هل قامت إسرائيل بتدمير أدوات، وإيديولوجية، محور الإحتلال الإيراني لسوريا ولبنان، وفتحت بذلك الباب لاستعادة الدولة اللبنانية، ولإسقاط نظام الأسد الإجرامي، كما يعتقد لبنانيون وسوريون وعراقيون وخليجيون..؟ أم، هل ستدخل المنطقة في “العصر الصهيوني” المزعوم؟
ما يلي ترجمة سريعة لمقال نشره “الشفاف” على صفحته الفرنسية لأستاذ العلوم السياسية الإسرائيلي ـ الفرنسي “دوني شاربيت” يمكن اعتباره “استكمالاً ” للنقاش الدائر حالياً في المنطقة العربية. يشهد المقال على أن شعب إسرائيل ليس كتلة واحدة من “المحتلّين”، بل إن بداخله نقاشات وتيارات متعددة. وأن قوى “السلام” و”المصالحة” ما زالت قوية بداخله. وإذ يدين الكاتب سياسة نتنياهو الحربية في غزة، فإنه يضيف أنها، أيضاً، خطر على الديمقراطية الإسرائيلية.
من جهتنا، نحن نضيف أننا كنا مع الضربة الإسرائيلية الأخيرة لإيران لسبب إضافي: أنها وجّهت ضربة حاسمة، كذلك، لإيديولوجية القرون الوسطى (الدينية المناوئة لمبادئ المواطنة والدولة الحديثة) التي فرضها الخميني وخامنئي على إيران وعلى شعوب المنطقة العربية منذ 46 عاماً.
نتمنى الكثير من التعليقات على وجهة النظر الإسرائيلية هذه.
بيار عقل
*
مع نتنياهو ضد التهديد الإيراني، وضدَّهُ بشدة عندما يُدمّر غزة
بعد نجاحه في إيران، يطمح بنيامين نتنياهو إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط. فهو يعتبر ذلك المكافأة التي تستحقها إسرائيل، لأنها قامت بـ”العمل القذر” (حسب تعبير استخدمه مستشار ألمانيا) من أجل كسر محور غزة-بيروت-دمشق-طهران. إسرائيل تتحمّل التكلفة البشرية والمادية والاقتصادية لهذه الحروب التي خيضت على عدة جبهات (بما في ذلك الإدانة الأخلاقية من المجتمع الدولي بسبب الفوضى في غزة)، وقد وجهت ضربة قوية، بمساعدة الولايات المتحدة، إلى ترسانة نووية كانت تهدد استقرار العالم بقدر ما تهدد وجود إسرائيل. العديد من الدول، بما في ذلك بعض أعضاء مجموعة “بريكس+” (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا، إيران…)، إضافة إلى دول الجنوب العالمي والدول الغربية، ترحّب سرًا بالانتكاسة الإيرانية.
ويمكن لإسرائيل أن تسجل برضى أن هنالك على حدودها الشمالية جيرانًا لبنانيين وسوريين يحملون نظرة أكثر تصالحية من نظام الأسد وحزب الله. لقد كان تغيير النظام في سوريا شأنًا سوريًا، لكن إسرائيل ساهمت فيه بشكل غير مباشر من خلال إلغاء الدور المحوري الذي كان حزب الله يلعبه في لبنان. لا ينبغي انتظار أي شكرٍ علني من الشعب اللبناني: فالحروب القديمة والجديدة خلفت على جانبي الحدود مرارات يصعب محوها.
ولكن، إذا قامت إسرائيل، عبر قنوات غير علنية، بإبلاغ لبنان بأنها مستعدة للانسحاب إلى خط الترسيم كما فعلت في عام 2000، شرط احترام سيادتها وكبح التهديد الشيعي، فإن الحرب في لبنان وإيران لن تكون بلا جدوى، رغم الخسائر والدمار.
ويبدو أن النظام السوري الجديد مستعد هو الآخر لعدم تكرار الأسطوانة المحبّبة لبشار الأسد عن “الكيان الصهيوني” المحكوم بالزوال الحتمي. وإذا كان النزاع بين البلدين يقتصر اليوم على هضبة الجولان وبعض النقاط الاستراتيجية التي احتلتها مؤخرًا القوات الإسرائيلية، فلا يمكن استبعاد تقدم يمهد لمفاوضات مستقبلية.
