As below so above
ما يكون على الأرض يكون فى السماء
*
إهداء
إلى ثورة مصر التى بدأت يوم 25 يناير 2011،
فرفرفت عليها روحُ الله،
وهفهفت حولها كلمةُ الله،
فكانت كما الحلْم،
وصارت كما العلْم،
وبها عادت مصر إلى أصلها،
لتحمل الراية الإلهية،
للإنسانية والكونية،
فى الحق والعدل والاستقامة والنظام؛
قانون الله فى السماء والأرض منذ الازل حتى الأبد .
مبدأ الخلق
• قبل البدء، كان الله؛
• عظمته فى جوهره؛
• وقدرته فى كلمته .
أراد الله أن يخلق الكون (رباعى الأبعاد؛ وأبعاده هى الطول، والعرض، والإرتفاع أو العمق، والزمان أو الوقت) فعزم إرادته وصدرت كلمته (كن) فكان الكون .
ونظرًا لقصور العقل الإنسانى زمناً، وتعلقه بالقصور من غير أن تحرره معرفة كونية مقدسة، ظل الناس لا يستطيعون تصور ما وراء المادة وما بعد المحسوس؛ فاعتقدوا بأن الله خالق الكون وصانعه بالكلمة (صُنع الله الذى أتقن كل شئ) سورة النحل 27 : 88؛ داخل هذا الكون ومنه، ورفضوا قبول فهم يتأدى فى أن الذات الإلهية غير مادية، وقالوا فى ذلك إن هذا المفهوم يُدخل الله فى دور التلاشى (أبو الحسن الأشعرى : مقالات الإسلاميين) ووصموا من يقول بالتجريد بدلاً من التجسيد والتوثين، بالكفر والإلحاد؛ مع أن البداهة تفيد أن الخالق والصانع لشئ، لابد أن يكون من غير طبيعته وبمنأى منه، حتى ولو كان فيه بالقدرة .
ومع تقدم العلم، وإبتداءً من القرن العشرين حدث تقدم كبير فى علمى الفلك و الفزياء .
ففى الفلك صار فى قدرة العلماء من خلال المناظير والمَرَاقب والمعامل، أن يدركوا بعض الحقيقة ويمسكوا بطرف منها . فبالمناظير والمراقب إنساحت آفاق المكان وإنداحت أحوال الزمان، فعرف الإنسان من ذلك أن النجوم ليست زينة، وإنما هى شموس وكواكب . وتوصل العلْم الى أن المجرات والنجوم لا تكاد تُحصى وتُعد، فهى من ثم مليارات المليارات . وضمن النجوم وفى السماء يوجد ما يُعرف بالثقوب السوداء، والكوكب التوأم، والعوالم السالبة (بفرض أن الظاهر منها عوالم موجبة)، والممرات الدودية التى يمكن عند التوصل اليها أن تختزل المسافات بين النجوم والكواكب؛ وهو أمر يضع تحديات أمام الإنسان للوصول الى الكونية، كما أنه فتوح للعقل والعلم إن أدركه . وظهر فى الكون المادى ما لم يكن الإنسان يعرفه أو يتصوره من قبل، من ذلك مفهوم البُعد (وجمعه أبعاد) .
فكما أدرك الإنسان وجود بُعد رابع للمواد هو الزمان أو الوقت، فقد أصبح من الممكن تصور وجود أبعاد أخرى لا نهائية، وصار من المعقول أن يتصور الإنسان ذاتا إلهية غير مادية ولا جسدية، لها أبعاد كثيرة، أو هى فوق الأبعاد .
