أتت ضربة حزب العمال الكردستاني المزعجة بالنسبة للحكومة التركية والمؤثرة في وضع أكراد العراق في وقت كان مسئولون أتراك يجهزون قرارا بتمديد مهمة الجيش – الذي خوّل من قبل البرلمان في تشرين الأول من العام ٢٠٠٧، وبناءا على طلب حكومة “العدالة والتنمية”، بإرسال قوات خارج الحدود، وتحديدا إلى المناطق ذات السيادة الكردية من العراق التي تتواجد فيها عناصر من حزب العمال الكردستاني – سنة أخرى في القيام بعمليات اجتياح البري والجوي للأراضي العراقية. وفيما ينتظر الأتراك إذا كان البرلمان سيصدّق (في هذا الشهر) على المذكرة التي سيقدمها الجيش والحكومة لتمديد فإن أحداً لا احد يستطيع -حتى الآن- التكهن بأنه يمكن أن يوافق البرلمان ما يريده الجيش في ظل مؤشرات على ان ثمة خلافاً يظهر على السطح بين الحكومة و حزب الشعب الجمهوري المعارض على التمديد. وحسب بعض الأوساط الإعلامية التركية، فالخلاف بين الحكومة والمعارضة يدور حول نقطتين:
الأولى، أن المعارضة التركية، وخصوصا حزب الشعب الجمهوري، لا ترى أن وجود الجيش في الخارج الحدود يخدم مصلحة تركيا الوطنية. فالمعارضة لا تريد تشويه سمعة الجيش الذي يشكل القوى الثانية في الحلف الأطلسي عدديا أكثر مما شوهتها عملية الاجتياح العام الماضي لدى الشارع التركي. إذ تلقى الجيش ضربة مؤثرة بعد الهزيمة “النكراء” التي أصيب بها الجيش في العام الماضي، حيث تركب تلك العملية البرية (في العام الماضي) أثرا سلبيا بالغا على
المستويين المادي والمعنوي.
والثانية، حزب الشعب الجمهوري لا يريد أن يشارك أي قرار يتخذه “العدالة والتنمية”، خصوصا القرارات المصيرية التي ليس واضحاً ما إذا كانت لصالح تركيا أو لا! وحتى الآن، ثمة شرخ واسع في الرؤى بين الحكومة والمعارضة، ولعله من الواضح إن المعارضة ما زالت تعترض المنهجية التي تتخذها حكومة ” العدالة والتنمية” في إدارة الحكم .
في هذا السياق أتت عملية العمال الكردستاني- في منطقة “الهكاري” القريبة من الحدود العراقية التركية- غير محسوبة عقباها، مثلما فعل العمال قبل عام بعمليته (جنود الأتراك كانوا في فترة المبيت) التي جلبت الويلات لأكراد العراق وكانت سببا في إعادة الحميمية في العلاقة بين الأتراك والاميركان وسببا في توقيع الاتفاقية الأمنية بين بغداد وأنقرة على مثال اتفاقية بين أنقرة وطهران وكذلك بين أنقرة ودمشق. هذا فضلا إن العملية تلك خلقت حجة للجيش بضغط على حكومة “العدالة والتنمية” لإرسال قوات داخل أراضي كردستان العراق. هذا عدا أن العملية تلك ألحقت خسارة كبير ة بحزب العمال نفسه، وبسياسات أكراد العراق القومية. كل هذه الخسارة مقابل وقوع عدد من القتلى في صفوف الجنود الأتراك.
والواقع أنه كان يقع على عاتق حزب العمال أن يوسع الشروخ بين الحكومة والجيش، وان يسعى لاستغلال المواقف الإيجابية لحكومة أردوغان. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه الان بقوة هو: لماذا “طنّش” العمال الكردستاني عن مواقف أردوغان الذي أعلن لمرات بأنه لا ينوي التورط في المستنقع العراقي؟ ماذا فعل حزب العمال عندما قال أردوغان رداً على مواقف الجيش عندما قال ” إنتهينا من آلاف العناصر من حزب العمال في داخل تركيا حتى نقوم بعملية عسكرية في كردستان العراق ونبحث عن 3 ألاف عنصر في أماكن وعرة وعصية؟”
يمكن القول إن عملية حزب العمال الكردستاني الأخيرة صعبة التفسير في هذا الوقت، خصوصا ان توقيتها ومكانها غير مناسب بالنسبة لهم وبالنسبة للحزب المجتمع الديمقراطي الكردي التركي الذي يعاني من حملة قضائية شرسة وكذلك بالنسبة للأكراد العراق الذين هم في مأزق سياسي كبير بعد الأحداث السياسية والأمنية في كركوك وخانقين. الجدير بالذكر إن العملية الأخيرة والعمليات العسكرية السابقة قوّت من حجة الجيش على حساب الحراك الديمقراطي في تركيا وكانت سببا لأن ترضخ أردوغان للأمر الواقع، وأن تقبل ما يطلبه الجيش.
