برّر محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني، دفاعه عن فكرة منح “مزيد من الصلاحيات السلطوية” لروحاني، بأن ذلك يعطيه القدرة على “اتخاذ قرارات سريعة تجاه القضايا”. لكن سرعة اتخاذ القرارات ليست هي المشكلة التي يعاني منها الرئيس على ما يبدو، بل معاناته إن صح التعبير تكمن في عدم قدرته على اتخاذ القرارات.
من شأن مسألة منح المزيد من الصلاحيات لروحاني، أن يصطدم بالصلاحيات الواسعة لمرشد الثورة آية الله على خامنئي، خاصة اتخاذ القرارات تجاه القضايا الاستراتيجية والمسائل الخلافية الحساسة. وهو ما يرشّح لحدوث نزاع بين الاثنين، أو بين فريقين سياسيين فكريين إن صح التعبير، والذي من شأنه أن يطرق باب التشكيك في صحة تراتبية مفهوم السلطة في الدستور الإيراني والقائمة على “محورية الولي الفقيه الدين/سياسية“.
وفي ظل ازدياد الضغوط الخارجية على إيران بعد الإنسحاب الأمريكي من الإتفاق النووي، وبسبب تدخل طهران التوسعي في بؤر النزاع بالمنطقة بمعيّة تطويرها لمنظومة من أسلحتها لا سيما الصواريخ الباليستية، اعتبر الرئيس الإيراني يده مغلولة لمواجهة هذه الضغوط المؤثرة على الأوضاع الإقتصادية والتجارية، حيث طالب بمزيد من الصلاحيات لاتخاذ قرارات “سريعة وصحيحة” تساهم في معالجة المشكلات الناجمة عنها.
وعارضت صحيفة “كيهان” المتشددة والخاضعة لإدارة مكتب المرشد، مطلب الرئيس الإيراني، واعتبرت بأنه يصب في إطار “الوعود الكاذبة” لروحاني في حل المشكلات. واستشهدت بوعوده المتعلقة في حل المشكلات بعد الإتفاق النووي، ثم وعوده الراهنة بحل المشكلات بمنحه المزيد من الصلاحيات في اتخاذ القرارات.
وبينما قال نواب متشدوون في مجلس الشورى إن الصلاحيات التي يملكها الرئيس الإيراني لحل المشكلات كافية ولا يحتاج إلى توسيع، طالب مراقبون ينتمون للجناح المحافظ روحاني بتوضيح مطلبه بصورة شفافة! وتساءلوا عمّا إذا كان الرئيس يشعر بعدم امتلاكه السلطة الكاملة على قضايا السياسة الخارجية أو أن هناك تدخلات من أطراف معينة تمنعه من تنفيذ سياساته، ما اعتبره المحللون تلميحا واضحا لكي يسمي روحاني الأشياء بمسمياتها، وأن يشير بصراحة – إذا كان قادرا على ذلك – إلى تدخلات المرشد والمؤسسات المؤيدة له في القرار المتعلق بالسياسة الخارجية.
من المصاعب الأساسية التي يعاني منها أي رئيس إيراني في إدارة البلاد وفي كيفية تنفيذ سياساته الداخلية والخارجية، سواء كان روحاني، أو حتى خامنئي نفسه أثناء ولاية المرشد السابق آية الله الخميني، أنه مسؤول عن سلطات وسياسات وقرارات من السهولة على آخرين التدخّل فيها لعرقلتها أو تسييرها حسب توجهاتهم الأيديولوجية ومقتضياتها من مصالح معينة.
فإضافة إلى إمكانية تدخل المرشد في منع أو تغيير أو تهميش أو عرقلة سياسات الرئيس أو خطط الحكومة، فإن العديد من المؤسسات التي يتم “تعيين” أفرادها من قبل المرشد، كمؤسسة الحرس الثوري، و”مجلس تشخيص مصلحة النظام”، تستطيع التدخل في إدارة البلاد وعرقلة عمل مؤسسات “منتخبة” كمؤسسة الرئاسة. حتى أن “المعيّنين” ومؤسساتهم يتمتعون بصلاحيات كبيرة، لكنهم غير مسؤولين عن سياساتهم وقراراتهم، وفي أحيان كثيرة لا يجدون أنفسهم ملزمين بالإمتثال للقانون. في حين أن “المنتخَبين” ومؤسساتهم يتمتعون بسلطات محدودة وصلاحيات قليلة في ظل مسؤوليتهم الكبيرة في الإمتثال للقانون، الأمر الذي يشير بوضوح إلى وجود أزمة في كيفية إدارة البلاد.
لذلك، يبدو إصلاح الحكم في إيران، حسب الأستاذ الجامعي في طهران “صادق زيباكلام”، أهم من المطالبة بتوسيع الصلاحيات السلطوية للرئيس، إذ “بدلاً من ذلك، على روحاني أن يقوي جبهة المؤسسات المنتخبة، وأن يواجه المسؤول عن تقوية جبهة المعيّنين (خامنئي)”. مضيفا: “الطريق الصحيح هو أن يحاول السيد روحاني العودة إلى الدستور”. لكن، كيف يمكن أن تكون العودة إلى الدستور هي المخرج لهذا المأزق؟..
fakher_alsultan@hotmail.com
*كاتب كويتي