الملاحظات التي دوّنها وزير النفط الليبي السابق، الذي مات غريقاً في فيينا، تتّهم نيقولا ساركوزي
ترجمة “الشفاف”
إنها الوثيقة الصغيرة، المحرجة إلى حد ما، التي تثير قلق نيقولا ساركوزي: وهي عبارة عن دفتر صغير وضعت العدالة النرويجية يدها عليه ثم سلّمته إلى « المكتب المركزي لمكافحة الفساد والمخالفات المالية والضريبية » (OCLCIFF) في باريس. وفي بضعة أسطر، يتضمن الدفتر تفاصيل الدفعات المالية، بقيمة ملايين اليورو، التي دفعتها ليبيا في سنة ٢٠٠٧ للحملة الإنتخابية للمرشح الذي أصبح رئيساً للجمهورية الفرنسية. وكان موقع « ميديا بار » قد كشف عن وجود ذلك دفتر شكري غانم في ٢٧ سبتمبر ٢٠١٦. والواقع أن مجلة « لو بوان » كانت أول من تحدّث عنه في يوليو ٢٠١٥، وعلماً أن النيابة العامة الفرنسية فتحت تحقيقاً بشأنه منذ أكثر من ٣ سنوات.
الموضوع، إذاً، يتعلق بدفتر عادي جداً كان يملكه شخص نافذ جداً قُتِل في ظروف تدعو للشبهة. الشخص هو « شكري غانم »، وقد عُثِرَ على جثّته في نهر « الدانوب » بين الدورة الأولى والدورة الثانية لانتخابات الرئاسة الفرنسية في سنة ٢٠١٢. ويتراءى وكأن الشخص كان محاطاً بـ »لعنة » ما، حيث أن شركائه في العمليات المالية كانوا يختفون واحداً بعد الآخر.
ومنذ انكشاف أمر « دفتره »، فإنه يتراءى أن السيد « شكري غانم »، الضحوك والودّي السلوك، كان في قلب شبكة واسعة للفساد ولاختلاس الأموال العامة الليبية تشمل عدداً من دول أوروبا. وعدا صداقاته السياسية، فإنه يُعتقد أن وزير النفط الليبي السابق كان يدير عدداً من شبكات الأموال القذرة التي يمكن أن تكون قد أحاطت بعمليات توقيع عقود مربحة جدّاً مع ليبيا في عهد معمر القذافي.
وعلى سبيل المثال، في العام ٢٠٠٨،، تفاوضت شركة « توتال »، بمساعدة الوسيط « زياد تقي الدين » مع « شكري غانم » حول مشروع لم يتم تنفيذه للتنقيب عن الغاز، ويرد فيه إسم شركة مسجّلة في « فادوز » (Vaduz) بدوقية “ليخنشتاين”، وكانت تسعى لشراء حقوق التنقيب في حقل باكمله، مقابل عدة ملايين من اليورو. وحسب الوثائق التي نشرها موقع « ميديا بار »، فإن المفاوضات كانت بإشراف رئيس شركو »توتال »، « كريستوف دو مارجوري »، الذي قُتِلَ في حادث تعرَضت له طائرته في موسكو بعد ذلك بـ٦ سنوات.
وللعودة إلى الوراء، فقد استلفت « الدكتور » (كما كان « زياد تقي الدين » يسمّيه) شكري غانم انتباه معمّر القذافي حينما كان يعمل في فيينا بصفة مدير أبحاث منظمة « أوبيك » في العام ١٩٩٣. وكان القذافي، الحاكم آنذاك على رأس دولة منبوذة عالمياً، بحاجة إلى شخص يملك علاقات تسمح له بالحصول على « فيزا » للدراسة!: فالواقع أن أحداً لم يكن مستعداً لاستقبال ابنه « سيف الإسلام »! ولحسن الحظ، فإن « شكري غانم » كان يعرف الشخص الذي يمكن أن يمدّ يد المساعدة: فقد طلب من «يورغ هايدر »، الخطيب المفوّه الذي كان زعيماً لـ »الحزب الليبرالي »، أي حزب اليمين المتطرف في النمسا، والذي كان يرأس كتلة برلمانية، أن يسعى لتأمين « الفيزا » المطلوبة. وبفضل هذه الخدمة التي قدّمها لإبن القذافي، وبفضل نجاحه في كَسرِ عزلة الديكتاتور، فقد استفاد « شكري غانم » بسهولة من عطاءات القذافي.