إن الواقع الكردي يفرض على القوى الكردية الحسبان بأنه أي عملية صغيرة قد تكون لها عواقب وخيمة. ويمكن القول إن العملية تلك صارت بمثابة لي الذراع في السياسات الكردية لعدد من الأسباب:
أولا، أن أكراد العراق في حالة سياسية سيئة مع حلفائهم العراقيين. و الخلاف بين الأكراد والمكونات السياسية العراقية حول أداء الحكومة وعدم تطبيق المادة الدستورية (140) المتعلق بكركوك يحمّلهم أعباء سياسية كافية. ودون أدنى شك أن مثل هذه العملية ستؤثر على الوضع وفي النقاشات بين المكونات الكركوكية، خصوصا إن بعض الأطراف الكركوكية تراهن على تركيا وعلى مواقفها فيما خص بكركوك ومستقبلها. أنسينا أن “الجبهة التركمانية ” وهي الوحيدة التي تقف في وجه سياسات الأكراد تستقوي بموقف تركيا؟
ثانيا، وضع أكراد تركيا بالذات لا يتحمل أي اهتزاز وهم لا يريدون أي خلل خصوصا في هذه الفترة. الأرجح أن العملية الأخيرة أساءت إلى أوضاعهم، وزادت من الشرخ بينهم وبين الشارع التركي في وقت كانت بعض المؤسسات الحقوقية بدأت تقف إلى جانب حقوق الأكراد المشروعة.
ثالثاً، أتت العملية لتؤثر بشكل مباشر على حزب المجتمع الديمقراطي الكردي التركي- له 22 برلمانيا في برلمان تركيا. وستؤثر هذه العملية ستؤثر في عواطف الرأي العام التركي، خصوصا في هذه المرحلة. ومن المعروف ان المدعي العام التركي طلب حظر حزب المجتمع الديمقراطي الكردي ويتوقع أن تتخذ المحكمة الدستورية قرارها بشأنه قريبا. وهذا سيدفع الرأي العام التركي إلى المطالبة بحظر الحزب بتهمة تركية جاهزة وهي وقوفه إلى جانب “الإرهاب” . نسي الحزب إن الرأي العام التركي له تأثير قوي على مجريات الأحداث السياسية والقضائية والأمنية ولعل ما رأيناه مع “العدالة والتنمية” يثبت إن الرأي العام التركي يؤثر حتى في الأداء القضائي. فالشعب قام بعدد من المظاهرات والاحتجاجات المؤثرة التي حالت دون حذر حزب “العدالة والتنمية”.
ليس من شك في أن نضالات حزب العمال الكردستاني السلمية، وحراك المؤسسات الكردية في تركيا، كان لها تأثير قوي في الذهنية السياسية والمجتمعية التركية. ولعله بسبب هذه النضالات أصبحت للقضية الكردية أصدقاء، وبدأت الأوساط الحقوقية والفاعلون في حقل مؤسسات المجتمع المدني يعملون لصالح حقوق الأكراد وقضاياهم. والسؤال الآن هو إلى أي مدى أثرت هذه العملية، المدانة من قبل شرائح سياسية كردية واسعة، في وقوفه هؤلاء إلى جانب قضايا الأكراد؟ دون أدنى شك إن هذه العملية تركت أثرا سلبيا في نفسية أصدقاء من الأتراك وفي نفسية الذين يكتبون يوميا لصالحهم ويحثون الحكومة على إيجاد حل للقضية الكردية
وفي هذه الأثناء، ينتقد عدد من الكتاب الاتراك قرار الجيش بتمديد المهلة، ويسألون عما اذا كان هذا القرار يخدم العدالة والتنمية ام ان العدالة والتنمية بدأ يرضى تطلعات الجيش . وينتقد البعض أسلوب التعامل مع القضية،ويرون ان الجيش انفق أنفقت مليارات الدولارات وسقط منه ألوف الشهداء، وهذا نوع من العلاج (الأسلوب العسكري) لم ينجح. ويحث الأتراك حكومتهم لمقاربة القضية الكردية بشكل مختلف ” قبل أن تطلب موافقة البرلمان على مذكرة جديدة لإرسال القوات خارج الحدود، فالناس في جنوب شرق تركيا تريد السلم والاستقرار، ويجب على السياسيين إيجاد الحل” (جريدة الزمان التركية 3/10).
وحث الكاتب التركي طه أقيول رئيس الأركان باشبوغ على قراءة كتاب يظهر كيف أن سياسات الإنكار التركية للهوية والقضية الكردية تصبح سببا في تثوير النزعة القومية الكردية .
faruqmistefa@hotmail.com
*كاتب وصحافي كردي، متخصص بشؤون الكردية التركية
هل أخطأ حزب العمالي الكردستاني بعمليته الجديدة ضد الجيش التركي؟
الكل اصبح يعلم الا الاحمق ان حزب العمل الكردستاني يسيره الصهيونية العالمية لضرب الديمقراطية التركية لان الشعب التركي لم يسمح لامريكا بان يمر باراضيها لاحتلال العراق وقال لا وباعلى صوت بينما النظام الايراني المليشيي صدر مليشياته الارهابية من بدر وصدر وفرق الموت….الى العراق وساعد ي القاعدة وانصار الاسلام في تدمير العراق وتهجير ابنائه