بعد التطويق، آذنت ساعة حرب المدن في “مدينة الألف مسجد”. وهي ستكون حرباً صعبة، حسب مقال كتبه “جورج مالبرونو” في عدد “الفيغارو” اليوم الثلاثاء. فأمس الإثنين، اقتحمت القوات العراقية مدينة “الفلوجة” التي كانت أول مدينة عراقية استولى عليها تنظيم “داعش” في يناير ٢٠١٤. وتم شنّ الهجومن من ٣ اتجاهات عند الفجر. وكان على رأس المهاجمين عناصر وحدة النخبة المتخصصة بمكافحة الإرهاب، والتي كانت تلقت تدريباتها على أيدي مدرّبين من القوات الخاصة الأميركية.
وأعلن قائد عمليات الفلوجة الفريق عبد الوهاب الساعدي أن القوات العراقية دخلت الفلوجة بمساندة جوية من التحالف الدولي ومن سلاح الجو العراقي، وبإسناد من المدفعية والدبابات.” ولكنه اعترف بأن “تنظيم داعش يقاوم”.
العشائر تدعم “داعش”
بعد اقتحامهم المدينة في الساعة ٤ صباحاً في حي “النعيمية”، استولى الكوماندوس العراقيون على مركز شرطة داخل المدينة كان يدافع عنه ما بين ٥٠٠ و١٠٠٠ جهادي. وكان سبق ذلك إحكام تطويق المدينة بعناصر “الحشد الشعبي”، أي الميليشيات الشيعية التي يقودها مستشارون إيرانيون.
وقال خبير عسكري في بغداد تحدثت معه “الفيغارو” بالهاتف أن “القتال الآن بات داخل المدينة. وبات على الجيش أن يطرد الجهاديين من منزل إلى آخر. ” وأضاف: “منطقياً، سوف تستغرق معركة “الفلوجة” وقتاً طويلاً، مع أن القوات الأميركية الخاصة تقدم دعماً للكوماندوس العراقيين”. ومع أن مقاتلي “داعش” أقل عدداً من القوات العراقية، فإنهم يستفيدون من دعم عشائر سنّية تشعر بعداء شديد للسلطة العراقية التي يسيطر عليها خصومهم الشيعة. وسيتضاعف حقد العشائر السنية إذا لم تفِ الميليشيات الشيعية ورعاتها الإيرايون بتعهداتها بالبقاء خارج المدينة التي لم يفلح الأميركيون في السيطرة عليها إلا بصعوبة شديدة في خريف العام ٢٠٠٤. مما يعني أن هنالك علامات استفهام كثيرة حول هذه المعركة الجديدة الحافلة بالرموز!
ويتساءل الخبير العسكري الموجود في بغداد: “كيف سيكون التنسيق بين وحدات مكافحة الإرهاب النظامية والميليشيات الشيعية؟” وبعد نجاحها في استعادة عدة قرى مجاورة للفلوجة من الجهاديين، ثم تمشيط منازلها، فهل ستقاوم الميليشيات إغراء المشاركة في القتال، خصوصاً إذا ما واجهت القتال النظامية صعوبة في التقدم؟
والواقع أن وحدات النخبة العراقية، حتى لو استفادت من الدعم الجوي الأميركي، يمكن أن توتاده صعوبة في الإنتصار على الجهاديين الذين يبدون مصممين على السقوط كـ”شهداء”. ويقول الخبير أنهم “غير قادرين على الفرار، فهم مطوّقون من كل الجهات. ومعركة الفلوجة تختلف عن معركة “تكريت” التي استطاع الجهاديون أن يخرجوا منها” قبل سقوطها في مارس ٢٠١٥.
ويضيف: “في الفلوجة، فإن مفهوم الهجوم مختلف. فالجهاديون سيقاتلون حتى الموت. وهذا هو منطق هذا الحصن الجهادي. وحيث أن شهر رمضان سيبدأ خلال أسبوع، فسيتضاعف تصميمهم على الموت خلال الشهر المقدس”.
كارثة إنسانية
في هذه الآثناء، قال مجلس اللاجئين النروجي الثلاثاء ان حصار مدينة الفلوجة العراقية التي يسيطر عليها الجهاديون والذي يطال 50 الف مدني يعتقد انهم محاصرون داخلها، يجعلها تتجه نحو كارثة انسانية.
وجدد امين عام المنظمة يان ايغلاند دعوته لفح ممرات امنة لمنع سقوط عدد كبير من القتلى بين المدنيين.
وقال في بيان ان “الفلوجة تتجه نحو كارثة انسانية. فالعائلات واقعة وسط المعركة وليس لها طريق امن للخروج”.
واضاف “على مدى تسعة ايام لم نسمع سوى بتمكن عائلة واحدة فقط من الفرار من داخل المدينة. يجب ان تضمن الاطراف المتحاربة الخروج الامن للمدنيين الان، قبل ان يفوت الوقت ونخسر مزيدا من الارواح”.