As below so above
ما يكون على الأرض يكون فى السماء
٭
٭
مصر (أم الدنيا)
مصر، دولة تقع فى أقصى الشمال الشرقى من قارة أفريقيا، وتقع كذلك فى أقصى الجنوب الغربى من قارة آسيا، يحدّها من الشمال الساحل الجنوبى الشرقى للبحر المتوسط، ومن الشرق الساحل الغربى للبحر الأحمر، ومساحتها 1002450 كيلو متر مربع، وتقع معظم أراضيها فى أفريقيا، غير أن جزءًا من أراضيها – وهى شبة جزيرة سيناء – يقع فى قارة آسيا.
مصر دولة عابرة للقارات. وهى الدولة الوحيدة التى ذُكرت فى كتب الشرائع الثلاث : اليهودية و المسيحية والإسلام.
وإسم مصر، فى اللغة العبرية واللغات السامية الأخرى، نسبة إلى مصرايم ابن حام ابن نوح. ويفسره البعض بأنه مٌشتق من جذر سامى قديم، قد يعنى البلد أو البسيطة (الممتدة). وقد يعنى – كذلك – الحصينة أو المكنونة (ومن هذا اللفظ جاء فى الغالب تعبير الكنانة).
أما الإسم فى مصر القديمة (الفرعونية) فهو كيمى أو كيميت (ومنه إشتُق إسم الكيمياء)، وهى تعنى الأرض السوداء، كناية عن أرض وادى النيل الخصبة السوداء.
تُعرف لدى البلاد الأخرى (فى أوروبا وأمريكا وآسيا وأستراليا) بإسم Egypt، وهو إسم مشتق من اللفظ اللاتينى Aegyptu المشتق بدوره من اللفظ اليونانى Aiyuctus، والذى يرجع إلى خيال هوميروس شاعر الأغريق الأكبر فى أسطورته التى ألفها فى الوقت ما بين عامى 1600 – 1200 ق.م، حيث كان كل حلمه والحلم الأغريقى القديم هو التّوحد مع مصر (وقد بينا فى كتابنا “ديوان الأخلاق” أن هومير وباليونانية هوميروس كان مصرياً أتقن اللغة اليونانية، أو كان يونانياً ولد فى مصر وصار يحمل بعضاً من تراثها ومفاهيمها). وحدث غزو لمصر فعلاً على يد الأسكندر الأكبر (عام 313ق.م) فأطلق البطالمة (وهم حكام لمصر من الإغريق) على مصر إيجيبتوس Sypinp geat وتعنى حرفيا : التيس الخامل (وقد يكون للّفظ معنى إصطلاحياً غير مدلوله اللفظى). ويفسر البعض هذا الإسم على أنه مشتق من “حط كا بتاح”، أى محط روح بتاح، وهو إسم معبد بتاح فى العاصمة المصرية القديمة منف، جريا على ممارسة مستمرة إلى اليوم فى التماهى بين إسم البلد وإسم عاصمتها.
وقد كان المصريون القدماء يقدسون مصر، وربما إمتد هذا الشعور العميق بالتقدير إلى أبنائها فى كل العصور وحتى الوقت الحالى، بحسبان أن مصر هى صفحة السماء، وبمعنى أنها هى المكان أو المسرح الذى تتفاعل فيه الحركة والأقدار والأفعال بين السماء والأرض، ثم تنتشر منها إلى باقى البلاد والبشر على الكرة الأرضية.
وقد كان ذلك نتيجة لما عرفة الرهبان المصريون، من أن مصر قد أختيرت قبل الخلق لتكون مسرحاً ومسقطاً للعمليات السماوية، الإلهية والكوكبية، على الأرض، وهو ما يتضح أمره من المعالم الآتية :
رسوم تبين المشابهة بين نهر النيل وكوكبة الجبار، وهى تومئ إلى ما كان عليه إيمان المصرى القديم من أن
كلاً من كوكبة الجبار ومصر هى على نحو ما روح وجسد أوزير (إدريس)
وفى الرسمين إلى اليمين وإلى اليسار يوجد فى الوسط ثلاثة نجوم فى كوكبة الجبار يقابلهم ثلاث أهرامات فى مصر
أولاً : نهر النيل.
وهو أطول نهر فى العالم، ويمر بمصر من الجنوب حتى الشمال، حيث يصب فى البحر (الأبيض) المتوسط، بعد أن ينقسم فى شمال مصر (من القاهرة) إلى فرعين، هما فرع رشيد وفرع دمياط مشكّلين لدلتا النيل.
ويعود الفضل فى مصر إلى نهر النيل، حتى وصفها هيرودوت المؤرخ الإغريقى، بأنها هبة النيل؛ ذلك أنها نشأت على ضفافه حيث إزدهرت فيها حضارة هى أقدم الحضارات الإنسانية على مر العصور، وأكثرها إستمراراً ونجاحاً وإنتاجاً وتقدماً.
أ.. وهذا النهر، فى مجراه من أسوان حتى يصب فى البحر (الأبيض) المتوسط، هو صورة مطابقة لرسم مجرتنا، مجرة درب اللبانة أو درب التبانة (يلاحظ الرسم المنشور فيما بعد هذه الدراسة).
ولا يمكن أن يكون ذلك قد حدث عفواً أو مصادفة. فمع باقى خصائص نهر النيل وتميزات مصر، يبدو الأمر جلياً واضحاً، أنه مرسوم منذ الأزل، ومقدور من الله لتكون مصر صفحة السماء بحق.
ب.. فى نصف الكرة الشمالية، تجرى كل الأنهار من الشمال إلى الجنوب، عدا نهر النيل فإنه يجرى من الجنوب إلى الشمال.
