أولاً: اسرائيل. تسعة أسباب للإعتقاد بتورط اسرائيل في الجريمة:
1- «تاريخياً»، كل الفتن الحاصلة في ديارنا من صنع اسرائيل. تجتهد اسرائيل منذ عام ونصف في تفكيك سوريا، ها هي الآن ماضية في أحد أطوار تفكيك لبنان.
2- عشية تفجير الأشرفية ومصرع الشهيد وسام الحسن فيه، شنّت اسرائيل حملة إعلامية شرسة ضده، مباشرة أو بواسطة أبواقها المحليين.
3- عشية العملية نفسها، أيضا، بعثت اسرائيل للشهيد الحسن رسائل تهديد بالقتل، كانت مكشوفة إلى حدّ أنها صارت حديث الاعلامَين، المرئي والمكتوب؛ وتحولت بذلك الى واحدة من الأسرار المتفشية في ربوعنا.
4- السبب؟ ان الشهيد كشف عددا لا يستهان به من شبكات التجسس تعمل لصالح اسرائيل.
5- هذا وتواجه حكومة نتنياهو انتفاضة شعبية عارمة من المتدينين الرافضين للخدمة العسكرية، وقد هدد نتنياهو في بداية هذه الانتفاضة بأن «تدخل الغرب في اسرائيل سيؤدي إلى زلزال يحرق المنطقة». وها هو لبنان، «الملطشة»، تنفذ فيه أولى خطوات الهزة.
6- اسرائيل قتلته بذكاء، فضربت بذلك عصفورين بحجر واحد: انتقمت من كشف الشبكة، ومن ارسال طائرة من دون طيار الى داخل أراضيها… وها هي تبرهن أيضا أن بوسعها الضرب في العمق، وليس فقط التحليق بطائراتها في أجوائنا.
7- اسرائيل التي تندفع لخوض حربها ضد إيران، وتلجمها الامبريالية الأميركية، وتمتحن صبرها، رضيت بضرب أعداء أعدائها، سنّة لبنان، عبر اغتيال احد رموزهم. إذ أنها مثل تنظيم «القاعدة»، كما سنرى، تعتبر أن عدو عدوها هو عدوها.
8- اسرائيل ارتكبت هذه الجريمة، لأنها تريد توريط النظام السوري بها: قتلت الحسن لكي يقع الاتهام عليه. فلا ننسى انه، أي النظام السوري، يخوض حرباً ضد مؤامرة صهيونية امبريالية تستهدف «ممانعته» لهما.
9- هنا لا يمكن الا ان نجد بصمة الامبريالية المتعاطفة مع اسرائيل. فلو بقيت هذه الامبريالية على رفضها لتوجيه ضربة ضد سنّة لبنان، لكانت اسرائيل حافظت على أعصابها، كما تفعل الآن مع ايران… ولم تقم بتفجير الاشرفية.
ثانيا: تنظيم «القاعدة». ستة أسباب للإعتقاد بتورطه في الجريمة:
1- الاهتمام الجديد لتنظيم «القاعدة» بلبنان، في بيانات عديدة أصدرها، وضع بلادنا على خريطة «جهاده» المندلع الآن في سوريا، كما يزعم.
2- لم يصدر شريط فيديو، استشهادي، كالذي صدر يوم اغتيال الشهيد رفيق الحريري، عندما ظهر علينا المسكين أحمد أبو عدس يعترف بجريمته «دفاعاً عن الإسلام«.
3- دبّت الغيرة الإسلامية في قلب قادة «القاعدة» من الانتشار السلفي في لبنان، فدشنوا بعمليتهم هذه أولى فصول منافستهم للسلفيين على طريقتهم المعهودة.
4- كشف الشهيد وسام الحسن عن العديد من العمليات الارهابية التي خطط لتنفيذها في لبنان. ولا تُفهم الصفة «الارهابية» في المخططات إلا تلك التي تحضر لها «القاعدة»، وتنفذها أحيانا عندما تطول يديها…
5- اختارت «القاعدة» حيّ الاشرفية المسيحي، بدل أي حيّ آخر يقطنه المسلمون، السنة منهم والشيعة، لأن «الصليبيين» اينما وجدوا، هم هدفها الأول في العالم كله. ولأنها لا تعادي الشيعة، «الروافض». ضحت عمليا بـ»مسلم كافر» واحد مع مرافقه؛ وهذه جريمة زهيدة قياسا الى عهدها في الجرائم.
