الصورة: نوري المالكي مع حسن نصرالله وعضو المجلس السياسي في حزب الله الشيخ محمد كوثراني
أظهر نص أرسله الخبير العراقي المغدور هشام الهاشمي إلى عدد من أصدقائه، قبل اغتياله في بغداد الأسبوع الماضي، أنه كان يعد دراسة حول قيام مقربين من «حزب الله» اللبناني بتعاملات مالية في العراق لتمويل الحزب في لبنان وتمويل «الألوية الولائية»، أي ميليشيات «الحشد الشعبي» العراقية الموالية لإيران.
وقدّر الخبير في شؤون الأمن والجماعات المسلحة، أن هذه التعاملات في العراق تعود على «حزب الله»، بنحو 300 مليون دولار سنوياً.
وأوضح إن دراسته اعتمدت «على مجموعة من المصادر المتنوعة، منها وثائق للاستخبارات العسكرية العراقية رُفعت عنها السرية، وسجلات مكالمات هاتفية، ومقابلات مع ضباط ومسؤولين عن التجسس وعن مكافحة نشاطات غسيل الأموال لجماعات شيعية في عدد من الدول».
ويتمحور تقرير الهاشمي حول شبكة قوامها القيادي في «حزب الله» اللبناني م. ك، وع. ك. ويعتقد أنها تضم أيضاً القيادي في «حزب الدعوة الإسلامية» ع.م. وهو من عراقيي «التابعية» ممن قام صدام حسين بترحيلهم إلى إيران ثم انتقل بعدها إلى بيروت، حيث سكن وعمل فيها، وحيث توطدت علاقته بمسؤولي الحزب.
إلى هؤلاء، أضاف الهاشمي، ي. م. الذي وصفه بمشغّل أموال في الدنمارك والسويد وشرق آسيا. «هذه الخلية واسعة النفوذ، وتتحكم بإجازات المصارف ومحلات الصيرفة وشركات التحويلات الكبيرة»، وتلعب دوراً محورياً في «حرب الظل بين إيران، من جانب، وأميركا وحلفائها، من جانب آخر»، بحسب تعبيره.
ويعاني العراق من اهتزاز صورته المالية أمام المجتمع الدولي. وكانت المفوضية الأوروبية عقدت مباحثات للنظر في إمكانية تصنيف العراق على غرار أفغانستان، وباكستان، وسورية، واليمن، وإيران وكوريا الشمالية، أي الدول التي تشكل مخاطر مالية على الاتحاد الأوروبي بسبب قصورها في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
كما يعاني العراق من مأزق اقتصادي يتمثل بقطاع عام متضخم فيه نحو أربعة ملايين موظف، يكبدون الخزينة مصاريف تصل إلى أربعة أو خمسة مليارات دولار شهرياً، في وقت تعاني المداخيل، التي تعتمد على النفط حصراً، من انخفاضها بسبب انخفاض سعر النفط عالمياً، وهو ما يدفع بغداد للاستعانة بالمجتمع الدولي للحصول على قروض ميسرة، يشترط الحصول عليها إصلاحات، منها مكافحة تبييض الأموال، خصوصاً الذي يموّل مجموعات تصنفها أوروبا وأميركا إرهابية.
وحاولت بغداد، ثني الأوروبيين عن إدراج العراق على القائمة السوداء، فأرسل وزير الخارجية فؤاد حسين، الأربعاء، إلى نظرائه الأوروبيين يحضهم على رفض قرار مفوضية الاتحاد إدراج بلاده ضمن قائمة الدول العالية المخاطر لأن العراق «نفّذ على مر السنوات (الماضية) قوانين، وقام بإجراءات، ساهمت في مكافحة تبييض الأموال… وتخفيف المخاطر المرتبطة بها».
وفي هذا السياق، أحاط الكاظمي نفسه بفريق هدفه وقف تبييض الأموال، وهو ما يحرم الميليشيات الموالية لإيران، مبالغ ضخمة. وإلى حسين، ووزير المالية علي علاوي، تتألف خلية إصلاح الوضع المالي ومكافحة تبييض الأموال من اللواء فائز المعموري، الذي عينه الكاظمي، الأربعاء، مديراً للاستخبارات العسكرية، خلفاً للفريق جميل الشمري. كما عين العميد حمد الجبوري مديراً لإدارة الوثائق العسكرية.
وأخيراً وليس آخراً، قام الكاظمي بعزل حاكم المصرف المركزي المتقاعد علي العلاق من منصبه، في انتظار تسمية حاكم يمكن لرئيس الحكومة الوثوق به من أجل تنفيذ إصلاحات ووقف التبييض وتمويل الإرهاب.
