وكالة الصحافة الفرنسية-
دعا المبعوث الدولي العربي المشترك الى سوريا كوفي انان الثلاثاء الرئيس السوري بشار الاسد الى “التحرك الان” واتخاذ “خطوات جريئة” لوقف العنف في البلاد، في حين القت مجزرة الحولة بثقلها على الساحة الدبلوماسية عبر لجوء عدد غير مسبوق من الدول الغربية الى طرد الدبلوماسيين السوريين من اراضيها.
ومع تواصل اعمال العنف في سوريا حاصدة 30 قتيلا الثلاثاء، اعلن مساعد الامين العام للامم المتحدة المكلف عمليات حفظ السلام ايرفيه لادسو ان “هناك شبهات قوية تفيد بان عناصر من الشبيحة متورطون في مجزرة الحولة”.
وقال انان في مؤتمر صحافي عقده في دمشق عقب لقائه الاسد “ناشدته اتخاذ خطوات جريئة الآن – ليس غدا، الآن – لخلق قوة دفع لتنفيذ الخطة” التي وضعها لحل الازمة في سوريا.
واضاف “اسمحوا لي أن أؤكد مرة أخرى، يجب ان يتوقف العنف ويجب أن تنفذ النقاط الست للخطة” متابعا “اريد من الرئيس ان يتحرك الان”.
ودعا انان الحكومة وجميع القوات الداعمة لها “الى وقف جميع العمليات العسكرية وإظهار أقصى درجات ضبط النفس”، مضيفا “اناشد ايضا المعارضة المسلحة وقف اعمال العنف”.
وذكر انان الاسد ان المجتمع الدولي سيقوم قريبا “بمراجعة الوضع”.
وناشد انان الحكومة والشركاء الاقوياء في هذا الصراع ان “يتحلوا بالجراة من اجل الشعب السوري”.
واكد انان على ضرورة وقف العنف “من اجل سوريا” مشددا على “وضع حد لهذا العنف والبدء في إعادة الأمل في التحول السياسي نحو مستقبل ديموقراطي يكون فيه لجميع المكونات دور”.
واشار انان الى ان العنف توقف من قبل في 12 نيسان/ابريل وقال “توقف كلا الجانبين (عن اطلاق النار) في 12 نيسان/ابريل، ويمكن أن يتم ذلك مرة أخرى. ما هو مطلوب الإرادة والعزيمة والحرص على الشعب السوري”.
كما طلب من “جميع الدول ذات النفوذ اقناع الحكومة وجميع الأطراف بضرورة وقف العنف بجميع أشكاله، بما في ذلك انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة”.
واضاف المبعوث انه اشار الى الرئيس السوري “ان الخطة المكونة من ست نقاط لم يتم تطبيقها كما يجب” لافتا الى “اننا في نقطة حرجة”.
واوضح انان ان الشعب السوري “لا يريد ان يتسم المستقبل بسفك الدماء والانقسام” لافتا الى استمرار “عمليات القتل والانتهاكات الى اليوم”.
وحث انان الاسد على “احترام حرية الاحتجاج السلمي، وضمان أن يسمح للناس بالتعبير عن آرائهم دون خوف” داعيا اياه الى “ممارسة سلطته وإطلاق سراح المعتقلين”.
ووضع انان خطة للخروج من الازمة اقرتها دمشق وارسلت بموجبها بعثة من المراقبين الدوليين الى سوريا للتثبت من وقف اطلاق النار الذي اعلن في 12 نيسان/ابريل ويتم خرقه يوميا.
وتنص خطة انان ايضا على سحب الدبابات من الشوارع والسماح بوصول المنظمات الانسانية واللجنة الدولية للصليب الاحمر الى المحتاجين واطلاق المعتقلين والسماح بالتظاهر السلمي وبدء حوار سياسي مفتوح لا يستثنى منه اي طرف.
وقبيل عقد انان مؤتمره الصحافي نقل التلفزيون السوري ان الرئيس السوري بشار الاسد قال لانان ان “نجاح خطته يعتمد على وقف الاعمال الارهابية ومن يدعمها ووقف تهريب السلاح”.
وشدد الاسد ايضا امام انان على “ضرورة التزام الدول التي تقوم بتمويل وتسليح المجموعات الارهابية المسلحة بخطة انان واختبار توفر الارادة السياسية لدى هذه الدول للمساهمة في وقف الارهاب”.
وعبرت واشنطن عن املها الثلاثاء في ان تشكل مجزرة الحولة “منعطفا” يدفع روسيا الى التخلي عن ترددها في اتخاذ موقف اكثر حزما ضد الرئيس السوري بشار الاسد.
وردا على سؤال حول تأثير المجرزة التي ارتكبت الجمعة في الحولة بوسط سوريا قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند “هل سيشكل ذلك نقطة تحول في الموقف الروسي؟ آمل ذلك”.
في حين طالبت روسيا الامم المتحدة باجراء تحقيق “موضوعي ومحايد” بشأن مجزرة الحولة. وجاء في بيان لوزارة الخارجية الروسية ان انان اتصال بوزير الخارجية سيرغي لافروف وقال له “ان “مجزرة الحولة تثبت ان على كل الاطراف في سوريا وقف العنف فورا تفاديا لوقوع مثل هذه المآسي مستقبلا”.
