منذ انقلاب آذار العسكري الذي جاء بمجموعة غير متجانسة من الضباط ذوي المنبت الريفي إلى السلطة، وأطاح بالنظام الديمقراطي الهش القائم بعد الانفصال عن مصر، ومنذ اندلاع الصراع العسكري بين أجنحته..، ادعت المجموعة المتبقية في السلطة أنها تمثل “حزب البعث العربي الاشتراكي”، الذي سبق أن انحلّ وأوقف نشاطه تماما منذ انشاء الوحدة. وقام المجلس العسكري الحزبي الحاكم بتعطيل الحياة السياسية عامة في كل البلاد.. وبقيت في مواجهته فقط ثلاث مجموعات حزبية تحاول ايجاد مكان لها في عالم السلطة، هي: الشيوعية معتمدة على الدعم السوفييتي، والقومية معتمدة على الدعم المصري والعراقي من بعده، والدينية معتمدة على الدعم الخليجي والغربي، وغابت تماما الأحزاب الليبرالية والديمقراطية في عصر الانقلابات والأنظمة الشمولية.
ولم تكن معارضة هؤلاء الثلاثة لنظام الحكم بسبب غياب الديموقرطية أو من أجلها بل، بالعكس، كانت صراعا من أجل ملكية السلطة الاستبدادية، و قيادة المجتمع بواسطتها نحو الهدف الآيديولوجي أو “الميتيولوجي” المرفوع على الشعارات، التي هي أهم من الحريات والديمقراطية المزعومة..
لقد كانت النخبة السياسية بفروعها الثلاثة تعبر عن تمايزات شريحة واحدة من طبقة واحدة هي شريحة المثقفين من البرجوازية الصغيرة، التي تستمد تميزها وشرعيتها من ثقافتها وتعليمها. و التي تعبر صراعاتها ونخبويتها عن رغبتها العارمة في احتكار السلطة بأي ثمن، وارادتها دفع المجتمع نحو تنفيذ (رغباتها) مشروعها الذي ترى ضرورة تطبيقه بكل الوسائل حتى العنيفة منها والقمعية.. ولم تكن تقيم أي اعتبار لحرية الفرد أو لرأيه أو لدوره كفرد، إلا إذا كان قائدا ملهما يمثلها ويحقق لها مصالحها ويشبع نزواتها.. ففي النهاية، ووراء كل ايديولوجيا، هناك مصالح فردية وذاتية يجب أن تتحقق، من دونها لن يكون هناك معنى للعمل تحت لوائها.. ومهما كبر الريش المنفوش حولها، لا بد من قراءة أية أيديولوجيا بنوعية العاملين تحتها ونوعية مصالحهم التي تحركهم فعلا. تماما كما لا يمكن الحديث عن ثوري لم يتعرض للقمع والاذلال حتى غضب وقرر الخروج إلى عالم الثورة والتحدي والمغامرة والتضحية حتى بالحياة. فالمسألة ليس ارادة ونية، بل ظرف أيضا وقوى ورغبات وطاقة و”ليبيدو”..
ومع أنه في نهاية السبعينيات ظهرت للعلن أصوات تذكر بالديمقراطية المفقودة، لكنها لم تهيمن على الرأي السياسي حتى ما بعد سقوط شاوشسكو والتغيرات في الدول الشرقية نهاية الثمانينيات.. ولم تظهر الحركة الديمقراطية بشكلها الصريح والواضح إلا مع “ربيع دمشق”، 2000- 2001، حيث ظهرت أنماط جديدة من التنظيم والحراك السياسي ومبادئ ومعايير مختلفة عما سبقها.. وسرعان ما انخرط في الحراك الجديد عناصر وخريجو المرحلة السابقة، بما يحملون من تجربة نضالية وذهنيات ووسائل اعتادوا عليها.. ولم تكن ثقافة الديمقراطية سائدة بذات قدر الحاجة إليها وإلى اعادة استنباتها.. لذلك كانت عملية المطالبة بالديمقراطية لا تأتي من ديمقراطيين متمرسين بهكذا عمل، بل من مناضلين شموليين تمرسوا الحياة السياسية الاستبدادية خارج وداخل أحزابهم..