«مصادر تمويل حزب الله»، كتب الراحل الهاشمي، «غير معروفة للعامة… وشبكته خارج لبنان أقوى وأكثر تشعباً» منها داخل لبنان، «ولها أذرع مالية واستثمارية عدة في كل دول العالم، ابتداء بشرق آسيا، مروراً بالدول الإسكندنافية، وروسيا، وأذربيجان، وروسيا البيضاء»، ويتم استخدامها لتمويل العمليات «في العراق وسورية ولبنان والبحرين واليمن».
وأضاف الهاشمي أن «خلية ع. م. تحاول توطيد سلطتها في العراق بالتعاون مع الحرس الثوري الإيراني والفصائل الولائية وبينها أ. ر. من المكتب الاقتصادي لعصائب أهل الحق، والنائب أ. أ. والقيادي في بدر، أ. ع. أ. والقيادي في كتائب حزب الله العراق ب. م.».
أما النشاطات التي تمارسها خلية تمويل «حزب الله» وميليشيات «الحشد»، بحسب الهاشمي، فتضمنت «استغلال الأموال (الحكومية) في وزارات الزراعة والصناعة والهجرة والمهجرين والنقل والاتصالات في حكومة عادل عبدالمهدي»، فضلاً عن بيعها النفط العراقي خارج القدرة الإنتاجية للبلاد، والمتاجرة بالحديد المستعمل الذي يتم استخلاصه من البيوت التي يصار إلى تهديمها في المناطق المدمرة، التي استعاد التحالف الدولي السيطرة عليها من تنظيم «داعش» الإرهابي. كما تقوم الخلية بأعمال متعلقة بافراد أثرياء شيعة وسنة، فصلها الهاشمي في دراسته.
وتابع الخبير الراحل، أن «خلية ع. م. تستخدم النظام المالي الحكومي، ولديها حسابات مصرفية وشركات في مناطق الكفاح والحارثية وفي أربيل والبصرة والنجف، وتعمل (الشركات) في إدارة الأعمال والمقاولات والاستثمارات، فحزب الله اللبناني ليس كياناً محظوراً في العراق».
ويختم أن الادارة الأميركية فرضت إجراءات لوقف حركة تمويل «خلية ع. م.» وهو أمر ممكن في البلدان التي تحظر «حزب الله» كلياً أم جزئياً، لكن في العراق «هناك عقبات قانونية أمام استهداف أموال الحزب التي تنتقل عبر النظم المالية» العراقية.
الكاظمي رفع الإصلاح شعاراً لحكومته، ويتضمن سن وتطبيق قوانين تثبّت سيادة الدولة، مثل سنّ قانون الأحزاب الذي يتوقع أن يحظر الولاء لأي جهات خارج العراق، وتطبيق قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وهو ما يتطلب عاملين في الوكالات العراقية الاستخباراتية ممن يمكن الركون إليهم لمعاونة حاكم مصرف مركزي يمكن الوثوق به… الهاشمي كان يساهم في كشف ذلك.
والأربعاء، قدم الكاظمي، تعازيه لعائلة الهاشمي، واصفاً الراحل، الذي كان صديقه الشخصي ومستشاره، بـ«البطل» و«الأيقونة الوطنية».
وقال الكاظمي (أ ف ب)، وهو جالس وسط أبناء الهاشمي الثلاثة، عيسى وموسى وأحمد، إن «الذي يخاف من الكلمة، لا نستطيع ان نقول عنه غير أنه جبان. هشام لم يقم بشيء إلا أنه ساعد العراقيين بالكلمة».
وأضاف تعليقاً على عملية الاغتيال أن «هذا التصرف ليس تصرفاً عراقياً. العراقي لا يقتل العراقي».
وتوجه إلى أرملة الهاشمي قائلاً «من جيل إلى جيل، هشام سيبقى موجوداً. دمه عندي والقتلى لن يفلتوا. هذا واجبي وواجب الدولة».
*
من هم المذكورين بالأحرف الأولى؟
تتحدث تقارير متداولة اطّلع عليها « الشفاف » عن « شبكة عدنان ومحمد كوثراني في العراق ودورها بالتفاعل مع د. علي المؤمن مؤرخ حزب الدعوة كما يزعم، وياسين مجيد الدين مشغل أموال حزب الله اللبناني في الدنمارك والسويد وشرق اسيا.. ».
كما تورد تقارير متداولة أن « خلية علي المؤمن تحاول حالياً توطيد سلطتها في العراق بالتعاون مع الحرس الثوري والفصائل الولائية العراقية المتمثلة بالشيخ أبو صافي محمود الربيعي التابع للمكتب الاقتصادي لعصائب اهل الحق والنائب احمد الاسدي، والقيادي في بدر أبو مريم عبد الكريم الانصاري، والقيادي في كتائب حزب الله العراق باسم الماجدي. »