وبالفزياء، ونتيجة لنظرية النسبية (Relativity theory)، ونظرية الكمّ الميكانيكية (Mechanical quantum theory) لاح فى الأفق الإنسانى مفهوم آخر للكون، غير متجزئ وغير متفاصل، هو من الله وفى الله، يستوعب غير المادة ولا تقتصر رؤيته على ما يتحصل عليه من خلال ما تسمح له به حواسه الخمس، وهى قاصرة . على سبيل المثال فإن العين لا ترى إلا فى مجال معين بين اللون البنفسجى واللون الأحمر، وهو ما يظهر فى قوس قزح . ولا تسمع الأذن البشرية إلا خلال مدى محدد . لأن مجال البصر يقع ما بين 750 نانومتر وهو الضوء الأحمر، و 370 نانومتر أى الضوء البنفسجى . كما أن المجال السمعى يبدأ من 20 إلى 20000 هيرتز . ومن كان لديه جلاء بصرى فإنه يرى ما لا يمكن أن يراه الإنسان العادى؛ ومن كان له جلاء سمعى فإنه يسمع مالا يمكن أن يسمعه الأفراد العاديون أما مجالات ما تحت الأشعة الحمراء وما فوق الأشعة البنفسجية، فهى تحتاج إلى مناظير خاصة ومراقب متطورة، ليرى الإنسان ما فيها . وما تحت 20 هيرتز حتى فوق 20000 هيرتز لا تسمعه الأذن البشرية وإن كان يمكن سماعها من بعض الحيوان أو الطيور ويمكن كذلك سماعها بوسائل آلية معينة.
وكما وصل الفهم الصحيح إلى أن الطاقة مربع سرعة المادة، فإنه يستكمل المعادلة باضافة الفكر .
ذلك أنه لما كان الفكر، يبعث بطاقات قوية أوضعيفة فإن تمام المعادلة يكون : فكر = طاقة = مادة . فإذا إنطلق الفكر صار طاقة، وإذا تخثّرت الطاقة كانت مادة، والعكس صحيح .
ومؤدى النسبية أنه لا يوجد مطلق قط (Absolute) فى المجال المادى رباعى الأبعاد، وإنما كل شئ فيه نسبى (Relative) .
ومن نظرية الكمّ الميكانيكية خَلُص (حتى الآن) أن المادة لا تتكون من ذرات (Atom)، لكن هذه الذرات إنتهت البحوث (حتى الآن) إلى أنها تنحل فتكون جُسيْمات (Particles) وهى تصغر عن الكون المادى عشرة ملايين مرّة، كما أنها تظهر وفقاً لما يراها الرائى، فتكون إشعاعات أو تكون مادة .
عندما خُلق الكون المادى كان يتكون من حمم وأبخرة قوية عفيّة . واستغرق الأمر ملايين السنين حتى هدأت هذه الأبخرة وتلك الحمم وبردت فتكونت منها السُّدم (جمع سديم) ثم أنشأت المجرات ثم النجوم (وهى شموس ضخمة يبلغ أحدها حجم الشمس مليون مرة) . فالكون (المادى) من جانب ضخم جداً، ومن جانب آخر صغير جداً . وقد تكوّنت من السُّدم والأبخرة، أجرام، بعضها نجوم تتفاوت فى أحجامها، ثم تتقارب النجوم لتكون مجموعات تسمى الكوكبات (Constellations) .
وفى مجرتنا درب اللبانة أو درب التبانة (Milky Galaxy) توجد ثمانية وثمانون، (88) كوكبة أهمها على الإطلاق كوكبة الجبار .
كوكبة الجبار
Orion Constellation
As below so above
أ.. فى مجرتنا التى تسمى درب اللبانة (Milky galaxy) أو درب التبانة (كما سماها العرب) تقع فى طرف قصىّ منها المجموعة الشمسية بكواكبها الثمانية (عطارد، الزهرة، الأرض، مارس، زحل، المشترى، أورانوس، نيبتون . وكان يُعد فيها من قبل بلوتو الذى رفعه العلماء من مجموعة الكواكب، لعدم توافر شروط وخصائص الكوكب فيه) .