وفيما بعد جندل أسوان (المسمى خطأ بالشلال) يجرى النهر بتدفق، فلا توجد فيه بقعة جافة، أو قليلة المياه، أو ممتلئة بالصخور. ولا يوجد نهر فى العالم كله له هذه الخاصية.
ج.. يحدث فيضان النيل سنوياً، فى وقت محدد (قبل بناء السد العالى) بتدفق المياه من النهر الأزرق بأثيوبيا (الحبشة)؛ الأمر الذى عدّه المصريون عطاء من الله، وإعتبروا النهر ربا (سيداً) إسمه حابى.
وكان الفيضان يحمل حوالى 140 مليون طن من الطمى الناعم بنى اللون فيغطى الأرض الزراعية، حتى شهر سبتمبر. وبهذا يعطيها خصوبة ويجدد قدرتها على إنبات الزرع بشدة وقوة ونقاء (من أى أسمدة).
د.. كان نهر النيل فى الأزمنة الغابرة، يتدفق فى مساره تحت هضبة الأهرام (وفيها الأهرام الثلاثة وأبى الهول). وهذه الأهرام الثلاثة تماثل النجوم الثلاثة فى الحزام الأوسط لكوكبة الجبار، التى هى روحانية وشخصانية أوزير، أول ملوكهم، فى عهود ما قبل الأسرات (التى بدأت من 3200ق.م فى التاريخ الصغير).
ومن ثم ولهذه الإعتبارات، كان المصريون القدماء يقيمون المعابد على طول مسار النيل، وهى معابد كان كل معبد فيها يماثل (وربما يتصل) بنجم من نجوم السماء. فكانت السماء من ثم تقابل مجرى النهر من الجنوب إلى الشمال.
هـ.. وكان المصريون يعتقدون (وربما يعرفون من كبار الرهبان العلماء) أن أوزير – وهو كلمة الله وروحه، كما قالوا عنه – يترشح فى أرض مصر، ويوجد فيها من خلال نهر النيل وعلى ضفتيه، حتى عودته فى نهاية الزمان (وتناسخاته المتعددة خلال التاريخ).
و.. وكان فيضان النيل السنوى (قبل
بناء السد العالى) يحدث مع عودة ظهور نجم الشعرى اليمانية بعد قليل إختفاء، وهو النجم، التى يقع فى كوكبة الكلب الأكبر، ويكوّن مع كوكبة الكلب الأصغر، كوكبة الجبار الكبرى , التى يُمثل لها بصياد يقود كلبين أحدهما الشعرى اليمانية.
وهذه الشعرى اليمانية – كما آنف – هى التى اعتقد المصريون أنها إيزيس زوج أوزير.
ز.. فى الرسم الرمزى للسماء، الذى رسمه قدماء المصريين، تظهر إلهة السماء (نوت) وهى تُرضع النهر السماوى (والذى يرمز إلى نهر النيل). ومن المفهوم أن لبن الرضاعة هذا، يحمل خصائص هى أدنى إلى خلايا المورثات التى يُطلق عليه العلماء المعاصرون D.N.A. وهذا ما يُعطى مياه النيل نكهة تختلف عن مياه الأنهار فى العالم كله، وفى ذلك يقال إن من يشرب من مياه النيل مرة فلابد أن يعود إليها، ولعل هذه الخاصية المقدسة هى التى حافظت على الشعلة الإلهية فى أبناء مصر، بحيث يظهر للغرباء أن فى عيون بعض المصريين (من الجنسين) شرارة وهّاجة تَشِعّ بالقداسة.
ح.. كان المصريون القدماء يعتقدون أن أجسامهم بُنيت من طمى نهر النيل (Mud)، بينما إعتقد الآخرون إبتداء بالسامريين أن جسومهم قد خلقت من صلصال (Clay).
ط.. فى الجيزة وبعد هضبة الأهرام تبدأ الدلتا، وكان المصريون القدماء يعتقدون أن الجيزة هى القاعدة الماسيّة لزهرة اللوتس التى هى جوهرة تتجلى فى قاعدتها. وهذه الزهرة كانت مقدسة وترمز إلى إعادة الحياة (Reincarnation).
ي.. وللنهر خصائص أخرى طبيعية (فزيائية) فهو لا يتأثر بالمد والجزر اللذين يحدثان من القمر شهرياً، وتتأثر بهما كل المياه فى الأنهار والمحيطات.
ك.. والمنحنى، غير ذى الأسباب الطبيعية (الجيولوجية)، الذى يحدث فى النهر عند قنا، يجرى إلى الشرق ثم يستقيم ويجرى إلى الغرب ثم يتقدم بعد ذلك إلى الأمام. وفى سريان النهر من الشرق إلى الغرب، كان المعتقد أن سبب ذلك وجود بوابة أو فتحة (Gate way) تُسمى بوابة أوزير، ينفذ منها روح المتوفى إلى السماء مباشرة، وترتبط بمنطقة أبيدوس التى يُعتقد أنها تضم الجزء المهم من جسد أوزير الذى يفترش أرض مصر كلها.
ل.. وفى أبيدوس هذه (العرابة المدفونة حالاً) والتى تبعد عن نهر النيل مسافة 14 كيلو متراً يقع معبد أوزير (الأوزوريون Osorion) وفيه حوض كبير (بحجم حوض السباحة المتوسط) يمتلئ بمياه، لا يعرف أحد كيف وصلته من النيل، ولا يمكن نزحها أو تخفيضها، فكلما أُخذ منها ظل المستوى واحداً، وهو إعجاز لا مثيل له.