وطالما كان القمع يوحّد نشطاء المعارضة، فإن غياب الممارسة الديمقراطية لوحده لم يكن كافيا ليوقف الحراك أو لشرذمة المعارضة.. الذي استمر بالرغم من كل عمليات القمع والتنكيل، والسجن المتكرر والمديد لكل من يرفض الخنوع ويستمر في التحدي..
لقد عملت السلطة دائما على تقسيم وتدمير واحتواء المعارضة، أو تصنيع معارضة مزيفة تنازع المعارضة الحقيقية وتشوهها.. واستمر الصراع ضد تدخلات الأمن وأزلامهم السريين الذين جاؤوا من كل حدب وصوب ليندسوا في صفوف الجماعات الصغيرة، التي بقيت تحافظ على شعلة المعارضة الوطنية الديمقراطية مضيئة لدرب الحرية والكرامة والحقوق، الذي سيسير عليه الشعب بعد حين… والكثير من صراعات اليوم هو استمرار لمرحلة طويلة من التنافس الهدام، وعدم الثقة الذي كان وراءه على الأغلب تدخلات الأمن، ومحاولاته المستمرة دس عناصر مرتبطة به لتشويه العمل وافشاله.. فهم كانوا يستعملون كل أساليب الترهيب والترغيب لشراء تعاون البعض، وقد نجحوا في تدمير أو تعطيل معظم المنظمات المعارضة، لكن المعارضين المنقطعين عن النظام نجحوا أيضا في منع قيام منظمات معارضة مزيفة مرتبطة بأفرع المخابرات، أو على الاقل فضحها وكشف سرها وتورطها.. والكثير ممن يتنطحون لركوب موجة المعارضة اليوم، أو لقيادتها كانوا في يوم ما، من أزلام الأمن وكتبة تقاريره.. أو ممن كانوا يزوّرون ويحاورون ويحترمون الخطوط الحمراء والخضراء للنظام وأحيانا يحفرون الحفر لزملائهم.. فـ(المعارضة) اليوم بالنسبة لهم هي مجرد فرصة للظهور وصناعة اسم، واختلاق أمجاد وتحقيق منافع، وليست التزاماً حقيقياً، ورغبة في العطاء، ومشاركة في التضحية لصالح الآخرين..
لذلك كان المطلوب دوما، محاولة تجذير الممارسة الديمقراطية في التنظيمات المدنية والسياسية الجديدة، واعادة استنبات قيمها والحذر من تسلل الشمولية إليها من جديد.. خاصة بعد اغراق الحراك الديمقراطي برموز النضال الشمولي الشيوعي والقومي والديني..
وبعد اعتقال نخبة من نشطاء الربيع وتهديد الآخرين تضاءلت سوية الحراك الديمقراطية.. حتى ظهور “وثيقة اعلان دمشق” التي كانت حصيلة نتاج الربيع، وخيمة ديمقراطية توحدت المعارضة تحتها، وبرنامج محلي داخلي للتغيير الديمقراطية تم الاجماع عليه.. لكن “اعلان دمشق” ذاته، وبعد اعتقال الليبراليين من قادته، وقع هو أيضا تحت هيمنة الشموليين من جديد فحولوا الورقة لحزب مصمم على الطريقة الستالينية المعروفة.. وأصبح هناك من ينتسب وينسحب ومن يجمّد ومن يقبل طلبه أو يرفض وصار هناك موازنة وتمويل ورواتب…. أي تحوّل لدكان بعد أن كان مظلة فكرية برنامجية للعمل من أجل بناء الديمقراطية.. ونشبت الخلافات بين التيار القومي والشيوعي، وفاز الشيوعي بالتحالف مع الليبرالي في الانتخابات الوحيدة التي جرت على عجل بين من حضر أو أمكن دعوته. ولما اعتقلت السلطات الليبراليين البارزين فقط من قادة اعلان دمشق، بقي الشيوعي لوحده يقوم بتحويل اعلان دمشق لحزب من جديد، ويرث سمعته واحترامه، ويجيرها لحساباته الحزبية الضيقة المتمحورة حول تسلط شخص.. وسرعان ما أقام تحالفه السري مع اسلاميي الخارج، بهدف احتكار قيادة المعارضة وتمثيلها، في الوقت الذي أمضى به الليبراليين جل وقتهم بالسجن المتكرر.. والذين خرجوا منهم وجدوا أنفسهم مجبرين على الاستقالة من العمل السياسي، بعد أن سرقت ورشاتهم، وجيّرت لصالح من لا يريدهم، وبعد أن احتُلَّت مقاعدهم واستُولي على تاريخهم.
