متى يعلن الإعلان الرسمي عن تأسيس المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج؟ وأين وصل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في مسلسل الاستشارة مع الفاعلين داخل حقل الهجرة؟ وما هي طبيعة انتقادات هؤلاء الفاعلين؟
عاد الحديث بقوة عن موضوع المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج إلى الواجهة السياسية والإعلامية، وذلك بعد إعلان مجموعة من الأطراف داخل الحركة الجمـعوية بأوربا عن موقف عدم المشاركة في الانتخابات القادمة. وقد دفع هذا الموقف بالدوائر المسؤولة إلى التدخل من أجل جعل هذه الأطراف تراجع مواقفها بخصوص المشاركة في انتخابات 7 شتنبـر المقبل، مما جعل موضوع المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج يعود إلى الواجهة
ومعلوم أن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان قطع أشواطا هامة في لقاءاته وحواراته مع مختلف الفاعلين داخل حقل الهجرة، وذلك ضمن مسلسل الاستشارة التي كلف بها الملك محمد السادس المجلس المذكور في أفق إعداد تقرير شامل حول قضايا الهجرة والمهاجرين على أساسه يتم تأسيس المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج.
فقد التقى مسـؤولو المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بالعديد من الفعاليات الفردية والجماعية النشيطة في مجال الهجرة سواء داخل المغرب أو خارجه، وهي اللقاءات التي مكنت أعضاء المجلس الاستشاري من تكوين رؤية واضحة وشاملة حول مجمل القضايا المرتبطة بالهجرة والمهاجرين.
ومن المنتظر أن يرفع رئيس المجلس المذكور، تقريرا مفصلا في الموضوع إلى الملك محمد السادس بغية إصدار الظهير المنظم للمجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج وإحداث هياكله وتعيين أعضاء مجلسه.
وكان هذا البرنامج الاستشاري قد خلق نقاشا سياسيا هاما داخل الأوساط المهتمة بقضايا الهجرة سواء في المغرب أو في أوربا أو الولايات المتحدة الأمريكية أو كندا، وهو الأمر الذي عكسته جملة من البيانات والبلاغات وكذا الكتابات والاستجوابات الصحفية التي احتلت مساحة كبيرة في العديد من المنابر الإعلامية الوطنية.
وقد دعا عبد الكريم بلكندوز، الخبير في مجال الهجرة، إلى التريث وعدم الإسراع في إغلاق ملف المجلس الأعلى للجالية المغربية في الخارج في أفق بلورة رؤية سليمة وعقلانية.
وأكد بلكندوز في اتصال بـ”المستقل” أنه يجب تدارس بعض التجارب الديمقراطية الدولية قصد استخلاص الدروس لتوظيفها في المشروع المذكور، كما يجب تدارس مختلف المقترحات والتصورات التي طرحها الفاعلون في مجال الهجرة، مضيف أن التعجيل بخلق المجلس الأعلى قد يؤدي إلى أخطاء يصعب معالجتها.
واعتبر بلكنـدوز أن تكوين هذه المؤسسة يجب أن يتم بناء على أسس صلبة ومتينة تحظى برضى الجميع خاصة وأن بعض الأصوات بدأت تنتقد بقوة بعض الخطوات التي قام بها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في هذا الباب، مؤكدا أن “المنهجية الديمقراطية” يجب أن تكون القاعدة الأساسية في اختيار هياكل المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج.
فالمتتبع لهذا النقاش يلمس أن غالبية الفعاليات الفردية والجماعية تجاوبت مع المبادرة الملكية بإنشاء مجلس يعنى بشؤون أبناء المغرب في الخارج كمقدمة في اتجاه إشراكهم في القرار السياسي، بل الأكثر من ذلك أبانت عن إرادتها واستعدادها للمشاركة في هذا المشروع المتقدم. وفي اتصال “المستقل” مع الناشط المدني محمد المساوي، رئيس الكونغرس العالمي للمواطنين من أصل مغربي، أكد أن المشاركة لن تكون هادفة وفعالة إلا إذا تحققت مجموعة من النقط التي يراها أساسية لإنجاح هذا المشروع الملكي الطموح، وتتمحور هذه النقط في:
ـ الحرص إشراك جميع الجمعيات الديمقراطية النشيطة داخل حقل الهجرة.
ـ اعتماد مبدأ الانتخاب وليس التعيين في عملية اختيار أعضاء المجلس.
ـ الحرص على إشراك النساء والشباب وكل الشرائح الاجتماعية سواء من الجيل الأول أو الثاني والجيل الثالث المهدد بفك الارتباط مع وطنه الأم.
ـ إحداث وحدات جهوبـة دائمة تابعة للمجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج له في بلدان الإقامة.
ـ استقلالية المجلس عن الدوائر الحكومية وجعله تحت الرعاية الملكية.
ـ ضرورة التـزام المصالح القنصلية الحياد الإيجابي.
ـ إعطاء المجلس طابعا تقريريا وليس استشاريا ومده بكل الإمكانيات اللازمة لخدمة قضايا الهجرة والمهاجرين على وجه الخصوص.
و في ذات السياق اعتبر الناشط المساوي أن المشاركة في هذا المشروع لا يجب أن ينسي مطلب المشاركة السياسية المتمثل في الاستحقاقات الانتخابية القادمة على اعتبار أنها تعد المدخل السليم والعقلاني للمشاركة في القرار السياسي ببلادنا.
خلافا لهذا الرأي الإيجابي برزت أقلية، منها بعض الوجوه التي لجأت إلى أشكال مختلفة للضغط على الدوائر المسؤولة من أجل تمثيلها داخل هياكل المشروع المذكور، وذلك من خلال الاجتهاد في عملية تلميع صورها القبيحة ومسارها المعروف عند الخاص والعام. وقد وصل الأمر بأحـدهم
( ألمانيا..) إلى التلويح بإمكانية رفض ومقاطعة هذا المشروع إذا أخذ مسارا غير الذي يريده..، مع العلم أن البعض لا يمثل إلا نفسه، وهذه حقيقـة بات الجميع على علم بها.
ومن هذا المنطلق لا يجب على مسؤولي المجلس أن يخضعوا لمثل هذه الضغوطات الفارغة من طرف عناصر معروفة بماضيها، إذ سبق لها أن تورطت في فضائح مالية بأوربا.. ولا زالت ذاكرة المغاربة تحتفظ بها، وللتذكير في هذا الباب يمكن الرجوع إلى أرشيف جريدة الاتحاد الاشتراكي ومتابعة كتابات أحد مراسلـيها بأوربا( الزميل أحمد أوباري) قصد الوقوف عن عند تفاصيل هذه الفضيحة.
إن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يجب أن يحرص كل الحرص على احترام المعايير التي تضمنها الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء عام 2005 حول هذا الموضوع، أي الكفاءة والمصداقية والتمثيلية والنزاهة، وهي المعايير التي يجب أن تكون القاعدة الأساسية لعمل لفريق العمل المكلف بهذا الموضوع داخل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان.
فهذا المشروع يجب أن تتوفر له كل الشروط الصحية للعمل ويتجنـد له الجميع لإنجاح أهدافه الأساسية المتمثلة في ربط جسور التواصل مع المغاربة في الخارج وكذا إشراكهم في صنع القرار السياسي وانقاد الجيل الثاني والثالث من فك الارتباط مع وطنه الأم.
musantra@yahoo.fr