ب.. وفى القديم، وحتى وقت قريب، كانت أغلب الناس تظن أن الكون هو كل المجموعة الشمسية، وبعد الأرض ما يسمى سماء، وهو فضاء بعيد (أو سقف للكون) يضم نجوماً ظنوا أنها زينة . وقد كان لهذا الفهم القاصر أثر بعيد على المعتقدات والأفكار والقيم، لا يزال بعضها راسخا لدى الأكثرين، وخاصة الأميين وشبه الأميين، مما عاق التقدم الإنسانى زمناً، وما زال يعوق .
عندما تمكن الفلكيون من إستبار السماء بمناظير ومراقب حديثة ودقيقة، تبين لهم ما كان يعلمه العارفون من قبل .. أن الكون يضم ملايين المجرات، وأن هذه المجرات تحتوى على آلاف النجوم، وفى مجرة درب الّلبَانة تتجمع النجوم إلى بعضها، فى كوكبات (Constellation)، عددها 88 كوكبة، وهى :
آلة الرسام • آلة النقاش • أبو سيف • الأرنب • الأسد • الأسد الأصغر • الإكليل الجنوبي • الإكليل الشمالي • الباطية • بيت الإبرة • البيكار • الترس • التنين • التوأمان • الثعلب • الثمن • الثور • الجاثي • الجبار • الجبل • الجدي • حامل رأس الغول • الحرباء • الحمامة • الحمل • الحواء • الحوت • الحوت الجنوبي • الحية • حية الماء • الدب الأصغر • الدب الأكبر • الدجاجة • الدلفين • الدلو • ذاتالكرسي • الذبابة • الرامي • الزرافة • الساعة • السبع • السدس • السرطان • السلوقيان • السمكة الطائرة • السهم • الشبكة • الشجاع • الشراع • صليب الجنوب • الطاووس • طائر الفردوس • الطوقان • العذراء • العظاءة • العقاب • العقرب • العنقاء • العواء • الغراب • الفرس الأعظم • القاعدة • قطعة الفرس • قنطور • القيثارة • قيطس • الكركي • الكلب الأصغر • الكلب الأكبر • الكوثل • الكور • المثلث • المثلث الجنوبي • المجمرة • المجهر • المرأة المسلسلة • مربع النجار • المرقب • معمل النحات • مفرغة الهواء • الملتهب • ممسك الأعنة • الميزان • النهر • الهلبة • الهندي • وحيد القرن • الوشق
وأهم هذه الكواكب طُرا، كوكبة الجبار، التى ترتبط بمصر بأكثر من رباط، سوف يلى فيما بعد بيانها .
ج.. إسم كوكبة الجبار، أوريون، غالباً ما يكون قد جاء من الأكاديين (جنوب العراق الحالية) إذ أنهم أطلقوا عليه إسم أورانا (Ura anna)، وهو لفظ ترجمته إلى اللغة الإنجليزية حرفياً “نور السماء” (The light of heaven) .
أما فى اللغة الآرامية القديمة فكانت الكوكبة تسمى (Nephila) نفيلا، وكان المنحدرين منها (إلى الأرض) يسمون نيفيليم (Nephilim) ومفردها نَفِى . وقد صُحّف اللفظ فى اللغة العبرية إلى نبى أو نفى (وفى العبرية يمكن التبادل بين حرفى الفاء والباء) . ويجُمع اللفظ فى هذه اللغة على نبييم، وهو فى العربية “نبيين” اللفظ الذى أستعمل فى القرآن؛ إضافة إلى لفظ الأنبياء . وله معنى مغاير .
وكان يُقصد بالنبى، فى اللغة العبرية، وفى اللغة الآرامية التى نُقل عنها اللفظ، من يمكنه التنبؤ بأحداث مستقبلية، أو الذى يتجاوز تقسيم البشر للزمان (الوقت) على أنه ماض وحاضر ومستقبل .