وبعد اندلاع الثورات العربية وقف القوميون والشوعيون والاسلاميون متفرجين عليها ومترددين في المشاركة فيها! بل تابعوا محاولات التفاوض مع النظام من أجل سرقة مكاسب سريعة، في حين أن الليبراليين سرعان ما كانوا في صميم الحراك الشعبي في كل مستوى وصعيد. ومنذ الأيام الأولى، احتلوا ساحات الاعلام وكانت رؤاهم وبرامجمهم واضحة ومقنعة وملهمة للجماهير.. وشكلوا الجيش التنظيمي والاعلامي المحرك والمزود للشارع بالشعارات والتكتيكات.. وطغت الصفة الليبرالية على الثورة في بدايتها كثورة حرية وكرامة وديمقراطية وحقوق للفرد واحترام للإنسان ذاته.. وليست كثورة ايديولوجية ولا دينية ولا طائفية ولا حتى طبقية..
وتحرك التحالف الشمولي القديم لافشال أي عملية لتشكيل قيادة ثورية تعبر عن هذا الحراك، ثم أعلنوا في الخارج عن مجلسهم المدعوم من دول كثيرة والذي تكون أساسا على تحالف الشيوعيين في الداخل والاسلاميين في الخارج، في حين استُبعدَ عنه القوميون الذين شكلوا جناحهم المستقل بالقرب من النظام.. واستمر الليبراليون مجبرين على التوزع بين كلا التيارين، وظلوا مستبعدين عن ساحة الفعل والقرار.. في كليهما.. وما يزال المطروح عليهم فقط أن يدخلوا إلى تمثيل الثورة من تحت عباءة الشموليين اليساريين والاسلاميين والقوميين.. وأن يقبلوا بالفتات من الحصص والمنافع والسيادة في قيادة الثورة وتمثيل الشعب. ومنهم من قبل، ومنهم من تمرّد فطُرد ولُعن.. لأنه طالب بالحفاظ على نقاء الوسيلة في سبيل الغاية، ذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ولأنه لا يمكن لأي حزب سياسي أن يغير أيديولوجيته جذريا ويبقى كما هو، إلا إذا كان هذا الحزب مجرد مجموعة عصبة، وليس مجموعة تقوم على مبادئ وأفكار وبرامج، فإذا تغيرت انحل الحزب أو دخل في أزمة.. أما أن تتغيير الآيديولوجيا جذريا ويبقى الحزب كما هو، فهذا يعني أنه ليس حزبا سياسيا، بل جماعة متضامنة تستخدم أي غطاء سياسي مناسب لمصالحها كجماعة.. وبالتالي لا يمكن الثقة بوعودها ولا بوثائقها.. ولا بتعهداتها، خاصة إذا ثبتت محاولتها المستميتة لاحتكار الدعم والسلاح.. والتمثيل..
