طائرة التدريب الصغيرة والرخيصة “ياك-١٣٠” ذات المقعدين يمكن أن تتحوّل إلى مقاتلة فعّالة متعددة الأدوار ومتخصصة بمكافحة التمرد
غالباً ما تُسَلّط الأضواء على المقاتلات النفاثة الروسية الحديثة، مثل ”سوخوي-٥٠”. ولكن الـ”ياك-١٣٠”، ذات المحركين، التي تطير بأقل من سرعة الصوت، التي يسمّيها الغربيون ”ميتين” (Mitten)، بدأت تثير اهتماماً واسعاً لأنها أكثر من طائرة تدريب. فهي أيضاً مقاتلة متعددة الأدوار حقيقية. وهي بديل حقيقي ومنخفض الكلفة للمقاتلات التقليدية.
وأصبحت الجزائر، التي تخوض حرباً ضد الجماعات الإٍسلامية، أول المشترين بحصولها على 16 طائرة في آخر ٢٠١١، وفيما بعد وُقّعت عقود لتوريد 36 طائرة إلى سوريا و26 طائرة إلى بنغلاديش و4 طائرات إلى بيلوروسيا. وللمقارنة، فستحصل سوريا على نصف العدد الذي سيحصل عليه سلاح الطيران الروسي، وهو ٧٥ طائرة.
وتسلمت سورية 9 طائرات في ٢٠١٤، ثم وستتسلم 12 طائرة في العام 2015 و15 طائرة في 2016.
وحسب المصادر الروسية، يوجد في طائرة ”ياك -١٣٠” تسع نقاط تعليق ( 6 نقاط تحت الجناح، ونقطتان عند الذيل، وواحدة تحت جسم الطائرة) بحيث بمكنها أن تحمل حتى ٣٥٠٠ كلغ من الحمولة الحربية، بما فيها صواريخ ”جو-جو” و”جو-أرض”، وكذلك قنابل بوزن ٢٥٠ و٥٠٠ كلغ، وقنابل عنقودية. ويمكن تركيب مدفع رشاش عيار ٢٣ مليم تحت بطن الطائرة.
ويشير خبراء سلاح الطيران الروسي إلى أن استخدام ” ياك – 130″ لتنفيذ مهمات محلية، منها على سبيل المثال تدمير معسكرات الإرهابيين، حماية الحدود، بما في ذلك البحرية منها، ومكافحة تجار المخدرات، يكلّف أقل بكثير من إرسال طائرة F-15 أو ” سو – 30″ إلى مهمة حربية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن طائرة ” ياك – 130″ لا يهمها أين تهبط، أكان ذلك مدرجاً إسمنتياً مع نظام خدمة عادي، أم ترابياً، فالطائرة مستقلة من الناحية العملية، وتسمح هذه الميزة بتنظيم مرابطتها في أقرب ما يمكن من مناطق العمليات القتالية وتأمين الاستخدام العملي في المناطق غير المجهزة من الناحية الجوية.
وأظهرت صور حديثة المرحلة الثانية في تطوير الـ”ياك-١٣٠” للعمل كطائرة مقاتلة تطير بسرعة دون سرعة الصوت. فالصور الروسية تظهر وجود نتوء مرتفع واضح أمام قمرة القيادة. مما يعني أن الطائرة يمكن أن تحمل معيّن مدي باللايز “إل دي-١٣٠” وكاميرا تلفزيونية لتحديد الأهداف وتحسين دقة الأسلحة.
ويمكن أن يتم تجهيز الـ”ياك-١٣٠” في مرحلة مقبلة بمسبار لإعادة التموين بالوقود من الجو، مما سيزيد مداها للقيام بمهمات هجومية إلى ٣٦٧ ميل بحري (مقابل ٧٤٠ ميل بحري لمقاتلة “إف-“١٦ الأميركية).
وللمقارنة، فإن وزن الـ”ياك-١٣٠ يصل إلى ٢٢٧٠٠ رطل وهي محملة بكل أسلحتها، أي أكثر بقليل من نصف وزن مقاتلة اف-١٦ الأميركية.
تعاون روسي- أوكراني- إيطالي
جدير بالذكر أن محركات ”ياك-١٣٠” من نوع ”آي أي-٢٢٢-٢٥” هي حصيلة تعاون فنّي مع شركة ”بروغريس” الأوكرانية، وقد توقّف التعاون بين شركة ”ياكوفليف” الروسية والشركة الأوكرانية بعد غزو روسيا لجزيرة القرم في فبراير ٢٠١٤.
والواقع أن طائرة “ياك-١٣٠” هي نفسها طائرة ”إم-٣٤٦ ماستر” الإيطالية. وكانت شركتا “ياكوفليف” الروسية و”آيرماكي” الإيطالية قد أبرمتا اتفاقية تعاون في مطلع التسعينات. ولكن التعاون توقّف في نهاية التسعينات، ولو أن الطائرة الإيطالية تظل مدينة بكثير من مواصفاتها لطائرة “ياك -١٣٠” الروسية. وقد دفعت الشركة الإيطالية ملايين الدولارات لشركة “ياكوفليف” مقابل التصاميم التي سلّمتها لها.
وحيث أن الأميركيين يبحثون الآن عن طائرة تدريب متقدمة جداً، فإن النموذج الإيطالي من “ياك-١٣٠” يمكن أن يصبح طائرة التدريب الجديدة لسلاح الطيران الأميركي!
وبالإنتظار، فقد اشترت النموذج الإيطالي كل من سنغافورة، وبولندا، وإسرائيل. وستستخدمها إسرائيل وإيطاليا للتدريب على مقاتلة ”إف-٣٥” لايتننغ ٢ الأميركية.
ويعني ذلك، ولسخرية الأقدار، أن الطيارين الروس والأميركيين سيتدربون على مقاتلات ”سوخوي تي-٥٠” و”إف-٣٥”، أي مقاتلات “الجيل الخامس”، بواسطة طائرة التدريب نفسها تقريباً!