وكانت كوكبة الجبار (أو أوريون) معروفة لدى قدماء المصريين، وإسمها لديهم : ساه أو فى لهجة أخرى للنطق ساهو (ويلاحظ قرب هذا الإسم من لفظ ياهو الذى علّمه موسى للعبرانيين، على أنه إسم الإله، وكان هذا الإسم – بالنطق العبرى – دارجاً لدى العرب فى العصر العباسى – على أنه ياهو (هو ما جعله النطق الإنجليزى Jahova) وقد ورد فى الشعر العربى آنذاك هذا الإسم والنطق .
وكان ساه (ساهو / الجبار / أوريون)، مفهوماً لدى المصريين القدماء بكلّيته، أو بكل نجومه، على أنه الروح “أى روح الله”، وأنه روحانية وشخصانية أوزير أول أربابهم (أسيادهم) . ولفظ ساه “أو ساهو” كان فى الحقيقة صفة لطبيعة الكوكبة بحسبانها منفذا أو بوابة نجمية (Star gate) إلى ما وراء الكون المادى .
وقد كان العبرانيون يُطلقون على كوكبة الجبار (Orion) إسم جبّور حتى يتفادوا إسم ساه أو ساهو، لقربه من نطق إسم الإله عندهم، ونقله عنهم العرب، فصار الإسم لديهم كوكبة الجبار .
وإسم كوكبة الجبار فى المملكة المتحدة (إنجلترا + إسكتلندا + ويلز + جزء من أيرلندا) عنبر (Amber) . وتسمى فى السنسيكريتية، وهى لغة الهند القديمة : (Vyadb) وهو ما يعنى الصائد .
الصياد هى كُنية للكوكبة، بالإنجليزية (Hunter)؛ وذلك بإعتبارها رجلاً يمسك بمقود نجم الشعرى اليمانية (Sirius) من كوكبة الكلب الأكبر، ونجم آخر من كوكبة الكلب الأصغر، فهو الصائد والصياد فيما يسمى كوكبة الجبار الكبرى .
وقد أطلق المصريون على الشعرى اليمانية (Sirius) إسم إيزيس . وكان يطلق على كوكبة الجبار بالإضافة إلى كوكبتى الكلب الأكبر والكلب الأصغر، إلى جانب إسم الصياد إسم أوريون الكبير .
د.. وكانت الشعرى اليمانية (Sirius) هى إيزيس زوج أوزير . وكان هذا النجم مهم جداً لدى قدماء المصريين، إذ إنه فضلاً من كونه موئل إيزيس زوج أوزير وزوج كوكبة الجبار، والروح، دون غيرها من الكوكبات؛ كان يتصل بفيضان النيل، إذ يختفى من الأفق مدة ثلاث أو أربعة أيام ثم يظهر مع بداية الفيضان، ومن ثم كان التقويم المصرى يبدأ به .
هـ .. وقد كان أوزير أول ملك لمصر، كما كان مُعلّما لمصر والبشرية فلم يليه أحد مثله؛ ذلك أن إبنه حورس كان حاكماً أو ملكاً لمصر لا غير .
وتقول القصة إن أوزير علّم الناس الكتابة والقراءة، وعرفهم عبادة الله وأن يكون معبده فى قلب الإنسان لا فى أبنية خارجة عنه، وعلّمهم الصناعة (البسيطة) والزراعة، والفلك، وسبل الزواج والتربية، ومنعهم من أكل لحوم البشر (Cannibalism)، ودرّبهم على أن يحيا كل منهم بقانون الله الكونى، ماعت الذى هو الحق والعدل والإستقامة والنظام .
