بعد طي أربعة عقود من التهديدات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، وما تخلله من نشاطات عملية وبشکل خاص من جانب إسرائيل ضد إيران، وتهديد الأخيرة بأنها سترد ردا صاعقا وماحقا، يبدو أن الأمور وفي ظل الأحداث والتطورات الجارية تسير باتجاه مواجهة مرتقبة طال انتظارها بين الطرفين! خصوصا بعد أن بات الحديث بشأنها بين مختلف الأوساط السياسية والإعلامية يتزايد، مع ترجيح اندلاع حرب بين الطرفين يمکن أن تتعدى حدود البلدين لتشمل دولا أخرى في المنطقة.
استفزازات متبادلة بين إيران وإسرائيل
سخونة المشهد الحالي له أسبابه وعوامله المختلفة، علما بأننا لانعلم جيدا إذا مالفتنا الأنظار إلى أن إيران ومنذ إطاحتها بالنظام الملکي، فإنها غيرت اتجاه بوصلة التعامل مع إسرائيل واتخذت حالة عداء مفرط معها، حيث يصل إلى حد ومستوى”الحياة والموت”، والذي لفت الأنظار أکثر إلى جدية التصميم الإيراني قيامها بتغذية مشاعر معاداة إسرائيل والسعي من أجل زوالها إلى أذرعها في بلدان المنطقة، إلى الدرجة التي جعلت إسرائيل تتوجس ريبة من کونها في مواجهة جبهة متقدمة لإيران إن صح التعبير في أية حرب يمکن أن تندلع بينهما. بقدر ماقامت إيران باستفزاز إسرائيل بشعاراتها المعادية لها وبأذرعها التي تتوق للمواجهة معها، فإن إسرائيل قد ردت بأساليب لاتقل استفزازا عن أسلوب إيران، وذلك عندما قامت بأعمال ونشاطات في العمق الإيراني، بل وفي طهران ذاتها ولانريد أن نعيد المسلسل المعروف الذي قامت به إسرائيل بهذا الصدد، لکن الأهم من ذلك أنها ببصمات واضحة لها، وکأنها قد ردت الصاع صاعين لإيران.
في ظل المتغيرات الراهنة، وقوع حرب إسرائيلة-إيرانية محتمل الوقوع
مشکلة إيران أنها تواجه أوضاعا صعبة جدا، داخليا وخارجيا، وتعيش عزلة غير مسبوقة إلى جانب ملاحظة بالغة الأهمية، وهي أن التحالف الاستراتيجي القائم بين تل أبيب وواشنطن مقارنة بالتحالف القائم بين إيران وکل من روسيا والصين، ليسا بنفس المستوى من القوة والتماسك. ذلك أن هناك حدودا تأخذها کل من موسکو وبکين بعين الاعتبار في هذا التحالف، فيما أنه في الحالة الإسرائيلية ـ الأمريکية يمکن وصفها ب”بدون حدود”!
يمکن القول بأن الحرب مع إسرائيل في ظل الظروف والأوضاع الحالية التي تمر بها إيران، قد تکون بمثابة عامل”خير” لها کما کان الحال مع حرب الثمانية أعوام مع العراق عندما قال عنها الخميني حينها: “الخير فيما وقع”! لکن اليوم ليس کالبارحة، وقد لايتکرر نفس السيناريو، لا سيما وأن الخميني کان يمتلك کاريزما والنظام کان في أيامه الأولى. أما خامنئي فمن المٶکد أنه، إضافة الى عدم امتلاکه کاريزما، فإن النظام قد فقد نضارته ولم يعد يلفت الأنظار إليه، بل على العکس من ذلك تماما.
إحتمالات المواجهة بين الطرفين محتملة وفي نفس الوقت غير محتملة، لکن من المٶکد أنها إذا ما وقعت فلا يمکن التصور بأنها ستحسم سريعا!
@Hanemaliki