وفي العام ٢٠٠١، استدعاه القذافي إلى طرابلس، وعيّنه وزيراً للإقتصاد. وتولى رئاسة حكومة ليبيا بين ٢٠٠٣ و٢٠٠٦، قبل تعيينه مديراً عاماً لشركة النفط الوطنية الليبية، ما سمح له أن يضع يده على الذهب الأسود الذي تنتجه ليبيا.
« هدايا بقية ٢٠٠ ألف دولار »
خلال تلك المراحل، لم ينسَ « شكري غانم » أصدقاءه القدامى. وقد كشف أحد المقرّبين سابقاً من »يورغ هايدر »، وهو « ستيفان بيتزنر » (Stefan Petzner)، في كتاب صدر قبل سنة واحدة، عن وجود حساب سرّي في « ليخنشتاين » كان يُستخدم لتمويل النشاطات السياسية لزعيم اليمين المتطرف الراحل. وكتب العضو السابق في البرلمان النمساوي، الذي اعتزل السياسة الآن، أنه « في كل واحدة من زياراته إلى ليبيا، كان الديكتاتور الليبي يقدّم له هدية ». وكانت الهدية « في كل مرة، ما بين ١٥٠ إلى ٢٠٠ الف دولار، وكان هايدر، مثله مثل غيره من السياسيين الأوروبيين، يقبلها من القذافي ».
لقد قُتِلَ « يورغ هايدر » في حادث سيارة في ١١ أكتوبر ٢٠٠٨. وكان قد زار ليبيا في سنة ١٩٩٩ للمرة الأولى، ثم في سنة ٢٠٠٠ برفقة وفد اقتصادي. وأعقبت ذلك زيارات قام بها زير الدفاع ونائب المستشار النمساوي، وكلاهما من حزب هايدر. إن الصحفي العراقي الأصل « عامر البياتي »، الذي يعيش في فيينا منذ سنة ١٩٨٠، والذي اعتاد التنقل ضمن الدوائر المقفلة التي تجمع قيادات اليمين المتطرف النمساوي بالمسؤولين العرب، يقول، بكل هدوء، أن « صديقي يورغغ كان الضحية السياسية الأولى للتعامل المالي مع الليبيين ». ويضيف: « من المؤكد أنه تم إسكاته، وهو لم يكن الأخير. وكانت علاقاته المالية مع القذافي ضد ظلت ضمن حدود معقولة، بالمقارنة مع غيره من السياسيين في إيطاليا، وبريطانيا، وفرنسا ».
ويقول «عامر البياتي » أنه تحدث مع « يورغ هايدر » قبل أسبوع من مقتله. وعشية موت « شكري غانم » نظّم له « البياتي » مقابلةً صحفية. وكما بالنسبة لموت « يورغ هايدر »، فإن السيد « البياتي » لا يعتقد بأن « شكري غانم » مات ميتة طبيعية.
وهو يروي كيف أخبره « شكري غانم »، الذي يصفه بأن كان رجلاً يحب الويسكي والنساء، عن الحنق الشديد الذي انتاب القذافي حينما علم أنه كان يملك جواز سفر إيطالياً. وقال له القذافي: « هل كنت تنوي الفرار من ليبيا، أم ماذا؟ » ودافع الوزير السابق عن نفسه قائلاً: « لكنني لم أطلب شيئاً، وقد أعطاني إياه بيرليسكوني من تلقاء نفسه »!
في أي حال، استفاد « شكري غانم » من جواز سفره الإيطالي لفرار من ليبيا في ذروة ثورتها. وفي مايو ٢٠١١، سافر إلى النمسا التي كانت يعشقها، والتي كانت أساس صعوده الباهر. وحسب مجلة « لو بوان »، فقد التقى في تونس، في صيف ٢٠١١، مع « بشير صالح »، المدير السابق لمكتب القذافي، كما التقى مع « دومينيك دو فيلبان »، ومع »ألكسندر جوهري » (Alexandre Djouhri)، الوسيط الفرنسي الذي يرد إسمه في عدد من الفضائح السياسية- المالية. وبعد أقل من سنة من تلك اللقاءات، وُجِدَت جثة شكري غانم في أحد تفرّعات نهر « الدانوب » في فيينا.
