صنعاء
عبد العزيز الهياجم
تقول إحصائيات غير رسمية إن عدد المسيحيين في اليمن يصل إلى نحو 2500 شخص، يمارس غالبيتهم الطقوس الدينية بصورة شبه سرية في مجتمع تغلب عليه النزعة الدينية الشديدة المسنودة بثقافة قبلية عصبوية ترفض القبول بالآخر والتعايش معه.
وفي حديث لـ«المصري اليوم»، يقول الناشط في قضايا حقوق الإنسان، عبد الرزاق العزعزي، إن «المسيحيين في اليمن لا يستطيعون ممارسة طقوسهم الدينية ولا يتسنى لهم الذهاب إلى الكنائس بحرية، إذ يعمل أغلب المجتمع اليمني على نصحهم لدخول الإسلام».
ويشير «العزعزي» إلى أنه على المستوى الرسمي «لا تسمح الحكومة بإنشاء مبان عامة ودور جديدة للعبادة، دون الحصول على إذن مسبق»، لافتا إلى أن مسؤولي طائفة الروم الكاثوليك، على سبيل المثال، ينتظرون حاليا قراراً من الحكومة حول ما إذا كانت ستسمح لهم، أم لا، بتشييد مؤسسات تابعة لطائفتهم، على أن يكون معترف بها رسميا من قبل الحكومة في صنعاء.
وإذا كان المسيحيون اليمنيون يتعرضون للتضييق، فإن أحد الشباب الذي اعتنق المسيحية، بعد الإسلام، أعرب عن مخاوفه من زيادة حالة الحصار المفروضة على معتنقي المسيحية، خصوصا بعد أن تعزز حضور التيار الإسلامي في اليمن منذ اندلاع الثورة. وأضاف، رافضا الإفصاح عن هويته «الإسلاميون الآن أصبحوا يتصدرون واجهة المشهد السياسي بعد أحداث الربيع العربي وحركة الاحتجاجات التي أسقطت نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح».
وأضاف، مفضلا الرمز إليه باسم «ابن اليمن»: «النظام السابق لم يكن إسلاميا بالتصنيف المتعارف عليه، مع ذلك كان معتنقو المسيحية يتعرضون لملاحقة الأجهزة الأمنية». وأكد «السلطات لم تكن تسمح لنا بممارسة شعائرنا الدينية جهرا أو توافق على بناء كنيسة خاصة، هذا كله بسبب حكم الردة في الإسلام, فكيف سيكون الحال بعد أن وصل الإسلاميون إلى السلطة، مع شركاء آخرين أقل منهم حضورا وثقلا».
والمعروف أنه لا تتوفر إحصائيات رسمية حتى الآن عن أعداد المسيحيين في اليمن. لكن محمد النعماني، الخبير المتخصص في الجماعات الدينية وشؤون الأقليات، يقول إنه حصل على معلومات من مواطن يمني الجنسية، مسيحي الديانة، لم يسمه، تزوج من امرأة عربية مسيحية ويعمل في بلد غربي. وأوضح «هذه المعلومات مفادها أن عدد المسيحيين اليمنيين يصل إلى 2500 شخص وأن هناك 700 مسيحي منهم يعيشون خارج اليمن».
ووفقا للنعماني فإن «المسيحيين يمارسون شعائرهم الدينية كمجموعات كل أسبوع في بيت أحد المؤمنين المسيحيين، سواء كان يمني أو أجنبي». ولفت إلى أن نشاط التنصير في اليمن يتحرك من خلال الكنائس – على ندرتها ـ والمستشفيات والجمعيات ذات الاهتمام الإنساني والمعنية بالأمومة والطفولة والمعوقين والبيئة وتعليم اللغات والابتعاث الدراسي والسياحة، سواء في أوساط اليمنيين أم في أوساط اللاجئين الأفارقة، وأغلبهم من الصوماليين.
ويعيش في اليمن ما بين 15 إلى 25 ألف مسيحي أجنبي، أغلبهم من لاجئي إثيوبيا وإريتريا والصومال، إضافة إلى طلاب أجانب مقيمين مؤقتا وعمال آسيويين وأعضاء بعثات دبلوماسية.
وتوجد منظمات ومؤسسات مسيحية في عدد من المدن، منها البعثة المعمدانية الأمريكية، التي تمتلك مستشفى جبلة التابع لها والكنيسة الملحقة بالمستشفى بصورة قوية ويمتد نشاطها إلى محافظة «تعز» تحت شعار الاهتمام بالفقراء ودور الأيتام وسجون النساء.
ومؤخرا كشفت دراسة بحثية ميدانية عن قيام كثير من اللاجئين الأفارقة من معتنقي المسيحية بتغيير أسمائهم بأسماء إسلامية، خشية لتفادي أي مضايقات من المجتمع اليمني.
وأكدت الدراسة وجود 5 كنائس في مدينة عدن جنوب البلاد، 3 منها للروم الكاثوليك، وواحدة أنجليكانية، والخامسة لم تعرف هويتها. وأشارت الدراسة إلى أن 3 من تلك الكنائس التي بنيت في زمن الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن قد أهملت لاحقا وأصبحت ركام، فيما باتت الرابعة ضمن ملكية الحكومة وتحولت الخامسة إلى مرفق صحي.
وبحسب الدراسة نفسها، فإن اليمن تصدر تأشيرات إقامة للقساوسة ليتمكنوا من توفير الاحتياجات الدينية لجاليتهم، لكنها لا تحتفظ بسجلات تبين الهوية الدينية للأفراد، وليس هنالك قانون يطلب من الجماعات الدينية أن تسجل نفسها لدى الدولة.
مسيحيو اليمن أقلية مسكونة بالخوف تمارس طقوسها بـ«سرية»
الحكومات التي تقمع الحريات الدينية هي نفسها التي تساند المعارضة السورية والتدمير العابر للأقطار العربية باسم الربيع العربي, وهي نفسها التي تمول هذا الموقع بغير طريق مباشرة, وهي نفسها التي تروّج للفكر التكفيري الإرهابي الذي يبيح قتل الإنسان على معتقده! فكيف تنتقدون العوارض وتكفّون عن الأسباب, وكيف ترفضون الفكر ونتيجته في بلد بينما تقبلونه في آخر؟ وكيف تستنكرون فكراً وتقبضون أموالاً تروّج لهذا الفكر وتسبحون في تيّار فتنته؟ مقال منقلب على محرّري هذا الموقع!