“الطابور الخامس” الإيراني، ممثّلاً بحزب الله، لن يتنازل عن ورقة الرئاسة اللبنانية إلا إذا قبضت إيران ثمنها في سوريا، أو في اليمن! وهذا، في أي حال، غير ممكن قبل تسوية (أو انفجار) التناقضات، التي نجمت عن الإتفاق النووي، داخل إيران نفسها. يستطيع الجنرال ميشال عون أن “يبرطع” في هذا “الوقت الضائع”، ولكن مصير الرئاسة يظل في طهران وليس في.. “الرابية”!
*
“التنازل” الوحيد الذي قدّمته إيران لوزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس على مستوى ملف رئاسة لبنان، حسب “المركزية”، هو أن وزير خارجيتها محمد جواد ظريف أحال الموضوع إلى الرئيس حسن روحاني ما وضعته مصادر سياسية مراقبة في خانة ابقاء الباب مفتوحا نصف فتحة باعتبار ان طهران لم تحل فابيوس الى حزب الله كما فعلت سابقا! ولهذا السبب وغيره، قال فابيوس في حديث لاذاعة “فرانس انفو”: “يقول البعض ان “الاتفاق النووي سيحمل الايرانيين على تعديل سياستهم الاقليمية بالكامل، اما انا، فاكثر حذراً ولست واثقاً من ان يحصل تغيير في الوقت الحاضر”.
المركزية- أعربت مصادر دبلوماسية غربية عن عدم تفاؤلها ازاء امكان انتخاب رئيس للبنان في المدى القريب المنظور او على الاقل حتى ربيع العام 2016.
وقالت المصادر لـ”المركزية” ان المشهد “البانورامي” الذي ارتسم في الافق الاقليمي بعد توقيع الاتفاق النووي لا يوحي باحداث ثغرات في جدران التصلب التي تحول دون انتخاب رئيس للبنان منذ عام وثلاثة اشهر. فالمرحلة السياسية في مسار العلاقات بين دول الغرب وايران التي انتقلت من التقني الى السياسي بعد توقيع الاتفاق النووي- والمرتكزة الى ادخال ايران الى المجتمع الدولي بعد تحديد دورها وهامش وحدود نفوذها الإقليمي- لم تبدأ بعد بفعل عدم انتقال ايران من القول الى الفعل وترجمة نياتها الايجابية التي تبلغها الى زوارها من القادة والمسؤولين الاجانب وآخرهم وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس الى ممارسات عملية، بحجة انشغالها باقناع معارضة الداخل بالاتفاق النووي وبالاجراءات الواجبة فيما هي تناور من اجل استدراج الولايات المتحدة الاميركية الى الجلوس على طاولة المفاوضات السياسية لانتزاع اقرار منها بدور اساسي اقليمي لايران في المنطقة وتكريسه واقناع العرب وتحديدا الخليجيين بهذا الدور.
موغريني: واوضحت المصادر ان الاميركيين الذين اوكلوا لفرنسا ملف لبنان مع “كارت بلانش” لن يتدخلوا في المرحلة الراهنة مع ايران للضغط عليها، على رغم يقينهم بان مفتاح الحل في جيبها وينتظرون تبريد الاجواء في المنطقة لا سيما مع دول الخليج التي يزورها وزير الخارجية جون كيري الاثنين المقبل لطمآنة “الحلفاء” القلقين من تداعيات توقيع النووي على ضمان أمن المنطقة. واوضحت ان المفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني التي جالت على ايران والمملكة العربية السعودية حاولت ان تؤثر وجدانيا على طهران لاستكمال مسار التفاهم والحوار الذي انتهجته في الملف النووي وانسحابه على ازمات المنطقة الا انها سمعت الجواب نفسه الذي سمعه فابيوس حول ملف لبنان بان طهران منشغلة في “النووي” وتداعياته في الداخل. واشارت المصادر الى ان ايران لن تسلم ورقة لبنان الاساسية بالنسبة اليها لجملة اسباب ابرزها ان وضع ملف لبنان على الطاولة يعني البحث في الوضع السوري ايضا من زاوية مساندة حزب الله للنظام والدور الكبير الذي يلعبه في هذه المرحلة في سوريا، الا اذا قبضت ثمنا سياسيا باهظا في المقابل، تسعى اليه عبر سياسة التحاور مع الاصيل لا الوكيل، وهو ما يبرر اعتماد سياسة فتح الباب نصف فتحة ان مع الاوروبيين الذين يزورونها او عبر سياسة حلفائها في لبنان حيث يؤكد حزب الله تمسكه بالحكومة وضرورة بقائها ويشدد في الوقت نفسه على تأييد مطالب رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، على رغم ان هذه المطالب تعرض الحكومة السلامية للخطر.
واضافت المصادر ان فريق 8 اذار لن يسهل انتخاب رئيس الجمهورية قبل ان تتوضح اتجاهات التسوية السياسية في المنطقة ويقر السعوديون على وجه الخصوص بالدور الايراني والتوصل الى تسوية وتنظيم ادوار القوى الاساسية في الشرق الاوسط ومن بينها ايران.