غار منه أخاه ست وقتله بخديعة، ثم مزق جسده بعد ذلك حين عثرت زوجه إيزيس على جثته . وقد ناحت هذه على زوجها بشدة وجمعت أشلاءه، ثم دعته أن يرفع نفسه من الموت إلى الحياة، ففعل وجَامَعَها ثم عاد إلى الموت وصار سيد الغرب (الذى يُكنى به عن مملكة الموتى) وقاضى القضاة فى محاكمة ما بعد الموت . بينما ولدت إيزيس إبنه حورس وظلت تخفيه وتربيه، حتى كبر وإشتد عوده، فحارب عمه ست حتى يسترد عرش مصر، وبعد معارك طويلة قُضى على ست وصار هو ملكاً لمصر، تحكم كل ملوك مصر بإسمه .
ولم يشك أحد فى قصة أوزير وإيزيس وحورس، وإنما المسلّم به بين الجميع أن القصة صحيحة . وقد سجلها سيتى الأول فرعون مصر (1302 – 1290 ق.م) على معبد شيده لأوزير، وحفر على الجدران بيان بالقصة بدقة شديدة، وصار هذا المعبد يسمى أوزوريون (Osorion)، وقد كان مثابة للمصرين القدماء يحجون إليه، ويرغب السراة فى الدفن فى المنطقة التى يوجد فيها، وهى تسمى حالا (حالياً) العرابة المدفونة، وتبعد عن البلينا بمحافظة سوهاج حيث يجرى النيل أربعة عشر كيلو مترا أو ثمانية أميال .
وأوزير له تعابير صوفية وردت فى كتاب الموتى (وصحة إسمه إعلان فى النور) وفيها قال إنه سيعود إلى مصر، فى نهاية الزمان، وعلى اليقين فإنه قد عاد . وربما كانت هذه الفكرة هى الأساس فى فكرة عودة المنتظر (المهدى) أو المجىء الثانى للمسيح .
وأوزير – على ما سلف – هو روحانية وشخصانية كوكبة الجبار ووجوده فى مصر، أول الزمان وآخره، مقبول علمياً، لأن اللانهائى لا يزيد ولا ينقص مهما أضيف إليه أو أخذ منه . فهو عودة خارج كوكبة الجبار لا يؤثر على الكوكبة التى هى من اللانهائى وباللانهائى .
و.. وبعد أوزير، حدثت هجرات من أنحاء مختلفة من كوكبة الجبار، يرى بعض العلماء أنها أربعة هجرات ويرى الآخرون أنها خمسة، يقول العلماء إن بعضها كان أزرق البشرة وبعضها كان أصفر البشرة . أما بشرة أوزير فكانت داكنة اللون، وهكذا تكون فى كل تجسد له . ومع الوقت بهتت هذه الألوان، وتداخلت مع ألوان الأجساد البشرية .
ز.. وفى التوراة – بالترجمة البروتستانتينية – نص مهم فى هذا الصدد . ففى الإصحاح السادس من سفر الكوين (وحدث لما إبتدأ الناس يكثرون على الأرض ووُلد لهم بنات، أن أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات، فإتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما أختاروا …. وبعد ذلك دخل بنو الله على بنات الناس وولدن لهم أولاد، هؤلاء هم الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو إسم ….) . والجبابرة هم المنسوبون إلى كوكبة الجبار، والذين يراهم الناس عباقرة أو أفذاذا، كل فى ناحية أو إتجاه أو علم أو فى أكثر من ذلك، بحيث يكون شمولى الرؤية والفعل، يرى ما لايراه الغير ويفعل ما لا يقدر عليه إلا من هم مثله .
وممن جاء من كوكبة الجبار كان ويكون العباقرة والأفذاذ . ولا يَعرف أحد كيف يظهر العباقرة والأفذاذ حتى اليوم، والراجح أن ثمت تدخل كونى يحدث عند نزول النطفة (فى جسد المرأة) فيحول اللقاح إلى شئ آخر، يمكنه أن يوجد الجبابرة والعباقرة والأفذاذ .
ح.. وكوكبة الجبار تبعد عن الأرض 1500 مليون سنة ضوئية .
