محمد باقر قاليباف، أصبح في ٢٨ مايو (٨ خُرْداد بالتقويم الفارسي) رئيس الدورة الأولى لمجلس الشورى (البرلمان) في دورته الـ١١.
لديه خبرة ٤٠ عاما في الأنشطة السياسية والاقتصادية والعسكرية وفي إدارة المدن، لكن في الـ١٥ عاما الأخيرة ارتبط اسمه قبل أي شيء آخر بملفات فساد اقتصادي كبيرة.
“العميد” جنرال قاليباف، هو أول “عميد” يتبوأ مقعد رئيس بلدية طهران، كما أنه أول “عميد” يتقلد منصب رئيس مجلس الشورى، وهو أول قائد في الحرس الثوري يصبح رئيسا لإحدى القوى الرئيسة الثلاث في إيران.
وبما أنه حاليا رئيس لمجلس الشورى، أصبح من المؤكد صعوبة فتح ملفات الفساد الاقتصادي المرتبطة به وبأسرته وأقربائه وأصدقائه أيضا، كما أن هذه الملفات لم تُفتح بصورة رسمية خلال ١٥ عاما الأخيرة ولم يتم استدعاء صاحبها للمثول أمام السلطات القضائية.
أول ملف فساد اقتصادي كبير لقاليباف، مرتبط بفريقه الانتخابي أثناء الانتخابات الرئاسية عام ٢٠٠٦. إذ كشفت التقارير عن وجود صفقة بين فريقه وبين مهربين كبار للمخدرات والوقود، يقوم المهربون بموجبها بمساعدة الحملة الانتخابية لقاليباف فيما يساهم هو في إطلاق سراحهم. وعلى الرغم من أنه لم تتم إثارة هذا الملف، إلا أن الأكثر غرابة هو قيام شخصيات نافذة بالنظام بالتستر على الملف.
بات هذا الملف حديث الساحة السياسية في إيران أثناء حملة الانتخابات الرئاسية عام ٢٠١٧، حينما أثار الرئيس الإيراني حسن روحاني ذلك في مناظرة تلفزيونية مع قاليباف. وقال روحاني أنه تم طرح هذا الملف باجتماعات مجلس الأمن القومي، وأنه هو الذي منع أي حديث حوله.
كما وجه روحاني اتهاما آخر لقاليباف في المناظرة، قائلا إنه كان من المحرضين على استخدام أشد للقوة ضد التظاهرات الطلابية في تسعينات القرن الماضي. وفي محاضرة لقاليباف، وانتشر في شريط صوتي، قال فيه إنه وقائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني كانا يضربان الطلبة المتظاهرين بالعصا “وكأن الشارع ينتفض للدفاع عن المرشد“!
عبدالله رمضان زاده، المتحدث باسم حكومة الرئيس محمد خاتمي، سعى مرارا إلى إثارة ملف مهربي المخدرات والوقود في منصات وسائل التواصل الاجتماعي، حتى أنه تحدث عن اعتقال شقيق قاليباف والتحقيق معه لصلته بالملف، غير أن الصحافة الإيرانية لم تجرؤ على متابعة الموضوع، والسلطة القضائية لم تهتم بمتابعة الملف.
وحتى حينما تم التحقيق مع عيسى شريفي نائب قاليباف في رئاسة بلدية طهران ومحاكمته بقضايا فساد اقتصادي، لم يتم استدعاء قاليباف للمحكمة. ورغم أن شريفي لا يزال في السجن منذ ثلاث سنوات، إلا أنه لم تجر محاكمة علنية له ليرد على الإتهامات الموجهة إليه، وبالتالي لم يسمح للرأي العام الإيراني التعرّف على دور رئيس بلدية طهران في ملف الفساد الاقتصادي لنائبه.
وفي ملف فساد اقتصادي يتعلق بتجارة العقارات الفارهة ذات الأسعار الباهظة، تمت محاكمة الناشط ياشار سلطانى الذي أثار تفاصيل فساد هذا الملف بدلا من محاكمة قاليباف.
كما تم الكشف عن مخالفات جسيمة في بنك “شهر وسرمايه” الذي تقع مسؤولية إدارته بعهدة بلدية طهران أثناء رئاسة قاليباف، غير أنه لم يتم استدعاء قاليباف للتحقيق معه في هذا الملف.
وفيما يتعلق “بمؤسسة الإمام الرضا للعمل الخيري“، حيث زوجته زهراء مشير هي أحد المدراء فيها، حوّل قاليباف إلى المؤسسة مبلغا وقدره ٦٠ مليار تومان (٣ ملايين و٦٠٠ الف دولار) بصورة مشبوهة. هذا ناهيك عن الاتهامات بالفساد التي وُجهت إلى نجله إلياس بخصوص هذا الملف. ورغم كل ذلك، لم يتم استدعاء قاليباف للمحكمة.
ويحظى قاليباف بعلاقات متينة مع المرشد آية الله علي خامنئي ومع مكتبه وكذلك مع قيادات كبيرة في الحرس الثوري. ورغم أن الكثيرين في إيران يعتبرونه “أفسد عميد”، إلا أن تلك العلاقات تقف بوجه التوقعات التي تتحدث عن إمكانية محاكمته في قضايا الفساد الاقتصادي، خاصة وأنه أصبح راهنا رئيسا لمجلس الشورى، وقد يسعى في المستقبل للوصول إلى منصب رئيس الجمهورية.
ترجمة “شفاف”
*ملخص لمقال للكاتب نُشر في موقع “إيران فردا”: whatsapp://send?text=https%3a%2f%2fwww.radiofarda.com%2fa%2fanalysis-on-new-parliament-speaker-ghalibaf%2f30638937.html