لقد بقي الحراك الثوري السلمي في الداخل يرفض التلوينات الآيديولوجية ويصر على ضرورة بناء الديمقراطية أولا، ودولة الحق والقانون التي تستوعب الحياة السياسية الحزبية وتنظمها.. وبقيت الآحزاب الشمولية كما كانت، نخبوية بعيدة عن الشارع وعاجزة عن الاصغاء اليه والاهتمام بمطالبه ومنغمسة في طموحاتها وشخصنتها. فهي الثورة وهي الشعب وهي القيادة والمعرفة والشرعية وهي الدين والدنيا والأخرى، والثروة والسلطة من حقها وحدها.. وحاولت شراء الشعبية والولاء بواسطة احتكارها للدعم ثم للعمل المسلح.. ولكنها فشلت على كل صعيد، كما فشلت كل محاولات التقاسم والمشاركة فيما بينها (أي ما سمي عملية توحيد المعارضة) لأنها مجموعات وليس أحزاب، وهي مكونة من شريحة واحدة من طبقة واحدة، انتهازية بطبعها ونخبوية بطبعها ومشرذمة بطبعها.. لكن المعارضة الحقيقية هي 20 مليون ثائر على الأرض يسطرون أرفع صور البطولة والتضحية، وهم موحدون في كل شيئ…. تكفي هجمات الشبيحة لتوحدهم…. ولهم كل الحق بتمثيل أنفسهم، وهم كل يوم في الشارع يتظاهرون ويعبرون ويصوتون ويموتون.. وهم وحدهم من يستحق أن يختار ممثليه في الخارج أو مندوبيه للعمل التنفيذي.. ولا يجوز لنا السكوت على هذه الخديعة القديمة الحديثة، ولا عن سرقة حقوق الشعب من قبل قيادات انقلابية تآمرية تنتهز الفرص لكي تحتكر السلطة، وتطيح بكل أشكال ووسائل الديمقراطية، بمجرد وصولها للكرسي، وتعيد تجديد نفسها وتعيد انتاج وسائلها وقيمها الاستبدادية الشمولية.. وهذا ما حصل ويحصل مع الذين يمثلون الأجنحة الثلاثة للشمولية : الشيوعوي والإسلاموي والقومجي. وكلها مشاريع استبداد ارتدت الرداء الديمقراطي وصعدت على دماء الشعب.. ولأن الاسلاميين ليس لهم تاريخ ونموذج سياسي في الحكم، فهم يستعملون مؤقتا الشيوعيين كغطاء لهم، وهذا طبيعي طالما هم يطبقون باسم الاسلام النمط السياسي الستاليني ذاته. فما سر هذا الحلف العميق بين الأحزاب الدينية الشمولية وبين الشيوعيين ليس فقط في سوريا بل في لبنان وفلسطين والأردن والعراق..
لقد تسرع الشعب السوري بتفويضهم، تحت وهم أن “الناتو” يحتاج لأي مجلس، لكي يتدخل بذات الطريقة الليبية.. ولكن الشعب لقلة خبرته لم يراقب ولم يحاسب وبقي ينتظر وينتظر حتى خاب أمله، وضاع في بحر الكذب المدعوم من اعلام مهيمن عليه وموجه لخدمة صيانة وحفظ على هذا الشكل من المعارضة، التي ما كان لها أن تجتمع على هذه الطريقة لولا التمويل والدعم. والتي تموت مباشرة اذا انقطع عنها.. فالكثيرون يخافون الحرية، ويخافون الشعب السوري الذي يجب أن يبقى من وجهة نظرهم تحت هيمنة من يستطيع لجمه وتقييده من الشموليين. وفي حين أن الثورة في الداخل مستمرة وتجدد نفسها وتقدم التضحيات اثر التضحيات، من دون كلل ولا ملل ولا تعب، تعجز القيادات عن تشكيل مؤسسات أو اجراء انتخابات أو تنظيم مكاتبها.
لقد ثار الشعب السوري لكي ينتهي من الاستبداد والتخلف الذي عشش قرونا، ومن أجل حياة حرة كريمة، وليس ليستبدل شخص بشخص ، ومستبد بآخر، ولم يثر من أجل فرض عقيدة والغاء أخرى ولا مذهب ولا طائفة ، ثار من أجل الحرية والعدالة ودولة الحق والقانون والمحاسبة والنزاهة.. ثار لكي يصنع مستقبلا يليق به كشعب وأمة وحضارة وتاريخ ودين. وعندما تعرض للقتل لجأ إلى الله لكي يعطيه القوة ويتقبل شهداءه.. وهذا لا يغير أهداف الثورة ولا يعطي الشرعية للاسلام السياسي لكي يمثلها، فالذين يمزجون بين الدين والسياسة يريدون استخدام احترام الناس للدين من أجل تحقيق مكاسب سياسية وتحقيق أفضلية على غيرهم. فشتان بين سلطة الدين التي يمارسها الضمير وبين سلطة الدولة التي تمارسها الشرطة ، وبين دور العقيدة ودور السياسة، فالخلط بينهما لن يحقق الفائدة لأي منهما ..
