(2)
العلوم تعزز المادية وتؤيد الجبرية:
بعد أن شق نهر النيل مجراه في أرض مصر بسبعة آلاف عام، وُجد الشعب المصري على شاطئيه، وتطور كما تتطور الشعوب الأخرى التي نشأت حول الأنهار، في بلاد ما بين النهرين وفي الهند والصين، لكن النقلة الكبرى في مصر كانت وجود أوزير (الذي نطق الإغريق إسمه أوذريس ثم صّحفها العرب إلى إدريس) وأخته ثم زوجه فيما بعد إز أو اس (التي نطقها الإغريق إيزيس وصّحفها العرب إلى العُزي). فقد كان لأوزير وزوجه إيزيس صلة مباشرة، وغير معروف كنهها حتى الآن، بكوكبة الجبار أوريون (Orion)، وبالشعري اليمانية (Sirius).
وقد تحددت حيوات أوزير وإيزيس حوالي 8500 عاماً قبل المسيح، أى مدة عشرة آلاف وخمسمائة عام، من وقتنا الحالي.
لكن البحوث الحديثة إنتهت إلى أن المدة من الآن هى 13500 عام. ولو أقيم خطان من حجرة الملك وحجرة الملكة في الهرم الأكبر إلى كوكبة الجبار وإلى الشعرى اليمائية لكانا مستقيمين تماما. لذلك فقد قيل إنه بأوزير وإيزيس بدأت في مصر حضارة كونية أو حضارة فلكية. وفي كتب التاريخ، ومنها كثير من المراجع الإسلامية، ان إدريس (النطق العربي لأسم أوزير) عاش في مصر وعلّم قومه الزراعة والصناعة (البسيطة) والكتابة والحياكة والموسيقى والفلك والإدارة والحكم وعبادة الله، وقدم إليهم الدين في صيغة ميسرة هي عبادة الله الواحد الأحد (بالمصرية القديمة Neter uno) والاستقامة (وهي ماعت، وجها من أوجه أوزير نفسه، سيدة (ربة) الحق والعدل والاستقامة والنظام).
بأوزير وإيزيس نشأت في مصر حضارة كونية إنسانية، تحمل أفكارا ومبادئ علوية سامية، وتربط بين الإنسان والأكوان، فكانت حضارة خاصة قدمت كثيراً من العلوم والفهوم والتقنية (أي إستعمال العلوم في الأدوات التي يستخدمها الناس في حيواتهم العادية). وكانت هذه العلوم والفهوم والفنون مقصورة على المعابد، ومن يتتلمذون فيها أو يتلقون العلم بها من النبهاء و الخاصة، ولا تُلقي إلى العامة لأنها تفوق إدراكاتهم، وتُحدث لهم اضطرابا في القول والفعل.
وكانت مصر بهذه المثابة قبلة لطالبي العلم من الإغريق، الذين كانوا يعتقدون أن عناصر كثيرة من الحضارة التي أقاموها فيما بعد، قد جاءت من مصر. وتعزو قصصهم نشأة كثير من المدن اليونانية إلى رجال وفدوا من مصر أو نقلوا الحضارة المصرية إلى بلاد اليونان. وزار مصر كثير من عظماء اليونان مثل طاليس (624 – 548 أو 545 ق.م) الذي كان يؤكد على أن المادة الأولي للخلق هي الماء، وفيثاغورس الذي أنشأ جماعة الاخوان الفيثاغورثيين والتي كانت تقوم – كما المعابد المصرية – على دراسة الفلك والهندسة والأسرار الدينية والحساب والهندسة والتصوف. وأفلاطون الفيلسوف الشهير، وصولون الذي درس شرائع نخاو(الفرعون المصري) ولما عاد إلى أثينا أدخل بعضها في القانون الاثيني.
على أن أهم إثنين يتصلان بهذه الدراسة هما هرقليطس (ح482 ق.م) وديمقروطيس الأبديري (410 – 370 ق.م). فقد قدم الأول فكرة مهمة في كتابه (حول الكل) مؤداها أن تضارب الأشياء الظاهري ينطوي على انسجام عميق في الباطن. ويرى بعض العلماء أن إسم الكتاب ومضمونه يشير إلى أصل مصري. أما الثاني، فقد أقام في مصر زمنا، ولما عاد إلى بلاد الإغريق طفق يقول بتعدد لانهائي للعوالم التي تنشأ من إتحاد الذرات أو الأجزاء التي لا تتجزأ. وتلك الجزئيات (وهذا هو أول إستعمال للّفظ يظهر عبر العلوم المصرية ) يقصد بها (Particles) بالإنجليزية، (Particula) بالفرنسية، أو الجزئيات التي لا تنقسم. وهي ثابتة وخالدة، وفي حالة حركة مستمرة، وهي لا تختلف إلا في الشكل والحجم والوضع والترتيب.
وهذه النقطة بالذات سوف نعود إليها فيما بعد بالتأصيل والتحليل، حين يقتضي السياق ذلك، بعد دراسة تطور العلوم الفيزيائية.
