وكالة الصحافة الفرنسية
ظن الصحافي السوري المعارض شاهين ان خروجه من سوريا سيطوي صفحة عيشه متخفيا ويفتح له الباب لمتابعة نشاطه من اجل تحقيق التغيير الذي يحلم به لبلاده، لكن الواقع بالكاد تغير في لبنان القلق من التطورات في البلد المجاور والذي ينقسم ابناؤه بين مؤيدين للنظام السوري ومناهضين له.
وفي منزل صديقه اللبناني حيث يقيم حاليا، يقول شاهين -وهذا ليس اسمه الحقيقي- لوكالة فرانس برس “كنا نظن ان وجودنا في لبنان سيؤمن لنا مساحة من الحرية وامكانية التحرك أكثر، لكن المفاجأة كانت ان اللبنانيين يخافون من المخابرات السورية اكثر من السوريين انفسهم”.
ويضيف “رغم ان الجيش السوري انسحب (من لبنان) في العام 2005، (…) كلما تحدثت مع (ناشط أو صحافي) لبناني يقول لي “هواتفنا مراقبة، ولدينا حزب الله” وكثيرون يقولون “نحن ورطة لك وانت ورطة لنا”.
ويعمل شاهين على نقل الانباء والصور التي ترده عن التظاهرات في سوريا الى المواقع الالكترونية ووسائل الاعلام، بعيدا عن الاضواء، خوفا من ان يتم تسليمه الى سلطات بلاده او تعرضه لاعتداء ما، لا سيما انه تلقى تهديدات عدة عبر الانترنت.
وسحبت سوريا قواتها من لبنان في نيسان/ابريل 2005 تحت ضغط الشارع والمجتمع الدولي بعد حوالى ثلاثين سنة من التواجد ونفوذ واسع في الحياة السياسية اللبنانية.
وان كان ما يعرف “بالوصاية السورية” انتهى في ذلك الوقت، ووصلت اكثرية مناهضة لدمشق الى السلطة ومجلس النواب، فان الدور السوري بقي قائما من خلال حلفاء دمشق في لبنان وعلى رأسهم حزب الله، القوة اللبنانية الوحيدة المسلحة الى جانب الدولة.
وقرر شاهين (30 عاما) المجيء الى لبنان بعد حوالى اسبوع على اندلاع التظاهرات الاحتجاجية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد في 15 آذار/مارس.
ويروي ان الاجهزة الامنية “اعتقلت رفيقا لي في دمشق، فعلمت مع رفاق آخرين اننا بتنا مطلوبين، وقررنا مغادرة البلد”.
ويوضح شاهين، وهو ابن عائلة دمشقية متوسطة، انه سبق له ان استدعي مرارا الى “فنجان قهوة في فروع الأمن”، وهي التسمية الشائعة بين السوريين عن الاستدعاء للتحقيق على خلفية نشاط سياسي، “لكننا هذه المرة قررنا اننا لن نتمكن من مواصلة عملنا الا بخروجنا من سوريا”.
ويضيف “لا يمكننا ان نتوقف الآن، خصوصا عندما نتذكر ان هناك من يعرضون انفسهم للموت والتعذيب عند خروجهم في كل تظاهرة”.
ويقر شاهين بأن الاعتقال هو اسوأ ما قد يصيبه. ويقول “اخاف من التعذيب، لاني لا اعرف مدى قدرتي على احتماله”.
حزب الله: كنا نفتح له قلوبنا وبيوتنا..!
ويتفق الناشط السياسي مجاب السمرا (32 عاما) مع شاهين بالنسبة الى صعوبة الاقامة في لبنان حيث يحاول ان يتواصل مع اكبر عدد ممكن من وسائل الاعلام لنقل وجهة نظر المعارضين السوريين.
