يذكرنا العنف في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية واستمرار التوتر في البحرين بأن صادرات النفط الخليجية تواجه تهديدات أخرى إلى جانب الغلق الإيراني المحتمل لمضيق هرمز.
على مدار السنوات العشر الماضية، اندلعت مصادمات مسلحة بين قوات الأمن والمحتجين على طول ساحل الخليج الفارسي للمملكة العربية السعودية، موطن أقليتها الشيعية فضلاً عن حقولها النفطية الضخمة وما يرتبط بها من بنية تحتية للتصدير. وقد بدأت الإضطرابات بعد اعتقال عالم الدين الشيعي نمر النمر الذي رحَّب علانية بوفاة ولي العهد السعودي الأمير نايف مؤخراً. فخلال ولاية نايف كوزير للداخلية، كان الشيعة المحليين يحملونه مسؤولية ما يتعرضون له من عمليات اضطهاد.
وقد لقي شيعيان مصرعهما عقب اعتقال نمر، وذلك على بعد أميال قليلة من رأس تنورة، أكبر محطة لتصدير النفط في العالم، والبقيع، أكبر منشأة لمعالجة النفط على مستوى العالم. ولم يستهدف الشيعة بعد منشآت النفط ولكنها تعتبر معرضة جداً لمخاطر جمّة. وفي حوادث أخرى، قُتل مسلح شيعي أثناء هجوم وقع على محطة شرطة في 13 تموز/يوليو، كما أصيب أربعة من رجال الشرطة السعوديين بجراح في هجوم منفصل عندما تعرضت دوريتهم لإطلاق النار. وفي المساء التالي، ألقيت قنابل مولوتوف في موقف سيارات بفناء محكمة محلية. وقد أصدرت مجموعة مكونة من 37 من علماء الدين الشيعة بياناً مشتركاً حثوا فيه الشباب على “الابتعاد عن العنف”، لكي تخف حدة التوترات في الأيام القليلة المقبلة.
لقد ارتبطت الاضطرابات الشديدة في المملكة العربية السعودية بالتوترات المستمرة في الجزيرة القريبة – البحرين. وعلى الرغم من أن البحرين ليست منتجة رئيسية للنفط، إلا أنها تعتبر حيوية لمصالح الولايات المتحدة نظراً لاستضافتها مقر قيادة الأسطول الخامس. وفي عام 2011، تدخلت القوات السعودية عندما قامت عناصر من الأغلبية الشيعية بأعمال شغب ضد العائلة المالكة السنية آل خليفة. وفي يوم الاثنين الماضي، عقد وزير الداخلية البحريني الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة محادثات مع نظيره السعودي الأمير عبدالعزيز بن أحمد آل سعود، صرح خلالها بأن البحرين سوف “تتصدى لكل من يحاول إحداث انقسامات في صفوف الشعب”.، وناقش الإثنان أيضاً تطورات “اكتشاف أوكار الإرهاب في البحرين”. وإن لم يذكرا إيران بالإسم، إلا أنه ليس هناك شك بأن كلا الوزيرين يعتبران الجمهورية الإسلامية القوة المسيطرة وراء الأحداث الأخيرة.
وتوازياً مع المصادمات التي وقعت في الشوارع انتشرت أيضاً معركة الأفكار المفاهيمية. وعلى الرغم من أن المعارضة البحرينية حظيت بما يشبه الاحتكار للدعاية العامة على مدار شهور، إلا أن لدى الحكومة الآن نظام علاقات عامة نشط، للتيقن من نشر وجهة النظر الرسمية للأحداث بسرعة كبيرة. وعلى نحو مماثل، نشرت الرياض في نهاية هذا الأسبوع صوراً لحاكم المنطقة الشرقية الأمير محمد بن فهد، ومساعد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف وهما يزوران ضباط شرطة مصابين بجروح يرقدون في المستشفى.
هذا وتتصاعد معركة العلاقات العامة على الصعيد الدولي أيضاً. ومما أثار غضب الرياض هو أن وزارة الخارجية الروسية أدانت اعتقال نمر. كما أن صحيفة “صنداي تايمز” اللندنية أفادت في عددها الصادر في الخامس عشر من تموز/يوليو بأن الناشطين كانوا يحاولون منع قائد الحرس الملكي ورئيس اللجنة الأولمبية في البحرين الأمير ناصر بن حمد آل خليفة من حضور دورة الألعاب الاولمبية الصيفية بسبب مزاعم عن مشاركته في عمليات التعذيب. وفي غضون ذلك، كان الأخ غير الشقيق للأمير ناصر – ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد وهو ليبرالي ذائع الصيت – في واشنطن حيث تدرس إدارة أوباما التوازن المناسب بين تجديد اتفاقات الأسلحة وتوجيه نقد أكثر تحفظاً للحكومة البحرينية من جهة، والدعوة لإجراء المزيد من الإصلاحات السياسية من جهة أخرى.
ومؤخراً بدأ النفط يتدفق عبر خط أنابيب إلى دولة الإمارات العربية المتحدة المجاورة، مما يتيح للمصدرين تجنب العبور في ممرمضيق هرمز قبالة السواحل الإيرانية. ومن جانبها أجرت الرياض تعديلات على خط أنابيب آخر لنفس الغرض. ومعاً يعني الخطان الجديدان إمكانية تجنب مرور 6.5 مليون برميل نفط يومياً عبر مضيق هرمز الذي يمر من خلاله حالياً 17 مليون برميل/اليوم. وبالنظر إلى التوترات في المملكة العربية السعودية والبحرين، يرجح أن تكون الأنباء بشأن هذين الخطين سارة لأسواق النفط العالمية وعملاء المنطقة في آسيا. لكن لا شك أن تحريض السكان المحليين يُعد وسيلة جذابة لطهران في ردها على العقوبات المفروضة على صادراتها النفطية . وطالما ظل الإحباط السياسي للشيعة في المملكتين مواتياً للاستغلال من جانب المتطرفين، فسوف تستمر حالة عدم اليقين التي تكتنف أمن إمدادات الطاقة. يجب على واشنطن أن تشجع الرياض والمنامة على إجراء الإصلاحات اللازمة لتجنب ذلك.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.