و الآن و بعد كل ذلك الاجرام الذي مارسه النظام يريدون توحيد المعارضة من أجل الحوار معه.. لكن الشعب لن يرضى أقل من رحيله.. فالمسألة لم تعد مسألة اصلاحات، بل مسألة عدالة، أحدهم ظن أنة بجرائمه يجعل الشعب والعالم يخاف منه لأنهم بنظره جبناء، لكنه بذلك خلق ارادة القتال عند أصحاب الكرامة، الذين لم يخافوا ولن يحاوروا المجرم بل سيقاتلوه لكي يجلبوه للعدالة لأنه من دون العدالة لا بد سيحدث الانتقام. و لن تنجح كل محاولات سرقة الثورة السورية، وكل محاولات لجمها بقيادات عاجزة أو مرتهنة..
على الدوام كان المطلوب منا الحرب على جبهتين: جبهة الأمن وعملائه.. وجبهة الموروث الشمولي وثقافة الاستبداد والفساد. التي زرعها النظام ودرسها وجعلها ثقافة المجتمع. والجميع يحمل من أمراض هذا المجتمع وعيوبه.. ولا نستطيع الادعاء بعكس ذلك، رغم الثمن الكبير الذي دفعناه ثمنا لتحدينا لنظام القمع والكذب.. فالحرب هي على صعيد الذات ايضا ومن أجل تحريرها وتطهيرها.. وهنا المعركة الأهم.. خاصة ضد الأنا المتخضمة التي تنمو عادة عند المثقف والقيادي الذي لا يستمد قيادته من الجماهير.. أضف إلى ذلك عامل عدم وجود ثقافة العمل الجماعي والتكامل والعمل المؤسسي والشفافية.. وكل هذه العيوب سوف تتوضح وبقوة عندما تتشكل معارضة في الخارج بعيدة عن التهديد والقمع، وتحت تأثير سحر الظهور والسلطة والثروة.. كل هذه المغريات وبغياب القمع الموحد.. فجرت التنافس ورغبات التحطيم والاحتكار بين مجموعات النشطاء ( المعارضة ) فطارت القضية ، وانشغل الجميع بالمشاريع الشخصية وقسمة المنافع.. وشعر المراقب الخارجي بمدى تهافت المعارضة أو من سمت نفسها زورا بذلك. وباءت وأتوقع أن تبوء كل محاولات توحيدها وتفعيلها بالفشل، لسبب بسيط هو أنها ليس لديها جماهير تنتجها وتحاسبها، وقد جاء قرار تسميتها من أحدهم في الخارج وهي تحتاج على الدوام لمباركته وبركته، بينما الشعب غائب عن عملية اختيار ممثلية وعن محاسبتهم.. فكل سياسي ينقطع عن مصدر شرعيته يتحول الى انتهازي وغاصب لارادة الناس ومتاجر في عذاباتهم.. وسوف يفشل في أداء أي دور بناء، في خدمة ثورة شريفة عظيمة كهذه، ترفض أن يقوم من ليس منها بقيادتها. وأنا كلي إيمان بأن هذا الشعب العظيم سيطيح بكل العقبات، وسيكون قادرا على انتاج قيادته وتجديد أدواته وتطويرها..والمطلوب منا فقط أن ندعمه ونمكنه مما يريدلا أن نقطع عليه الطريق، ونلقي عليه الدروس.
البعض عبثا يحاول اصلاح وتفعيل وتوحيد نشطاء الخارج تحت امرة من يسمع منه ويطيعه، ويتجاهل أن المطلوب هو سؤال الداخل.. فالثورة التي قامت على التواصل الافتراضي لا تعجز عن ايجاد الية تسمية يسمي بها مجالس المحافظات من يمثلهم في الخارج، أو أن توضع معايير لعضوية أي مجلس تمثيلي، أو حتى قواعد ديمقراطية لعمله. لكن البعض يريد مجلسا بلا معايير ولا منهج ولا مؤسسات ولا انتخابات ولا شفافية، ولا ينتبه لضرورة الفصل بين التمثيل وبين التنفيذ، حيث نحن بأمس الحاجة لحكومة منفى تنظم وتحتوي كل العمل بأنواعة الانسانية والاعلامية والاغاثية والعسكرية.. وبحاجة من يراقب ويشرف ويحاسب.. كل تلك المعايير يضرب بها عرض الحائط ويطلبون من (المعارضة) التوحد على ماذا؟؟؟ على باطل وخديعة وفشل.. وحصيلة عام أليست كافية للحكم؟؟.. لا حول ولا قوة الا بالله.