**
(3)
كانت العلوم المصرية إذن محصورة في المعابد لا يُلقـّاها إلا النابه من الأفراد المصريين، ذلك إنها كانت تقوم على الفهم و التربية والتكوين لا على الحشو والحفظ والتلقين. فلما تهافتت العصور، وفـوّتت الأسلاف أو ضيّعت الأخلاف، انتهى دور المعابد. ولربما كانت بعض المعارف قد سُجلت كتابة في أوراق للبردي ضاعت ولم يوجد لها أثر، لأن الأصل في التعليم كان يقوم على معاني التكامل والوحدة والكونية، ومن ثم كانت قراءة صحيفة أو أكثر لا تُغني في الهدف المقصود من العلوم، ولا تفيد في العلم التكاملي، إنما كان المفهوم الأساسي لديهم ان ينتقل العلم والتربية شفاها وواقعا، فيكون شخصا ولا يصير كتابا. ولم يكن مفر بعد ذلك أن ينتقل العلم والتعليم إلى مكتبة الإسكندرية التي أنشأها بطليموس الأول ثم ازدهرت في عصر بطليموس الثاني (285-246 ق.م) فتوسعت ونمت مجموعتها وكانت كل كتبها مدونة على البردي والرقوق، على شكل لفائف. ومما يذكر أن عددها كان يبلغ حوالي 400000 لفافة منوعة، ونحو 90000 لفافة مفردة (أي لمصنّف واحد أو لمؤلف واحد). وفي هذه المكتبة درس عدد من الإغريق ومن الرومان علوم الفيزيقيا والرياضيات والطب والتشريح والفلسفة، وما غير ذلك.
والذي يهم الدراسة من كل هؤلاء هو أرشميدس (287 – 212 ق.م)، وهو رياضي وفيزيقي ومخترع إغريقي؛ إشتهر ببحوثه في الهندسة (الدائرة، الاسطوانة، القطع المكافيء، والفزيقيا والميكانيكا والهيدروستاتيكا) وقد وضع قاعدة للأجسام المغمورة في سوائل، وشرح قاعدة الرافعة بقوله إنه يمكنه تحريك العالم (أي الكرة الأرضية) بمفرده لو أُعطي رافعة ومكانا مناسبا.
هذا فكرُ آلي ميكانيكي، صرف، وهو يمعن من فرط ثقته في قول المستحيل إذ كيف يُوجد له الغير مكانا خارج الكرة الأرضية، وكم يبعد هذا المكان عن الأرض، وما هي الأداة التي سوف يستعملها في تحريك الكرة الأرضية؟ وما أثر ذلك على باقي الكواكب والنجوم؟
تبع أرشميدس من علماء الفيزيقيا المبرزين إسحاق نيوتن(1643-1707) وهو فيزيقي إنجليزي يعد من أعظم علماء القرن الثامن عشر في الفيزيقيا والرياضة. وله أعمال كثيرة، غير أن أهمها قانون الجاذبية العام وقوانين الحركة. ويمكن إيجاز قوانين الحركة لديه فيما يلي:
(1) يظل الجسم في حالة سكون أو حركة منتظمة في خط مستقيم ما لم تؤثر عليه قوة خارجية (2) ويتناسب التغيّر في كمية الحركة مع القوة المُسببة لها وتأخذ نفس اتجاهها (3) لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه.
أما ثالث معْـلم مهم في تاريخ الفيزياء فهو ألبرت أينشتاين (1879-1955) وهو عالم أمريكي (بالتجنس)، عُرف بنظرية النسبية العامة (التي نشرها في بحث له عام 1916 ) وهي تحدد العلاقة بين الجاذبية وبين انحناء الفراغ ذي البعد الزمني الرابع، أي إنه اعتبر الزمن بعداً رابعا للأشياء، ثم وضع العلاقة بين الطاقة والكتلة فى المعادلة الشهيرة (الطاقة = الكتلة في مربع سرعة الضوء، وبالإنجليزية²E=M×C).
تلك هي أهم محاط تطور الفيزياء كعلم. ويلوح منها أن أعلامها وصلوا إلى ما وصلوا إليه من فتوح وكشوف باعتبار أن الكون ساكن، وأن وحدة المادة هي الذرة (بالإغريقية Atomas، وبالإنجليزية Atom) التي لا تتجزأ.
saidalashmawy@hotmail.com
* القاهرة
مسألة الجبر والاختيار 2 و3سيادة المستشار أنا أتفق مع العنوان من خلال النظريات الفزيائية و ذلك راجع لكون المادة ليس لها العقل أو الإرادة فى ان تختار مسار آخر غير الذى وضعت به . و بالنسبة للعلوم المصرية القديمة و التى هى اصل لكل حضارات الارض فقد وجدت دلائل تشير بان الحضارة المصرية ليست هى الاساس ولكن كانت توجد حضارة سابقة و قد نقلت عنها الحضارة المصرية بعض علومها و هى حضارة [ اتلانتس ] الجزيرة المفقودة و التى قد وجدت اجزاء منها بالمحيط الاطلنطى و التى قد تكلم عنها أفلاطون بكتاباته و التى اخذها عن معلمه سقراط و قد… قراءة المزيد ..