات سوف تنتهي خلال ساعات.