بعد موته، قامت الخادمة الفيليبينية بإفراغ شقته من كل ما فيها واختفت بدون أثر. وبعد أشهر، خلِص المحققون إلى أن « شكري غانم » مات غريقاً بعد ان تعرّض لنوبة قلبية وهو يسير قرب النهر. ولكن رسائل أرسلها مستشارو هيلاري كلينتون وديبلوماسيون أميركيون، وكشف عنها موقع « ويكيليكس »، ونشرتها الصحف النمساوية خلال الصيف الماضي، تكذّب خلاصة التحقيق الرسمي.
إن تلك الإيميلات، التي أرسلت بعد أكثر من ٨ أسابيع من وفاة « شكري غانم »، تستند إلى مصادر سلطات ليبية « من أعلى المستويات في أوروبا »، وإلى معلومات أجهزة استخبارات وأجهزة أمن أوروبية غربية. وهي تكشف أن الشرطة النمساوية- بعكس أقوالها الرسمية- وكذلك « الإنتربول »، يعتبران الموت المفاجئ للوزير الليبي السابق « مريباً جداً ». كما يرد في الإيميلات أن « شكري غانم »، في الفترة الواقعة بين يونيو ٢٠٠٨ وسنة ٢٠١٠، كان قد « وافق على تسليم كميات من النفط لشركات أجنبية، قبل توقيع عقود بيع »! وبين تلك الشركات المستفيدة، ترد أسماء شركة « بتروتشاينا » (PetroChina) وشركة « سينوبيك » (Sinopec)، وهما من أكبر الشركات الصينية.
« نُظُم رشاوى »
ويُعتقد كذلك أن « شكري غانم » باع نفطاً خاماً ليبياً بأسعار تقلّ عن أسعار السوق، وأن المشترين وضعوا فارق الأسعار في حسابات مصرفية لا تعود لشركة النفط الوطنية الليبية. ويعني ذلك أن « شكري غانم » كان يختلس أموال الريع النفطي الليبي إما لصالحه الشخصي أو لصالح أشخاص آخرين. وكان « المجلس الإنتقالي الليبي » قد أعرب في مارس ٢٠١٢، عن رغبته بالإستماع إلى « شكري غانم » بهذا الخصوص. ويعلّق « عامر البياتي » قائلاً: « كان لديه حسابات مصرفية في فرنسا، وفي سويسرا، وفي إيطاليا ».
وجاء في رسالة صادرة عن « نايت مايسون » (Nate Mason)، الذي كان الملحق التجاري الأميركي في ليبيا، أنه لن يصاب بالدهشة إذا ثبت له أن « شركات نفط روسية، أو أوروبية شرقية، أو صينية، كانت متورطة في نُظُم الرشاوى ». وفي رسالة وجهها سفير أميركا « جون كريستوفر ستيفنز » إلى السيدة كلينتون، يقول أن « شكري غانم » تم إسكاته « إما من جانب أعضاء في نظام القذافي » أو « من جانب مافيات أجنبية ». وقد قُتِل السفير الأميركي في هجوم قام به جهاديون ضد قنصلية أميركا في بنغازي في ١١ سبتمبر ٢٠١٢.
وفي النهاية، فإن البلد الوحيد الذي نجح- حتى الآن- في كشف أسرار العمليات المالية بين ضفتي المتوسط كان النروج. ففي ربيع ٢٠١١، فتحت العدالة النرويجية تحقيقاً ضد شركة متعددة الجنسيات تدعى « يارا » (Yara). وبعد ٣ سنوات من التحقيقات، تمّت إدانة تلك الشركة، التي تعتبر بين أكبر الشركة المنتجة للأسمدة، والحكم عليها بدفع غرامة كبيرة جداً بتهمة رشوة مسؤول حكومي أجنبي. وخلصت التحقيقات إلى أن مسؤولين في الشركة دفعوا رشاوى لإبن « شكري غانم » مقابل الحصول على حق فتح مصنع في ليبيا. ولكن مسؤولي الشركة استأنفوا الحكم. وفي أي حال، فأثناء التحقيق في قضية الشركة، اكتشف القضاة النرويجيون التدوينات التي كتبها « شركة غانم » والتي تتعلق بـ »نيقولا ساركوزي ».
مراسل »لوموند » Blaise Gauquelin في فيينا
ههههه ههههه
هذا التقرير لتضيع خيط
1. سرقة اموال الدولة الليبية وخاصة الاستثمار منها.
2.اغتيال شكري غانم.
التقرير لم يذكر عدة رؤوس لها الدور الرئيسي في السرقة والاغتيال.
أغلب من خان القذافى نهايتهم كانت مؤلمه فهل هى لعنته.