6- فالـ»قاعدة» قلبت المعادلة المنطقية لأرسطو، القائمة على القياس، والقائلة «عدو عدوي هو صديقي». هي تقول: «عدو عدوي هو عدوي». بناء عليه، وبما انها عدوة النظام السوري، فهي بالتالي بالضرورة عدوة المعسكر الذي يحاربه هذا االنظام في لبنان، والذي ينتمي اليه الشهيد وسام الحسن. فكان اغتياله لذلك ضرورياً، انتقاما من النظام السوري الذي لا يحارب غيرها…
ثالثاً: عشرة أسباب للإعتقاد بأن النظام السوري بريء من دم جريمة الأشرفية:
1- جريمة الأشرفية مؤامرة. وككل مؤامرة يستحيل إلا ان يكون وراءها الزوج الإمبريالي الصهيوني.
2- الجرائم الارهابية ليست أسلوب النظام السوري، ولا أسلوبه المعهود داخل سوريا ولبنان. ولا التهديدات بالقتل ايضا اسلوبه المعروف. تعرف أوجه هذا الأسلوب من معاملته لشعبه المأجور، الثائر ضده: بالشوْكة والمعلقة يعامله، من دون سكينة واحدة، حتى لو لم تكن «ماضية«.
3- لم يشن النظام السوري وأعوانه المحليين حملة ضد الشهيد الحسن، كما فعلت اسرائيل، ولا هدده بالقتل مباشرة أو بواسطة حلفائه.
4- القوات النظامية السورية «مرتاحة» الى وضعها في سوريا، حيث هناك ثورة عملاء مأجورين، أسكتها النظام بسهولة فائقة، بالحوار والاصلاحات؛ وها هو الآن يقطف ثمرة انتصاره. فلماذا يورط نفسه بهكذا جريمة خسيسة، بعدما اصاب اعداءه الخونة من أبناء الشعب السوري، باليأس من رحيله؟
5- النظام السوري يخوض حرباً ضد الارهاب؛ هذا يقين عنده. فهل ترى من المنطقي بالتالي أن يقوم بما يقوم به خصمه؟ فهل يعقل ان يرد عليه هذا النظام بأساليبه الإرهابية البشعة نفسها؟ حتى لو كانت الهجمة الارهابية مدعومة من الصهيوينة والامبريالية؟
6- هذه «الحرب على الارهاب»، التي يمسك بزمامها النظام السوري وينتصر، لم تفض الى شيء يُذكر على الحدود الدولية: لم تشتبك كتائبه مع القوات الاردنية ولا من بعدها مع التركية. ولا تعرضت الحدود اللبنانية الشرقية والشمالية لهذه الاندفاعة الوهمية. فكل شيء تمام، لأن الحرب تسير وفق الخطة المرسومة.
7- فمن بين هذه الحدود، اللبنانية منها هي الأقل استباحة. الاحترام الكامل لقرار اللبنانيين بحيواتهم كان نهج النظام السوري بالتعامل معهم، ولم تتغير حذافيره حتى اللحظة.
8- وسام الحسن هو الذي اغتال الشهيد رفيق الحريري. هذه هي وجهة نظر النظام منذ اللحظة الأولى لإرتكاب جريمة الأشرفية. (إعلام النظام غير الرسمي أعاد نشر فقرات من وجهة النظر هذه مباشرة بعد وقوع جريمة تفجير الأشرفية). بما انه، أي النظام، بريء من دم الحريري، فهو بالتالي بريء من دم الحسن. المقصود هنا ربما ان الذي قتله واحد من معسكر 14 آذار، أخذاً بثأر رفيق الحريري، ولو متأخراً.
9- حتى لو كان الحسن هو الذي كشف عن شبكة ميشال سماحة، فان النظام السوري لا يحمل ضغينة تجاهه. وسام الحسن كشف عن خطة ميشال سماحة، صحيح، ولكن التاريخ السياسي لسماحة لا يسمح أبداً بافتراض بأنه تلقى تعليماته من دمشق. وهذا ايضا منطقي جداً، بالرغم من الأدلة الدامغة… بعدما تخلى النظام عن ميشال سماحة، بسبب قلة حيلته، أو قلّة حظه، ونعته بـ»عميل في جهاز المخابرات الفرنسية»، اثر انكشاف خطته. فلما يقتل النظام وسام الحسن اذن؟
10- كلما وقعت جريمة اغتيال من هذا القبيل، يكون ضحيتها أحد رموز 14 آذار، تُتهم دمشق بالجريمة، وبتهم خشبية معلّبة. هل هذا معقول؟ ان تكون التهمة بهذه الجهوزية؟ الم يضجر المتّهِمون، بعدما أضجرونا؟
التقاطعات: نعم هناك تقاطع اسرائيلي سوري في الجريمة. وقوام هذا التقاطع ان اسرائيل طبعا نفذتها، ودمشق بيضت بذلك سجلها، ظهرت على حقيقتها التي كنا نحن الجاحدين، لا نريد ان نراها. الآن صارت واضحة كالشمس…
dalal.elbizri@gmail.com
كاتبة لبنانية