بعد “العرفاتي”، نسبة إلى الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، صارت “الحمساوي”، نسبة إلى حركة “حماس”، تهمة تودي بصاحبها الى التهلكة في “سورية الاسد”. فبعد اغلاق حركة حماس مكاتبها في سورية، أغلق قبل يومين النظام السوري منزل رئيس مكتب الحركة السياسي خالد مشعل بالشمع الاحمر، وهي خطوة تطوي آخر ملفات العلاقة بين النظام السوري والحركة. هذا بعدما غادرت، بالتدريج، الكوادر القيادية للحركة، كلها، دمشق خلال العام الفائت.
“الحمساوي” اليوم بات مغضوبا عليه. فهو الخائن، في قاموس الممانعة السوري على الأقل، وملاحقا من نظامها. والحركة ملاحقة واعتقالات أفرادها موكل تنفيذها في المخيمات الفلسطينية في سورية الى “القيادة العامة” بقيادة احمد جبريل. كما كانت حال “العرفاتي” في العقود السابقة في سورية. وتؤكد مصادر فلسطينية قريبة من الحركة ان العديد من الفلسطينيين تم قتلهم اخيراً واعتقال بعضهم بتهمة الانتماء إلى هذا التنظيم.
شعرة معاوية قطعت نهائيا بين “سورية الاسد” و”حماس” يوم وضع امير قطر رجليه على ارض غزّة. فإغلاق منزل مشعل في دمشق وازدياد منسوب نقمة النظام السوري على حماس كانا الرد على ما انجزه التنسيق المصري – القطري في غزة، وهو استعادة ما تبقى من “حماس الممانعة” الى حماس “الاخوان المسلمون”. وهي خطوة تستبطن انهاء النفوذ الايراني في غزة ومحاصرته، وادراج قطاع غزة تحت المظلة السياسية والامنية المصرية. فيما ترجح اوساط فلسطينية ان تكون الرسالة السورية حاملة رسالة ايرانية بالدرجة الاولى تعبر عن ضيق واستياء من خطوات انتقال “حماس” المستمر من دون توقف الى موقع اقليمي “لا يتلاءم بل يتعارض مع المصالح الايرانية على الساحة الفلسطينية. على ان ما يجري في غزّة، مصريًا، لا يُختصر بجهد قيادة “الاخوان المسلمين” في مصر لتطهير “حماس” من مفاصل النفوذ الايراني، بعد السوري، بل ينطوي على محاولات مصرية جادة لتعويض ما اهدرته سياسات حسني مبارك من وزن مصر الخارجي، وغزة في المقدمة. ويشير مصدر دبلوماسي مصري الى ان سياسة مصر الخارجية هي سياسة دولة، تنطلق من أنّ “أمن مصر القومي يبدأ من خارجها”، مشيرا الى توجه جديد في السياسة الخارجية يهدف الى استعادة مصر دورها وبناء نفوذها التاريخي في محيطها الافريقي والعربي والاسلامي. ويفصح ان القاهرة لا يمكن ان تدير ظهرها لغزة كما فعل النظام السابق، لأن، غزة، من صلب الأمن القومي المصري.
نشاط “ممانع” تعويضي تشهده مخيمات سورية ولبنان بوتيرة متنامية
انتقال حماس الكامل الى حضنها الاخواني هو نهاية مرحلة في خط حركة حماس، كانت خلالها ايران وسورية حاضنتين ومقررتين طيلة عقد ونصف العقد لمسارها السياسي الاقليمي، وهي نهاية اطلقت ظاهرة استقطاب وتمترس جديدة في المخيمات الفلسطينية في سورية بدرجة حادة، وبدأت ملامحها تظهر بدرجة اقل في المخيمات اللبنانية. ففي سورية يبرز الاستقطاب من جهة “القيادة العامة” وحركة “فتح الانتفاضة” وبعض الوجوه الفلسطينية الاقتصادية والقومية القريبة من النظام السوري، في مقابل بروز التنسيقيات داخل المخيمات الفلسطينية المنخرطة بالثورة السورية. وهو استقطاب مرشح لأن يجعل المخيمات الفلسطينية ساحة مواجهة متصاعدة ومسرحًا لتصفيات متبادلة.
من هنا تؤكد مصادر فلسطينية في بيروت ان ما يمكن ان تقوم به “القيادة العامة” في سورية لا يمكن ان تحققه في لبنان، بسبب الاوضاع الاجتماعية داخل المخيمات النابذة لها، وهذا ما يفسر هامشيتها داخل المخيمات اللبنانية حد الغياب التام، واقتصاره على بعض القواعد العسكرية في البقاع والناعمة.
ثمة نشاط آخر وتعويضي ضمن حدود تشهده المخيمات الفلسطينية، يقوده حزب الله باسم المقاومة، وهو نشاط متنام وغير مسبوق في علاقة الحزب بالمخيمات الفلسطينية. وتلفت هذه المصادر الى ان هذا النشاط، المشروع في المبدأ، ينطوي على بعد مقلق بسبب هشاشة الاوضاع الامنية داخل المخيمات، وقابليتها لأن تتحول إلى مسرح لتصفية الحسابات اللبنانية – اللبنانية، واللبنانية – الفلسطينية، والفلسطينية – الفلسطينية.
alyalamine@gmail.com
كاتب لبناني
البلد