وهى تقع على المدار الاستوائى السماوى، كما أنها منظورة بشدة ووضوح، مما جعلها على مدى التاريخ ملحوظة من الفلكيين فى كل مكان . وفى النصف الشمالى من الأرض تكون الكوكبة منظورة بوضوح، خلال الليل، من شهر نوفمبر حتى شهر ابريل من كل عام .
وكما أن كوكبة الجبار تعتبر مَعْلماً كونياً فى السماء، فإن الهرم الأكبر هو المَعْلم الكونى على الأرض؛ وهو بناء شيدته كلمة الله وروحه، ولم يُقمه بشر .
وقد كان هذا الهرم، وسوف يظل خزانة العلوم والرياضيات والمعارف الكونية أبد الدهر . وهو مهبط كل ما يصدر عن كوكبة الجبار ليُنشَر فى الأرض، ويُلهم به الجبابرة، والذين هم أقرب إلى أن يكونوا كذلك .
ومن الكوكبة يمكن التواصل مع كثير من الكوكبات الأخرى (وعددها 87 سلف بيان أسمائها) بسهولة ويسر .
ط.. والجبار فى الاسلام اسم من اسماء الله الحسنى، فقد جاء فى القرآن عن ذلك، (العزيز الجبار). واللفظ يُجمع على جبابرة، وهو العظيم أو الضخم أو المهول (يراجع المعجم العربى الاساسى : مادة جبر).
وفى الديانة المصرية القديمة – قبل أن تنشأ الديانة المنظمة ويستولى عليها الكهنة – كان الفرعون يرنو بعد الحساب الذى يفيد أنه مُبَرأ إلى أن يصير نجما ويلحق بالنجوم فى السماء، وهذا واضح فى الرسوم والنحوت، وهو ظاهر فى هرم أوناس فى سقارة؛ الذى هو من ملوك الأسرة الخامسة . وقد تبع الفرعون فى هذا الاعتقاد رجال الدين – قبل انحرافهم – ورجال الحكم ومياسير الناس، فكان كلُّ يأمل أن يلحق بالنجوم ويصبح واحدا منها، بعد موته . ولم يُعرف معنى ذلك، ولا فهمه أحد من علماء المصريات (Egyptology)، حتى ظهر المعنى الآن، بعد أن عُرفت صلة كوكبة الجبار بمصر، فأصبح الالتحاق بالنجوم يعنى رجوع المرء إلى موقعه فى كوكبة الجبار .
وبعد ذلك انحدر الكهنة وصيّروا الدين الطـّلق الواضح البين، ديانة منظمة (Organized Religion)، فأوجدوا ما يسموه جنة أوزير (كما هى جنة رضوان فى الإسلام)ومثـّلوها بأشياء مادية كى يقرّبوا استيعابها للعامة من الناس، وجعلوا أوزير يمر فيها بين مختاريه (الشعب المختار)فيراهم ويرونه . ولأنّ المصريين كانوا قد شـُهروا بالتورية والمجاز فى القول والفعل، فيُعبــَّروا بالرمز عما هو واقع، ويضربوا المجاز على الحقيقة، فقد كان بوسعهم أن يدركوا المعنويات وراء الماديات فى تمثيل الجنة، غير أن ذلك تغير مع الوقت والجهل فحدث خلط بين هذه وتلك، وعمل الكهنة – للتجارة والكسب – على أن يتجاوز الإنسان الميت سيئات أعماله وتسفـّلات أخلاقه، فيدخل إلى الجنة، بالسحر والتعاويذ والتمائم والأدعية، وكان ذلك من أكبر الانحرافات والزيوغات فى الفكر الدينى، لأنه استعاض عن النظام الأخلاقى الذى يصدر عن القلب النقى، بما هو خارج عنها من سحر وتعاويذ وتمائم وأدعية وتلاوة .
وعندما تصبح الجنة مادية، فيها لذائذ جسدية، يسقط التدين تماما وتحل محله الرغبات المادية والتطـّلعات الحسّية واللذات الجنسية .