ويبدي السمرا الذي يقيم عند اقارب لبنانيين منذ نحو شهر، خيبة امل كبيرة من موقف حزب الله تجاه الاحداث في سوريا. “حزب الله الذي كنا نفتح له قلوبنا وبيوتنا ونتكلم باسمه، يهاجم ثورتنا ويصفنا للأسف بالعملاء والمندسين”.
ويضيف “كيف يكون الحزب مع الحرية في مصر وتونس والبحرين وضدها في سوريا؟ (…) أسباب الثورات واحدة وهي الاستبداد والقمع والظلم”.
ويتابع “نتخوف من الانباء التي تتردد عن تسليم الجيش اللبناني عددا من المعارضين الى سوريا. ولا نطمئن الى العناصر الحزبية الموالية للنظام السوري، ونحذر ان نقصد اماكن معينة تتمتع فيها هذه الاحزاب بنفوذ”.
ونددت منظمة هيومان رايتس ووتش الاسبوع الماضي بتوقيف السلطات اللبنانية عددا من اللاجئين السوريين، متخوفة من تسليمهم الى سلطات بلادهم.
ويقول السمرا انه يفكر في حال “ساءت الاوضاع في لبنان، بالانتقال الى مصر (…). لكن لبنان يبقى الخيار الاول” لقربه جغرافيا من سوريا.
ويضيف “لقد شردنا، ونقيم عند الناس، ونأكل ما تيسر، لكن من الصعب علينا ان نعيش في هذه الظروف حياة عادية وكأن شيئا لم يكن. انه وقت العمل للوطن”.
في بلده، كان مجاب السمرا ممنوعا من العمل في مؤسسات سورية نتيجة عدم حصوله على موافقة امنية بسبب نشاطه السياسي. وهو مصمم على تغيير هذا الواقع. “نحن امام نفس يعم المنطقة. فاما ان اتحرك او انتظر حافظ، ابن بشار الاسد، حتى يكبر ويحكم ابني”.
ويؤمن المعارضون السوريون بعدالة قضيتهم، مؤكدين انهم لا يطلبون الا الحد الادنى من الحقوق.
ويقول مسعود عكو (28 عاما) الناشط السوري الكردي الذي خرج من سوريا بشكل غير قانوني جراء وجود اسمه على قوائم الممنوعين من السفر، لوكالة فرانس برس “قضيتنا اليوم هي ان تعود الكرامة الى كل مكونات الشعب السوري، وان نقدر على غرار الامم المتحضرة على تحديد مستقبلنا بايدينا”.
وقد مضت سنة كاملة على مغادرته بلاده الى لبنان ومنه بعد بضعة اشهر الى النروج.
اما عهد الهندي (28 عاما) المسيحي الدمشقي الذي لجأ الى لبنان العام 2007 ومنه انتقل الى الولايات المتحدة حيث يعمل مع منظمة “سايبرديسيدنتس” (المعارضون الالكترونيون)، فيرى ان “ما يحلم به اي سوري اليوم هو دولة جامعة تسعى الى تأمين مصالح ابنائها وامنهم، لا بث التفرقة بين مكونات الشعب لتطرح نفسها حامية للأقليات”.
ويحلم كل من شاهين والسمرا بالعودة الى بلادهم.
ويقول السمرا “عندما احرق البوعزيزي نفسه في تونس… شممنا الرائحة في دمشق. اليوم قطعنا نصف الطريق، السلطة استخدمت كل قواها الامنية والعسكرية، والنتيجة ان التظاهرات ما زالت تخرج من قلب الحصار”.
ويخلص شاهين “كانت سوريا تعيش صمتا رهيبا… لكنه انكسر الآن”.
شماتة او لا شماتة زيس ايز زا كويستشن
عندما كنا نهاجم حزب الله يا شاهين وندافع عن حقنا في الوجود و عندما قلنا ان هذه الانظمة اسوأ من اسرائيل كان امثالك يصفنا بالعملاء.
كان الله في عونكم بمواجهة آلة القتل البعثية لكنكم تأخرتم و تلكأتم و ها انتم تدفعون الثمن.