وفي اطار تحديد المسؤوليات بالنسبة الى مجزرة الحولة اعلن متحدث باسم المفوضية العليا لحقوق الانسان في الامم المتحدة ان معظم ضحايا مجزرة الحولة في سوريا اعدموا استنادا الى النتائج الاولية لتحقيق اجرته الامم المتحدة.
وقال المتحدث روبرت كولفيل خلال مؤتمر صحافي “نعتقد ان اقل من عشرين من عمليات القتل ال108 يمكن ان تنسب الى اطلاق نار بالمدفعية والدبابات”.
واضاف ان “معظم الضحايا الاخرين (…) اعدموا بشكل سريع في حادثين مختلفين” نسبهما سكان في المنطقة الى مسلحين من “الشبيحة” التابعين للنظام السوري.
وفي الاطار نفسه قال مساعد الامين العام للامم المتحدة المكلف عمليات حفظ السلام ايرفيه لادسو ان “هناك شبهات قوية تفيد بان عناصر من الشبيحة متورطون في هذه المجزرة في الحولة وشائعات بانهم ضالعون في اعمال عنف اخرى” في سوريا.
وخلص الى القول “لا ارى اي سبب يدفع الى الاعتقاد بان طرفا ثالثا ضالع” في المجزرة.
دبلوماسيا تسارعت وتيرة قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا بشكل غير مسبوق مع اعلان الدول الاوروبية الكبرى والولايات المتحدة وكندا واستراليا طرد دبلوماسيين سوريين في عواصمها ردا على مجزرة الحولة التي خلفت 108 قتلى بوسط سوريا.
فقد قررت واشنطن والعواصم الاوروبية الكبرى، باريس ولندن وبرلين وبلجيكا وسويسرا واسبانيا وايطاليا والمانيا، التي تسعى منذ اشهر للضغط على نظام بشار الاسد لوقف سياسة القمع، قطع العلاقة الدبلوماسية مع النظام.
وبعد قرار مماثل من قبل استراليا وكندا، امهلت الولايات المتحدة التي تعتبر دمشق “مسؤولة” عن مجزرة الحولة 72 ساعة القائم بالاعمال السوري في واشنطن زهير جبور لمغادرة البلاد. وهو ارفع دبلوماسي سوري.
وفي اوروبا اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند طرد سفيرة سوريا في باريس لمياء شكور، واكد ان اجتماعا لمجموعة “اصدقاء سوريا” سيعقد مطلع تموز/يوليو في العاصمة الفرنسية.
وبعيد ذلك اعلنت برلين استدعاء سفير سوريا في المانيا لابلاغه بقرار طرده في مهلة 72 ساعة.
كذلك تبلغ القائم بالاعمال السوري في لندن الذي استدعته الاثنين وزارة الخارجية البريطانية قرار طرده. ولم يعد لسوريا اي سفير في بريطانيا منذ اشهر عدة لذلك فان القائم بالاعمال هو اعلى ممثل لها في المملكة المتحدة.
وبدورها ابلغت روما ومدريد السفيرين السوريين لديهما بالتدبير نفسه.
واعلنت وزارة الخارجية البلغارية انها ستطرد السفير السوري بالوكالة في صوفيا صلاح سكر وكذلك دبلوماسيين اثنين اخرين احتجاجا على مجزرة الحولة.
واعلن وزير الخارجية الهولندي يوري روزنتال سفير سوريا الذي يتولى من بروكسل تمثيل بلاده في هولندا وفي بلجيكا “شخصا غير مرغوب فيه” في هولندا بسبب مجزرة الحولة وعدم احترام سوريا قرارات مجلس الامن الدولي. وقال “يجب عدم التعاون مع بلد على رأسه مثل هذا الرئيس” في اشارة الى الاسد.
واعلنت وزارة الخارجية السويسرية الثلاثاء ان سفيرة سوريا لدى سويسرا لمياء شكور التي تقيم في باريس وهي ايضا سفيرة بلادها لدى فرنسا باتت “شخصا غير مرغوب فيه”.
ورحب المجلس الوطني السوري المعارض بقرار هذه الدول طرد دبلوماسيين سوريين ردا على مجزرة الحولة. ودعا المجلس الوطني السوري المجتمع الدولي الى اصدار قرار في مجلس الامن يتيح استخدام القوة لمنع “عمليات الابادة والقتل” في سوريا.
ميدانيا قتل 30 شخصا الثلاثاء في اشتباكات بين القوات النظامية ومجموعات منشقة وفي اعمال عنف في مناطق مختلفة من سوريا، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان “الجيش السوري منهك لانه تعرض لخسائر كبيرة خلال الايام الماضية بسبب ارتفاع حدة العنف، في حمص (وسط) ودرعا (جنوب) وغيرها.
واشار عبد الرحمن الى ان “النظام السوري لا يعطي كل الارقام (حول الخسائر) لانه لا يريد احباط جيشه”.
وتشهد مناطق عدة في البلاد اشتباكات عنيفة متنقلة منذ ايام.