إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
ربيع عام 1979، وهو نفس العام الذي أُجرِي فيه الاستفتاء على نظام الجمهورية الإسلامية، و”نعم” أو “لا” في ورقتين خضراء وحمراء، حيث تم تلخيص جميع المعلومات المتعلقة بالنظام الجديد بلونين. فالأخضر كان يعني “نعم” للنظام الذي كان من المفترض أن يرأسه رجل دين، والأحمر كان يعني “لا” لنظام الشاه!
كنت آنذاك في السنة الأولى من الدراسة الثانوية. وفي نفس العام الذي انتهى نصفه في الإضرابات، حصل جميع الطلبة والطالبات، بغض النظر هل درسوا أو لم يدرسوا، على درجة النجاح وذهبوا، بفضل الثورة، إلى الصف الأعلى! تمت دعوتي، أنا والعديد من الصديقات اللائي شاركن في الأنشطة الاحتجاجية للمدرسة، للمساعدة في تنظيم الانتخابات. المكان الذي انتخبوه لنا كان في القرى المحيطة بالمدينة. وبعد أن وصلنا إلى اللجنة الانتخابية الرئيسية، تم نقلنا إلى القرى للمساعدة في التصويت.
في نفس العام وقبل الثورة، كان ما يقرب من 70٪ من سكان إيران يعيشون في القرى. كان هؤلاء بعيدين عن ضجيج المدن ويكادون يجهلون الأحداث هناك. أي كانوا يجهلون الأحداث التي استمرت أكثر من عام بقليل، وتمكنت من إسقاط نظام الشاه. فلم يكن هناك كثير من الوقت لوصول أحداث الثورة إلى سكان القرى! في تلك الانتخابات، كان خيار الشعب هو التصويت “بنعم” للإسلام. وكان لرجال الدين مكانة عالية بين الناس. بالنسبة لسكان القرى، حتى الحمار الذي يركب عليه رجل الدين كان مقدّسا!
ومنذ الساعات الأولى للتصويت، توافدَ أهالي القرية الوديعون بأعداد كبيرة وأدلوا بأصواتهم الخضراء في الصندوق. هذا التصويت مثّل التجربة الأولى لهم. لم يخبرهم أحد أنّ تصويتكم تكليف شرعي وواجب ديني، ولا أنّ تصويتكم سيساعد في ظهور إمام الزمان (الإمام المهدي الثاني عشر الغائب عند الشيعة)، ولا غير ذلك من أمور. لقد وثق هؤلاء برجال الدين وآمنوا بألوهية عملهم، وقدّموا لهم كل ما يريدونه بإخلاص.
ومع إعلان نتائج التصويت بأغلبية البطاقات الخضراء، تشكلت الجمهورية الإسلامية، أو بالأحرى تشكلت جمهورية آية الله الخميني، رغم أنه كانت هناك محاولات في البداية لتشكيل حكومة مستقلة عن الأيديولوجية الدينية، حكومة وفقا لرؤية الجمهوريات حول العالم. لكن هذه الفكرة تعرضت للقمع، حيث قام المتشددون بوضع العصا في طريقها، ووصمِها بأبشع الأوصاف. وأخيراً، بعد الهجوم على السفارة الأمريكية، انسحبت تلك الحكومة وتم وضع حجر الأساس لسياسة معاداة الغرب. ولا يزال هذا الوضع مستمرا ولم يؤد إلا إلى الإضرار بالبلد!
بعد تشكيل الحكومة المؤقتة (حكومة مهدي بازرغان)، وخلافاً لوعود قادة الثورة، دخل رجال الدين المشهد بكامل قواهم، وسيطروا تدريجياً على كافة أركان الدولة. وقد كان هؤلاء قليلي الخبرة في العمل السياسي وفي إدارة الدولة، واتكأوا في عملهم على المسائل الفقهية، فطالبوا بتشكيل حكومة إسلامية قائمة على نظرية ولاية الفقيه. وكانت هذه الحكومة تعتقد أن عدد أكفان الموتى أكثر أهمية عند مسؤوليها من إقامة العدل وتوزيع الثروة لملء بطون الجوعى!
والآن، وبعد مرور عشرات السنوات على الانتخابات الأولى، تغيّرت أشياء كثيرة. لقد انعكس التركيب الديموغرافي، واستقر 70٪ من السكان في المدن. اليوم أصبحت إيران جزءا من القرية العالمية. بطبيعة الحال، قرية تتمتع بمعلومات واسعة النطاق وحكومة تدعمها أقلية في مقابل أغلبية ناقدة، وحتى هؤلاء الـ30% من القرويين ليسوا من أهل عام 1979.
اليوم، لم يعد رجال الدين مقدّسين، بسبب الأداء السياسي لبعضهم ممن كانت له السلطة والثروة. لكن لا يزال الكثير من الناس متديّنين، ولهذا يتم استغلال الدين ومعتقدات الناس للتشجيع على المشاركة في الانتخابات. غير أن قيمة ذلك ليست إلا هلاك ما تبقى من الدين واستمتاع بائعي الدين بسمن وحلاوة الدنيا لأطول وقت!
الآن، تأكدنا أن الطريق الذي سلكناه كان خاطئا، ولا نرى طريقًا آمنًا للمستقبل، لذا يؤسفنا أن نقول بأننا لن نستمر!
لقراءة المقال بالفارسية:
صفحه نخست » اولین انتخابات و آخرین انتخابات!