استبدال الإيديولوجيا المتعصبة
سواء استفاد الشعب الإيراني من الضربات الموجهة للنظام لإسقاطه أم لا، فإن هذا القرار يعود إليه وحده. ويُظهر مثالُ كل من لبنان وسوريا أن آفاق التفاهم الضمني ممكنة، سواء استمر النظام كما هو الحال في لبنان، أو تغيّر كما حدث بعد سقوط الأسد. وإذا نجحت الجمهورية الإسلامية في البقاء، فعلى الولايات المتحدة وأوروبا أن تتعاملا معها بحزم. ولتحقيق ذلك، يجب أن يحل منطق المصالح محل لغة الإيديولوجيا. لم تكن إيران أول دولة تعلن، طقوسياً، عن رغبتها في زوال “الكيان الصهيوني“؛ فإسرائيل تتعايش مع ذلك، لكنها لن تقبل أبداً بخطر حقيقي يتمثل في تطوير قدرات نووية. لا جديد تحت الشمس: فقد تعاملت إسرائيل بالطريقة نفسها مع العراق في عام 1981 ومع سوريا في العام 2007.
من جهة أخرى، من الضروري أن يحافظ القانون الدولي على القاعدة التي تعتبر المعتدي هو من أطلق النار أولاً. لكن من السخف اعتبار أن الحرب التي أعلنها بنيامين نتنياهو على إيران مماثلة لتلك التي يشنها فلاديمير بوتين على أوكرانيا. وبينما يتم إعلان إسرائيل دولة معتدية، من العدل الاعتراف بأنها تستحق “ظروفاً مخففة“. فعندما تدعم أوروبا إسرائيل في مواجهة إيران وتدين روسيا في غزوها لأوكرانيا، فإنها لا تتحدث بـ“ازدواجية في المعايير“، بل تتحدث بعقلانية.
العملية التي نفذها رئيس الوزراء الإسرائيلي في إيران هي ذات طابع دفاعي، بينما العملية التي نفذها الرئيس الروسي في أوكرانيا هي بوضوح توسعية، كما أن الحرب التي تخوضها إسرائيل تصبح توسعية أيضاً عندما نوجه التركيز من إيران نحو غزة. ومع ذلك، وبالمناسبة، فإن إسرائيل ليست رسمياً الطرف المعتدي في هذه الحالة.
بالرغم من ذلك، فإن استمرار حرب بلا هوادة، بمستوى هائل من الدمار، وحصيلة ثقيلة من الضحايا، مع غياب متعمد لأي أفق سياسي سوى الضم، يستدعي دق ناقوس الخطر.
وهذا يعني أن إعادة تشكيل المنطقة قد تسلك أيضًا منحًى منحرفًا. ففي الوضع الراهن، يسعى بنيامين نتنياهو إلى تصفية مستقبل الفلسطينيين أكثر من سعيه لتحرير الرهائن أو استبدال « حماس » بجهة مسؤولة. ويُخشى عليه من نشوة القوة التي تدفعه للسيطرة على غزة والضفة الغربية، ولتحطيم آليات الرقابة والمساءلة داخل إسرائيل — من المحكمة العليا إلى الصحافة الاستقصائية — ما قد يؤدي إلى جعل إسرائيل دولة قمعية وغير ديمقراطية بشكل دائم.
لا أحد زائد عن الحاجة، لا الإسرائيليون ولا الفلسطينيون.
لقد بلغت درجة انعدام الثقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ذروتها منذ 7 أكتوبر والحرب في قطاع غزة. لكن لا بد من العمل، من كلا الجانبين، على عدم التسامح مع الشعارات التي تنكر قيام دولة فلسطين أو وجود إسرائيل. إن ذاكرة المعاناة لا يمكن أن تبرر القضاء على آلاف الإسرائيليين وعشرات الآلاف من الفلسطينيين منذ عام 2023.
المطالبة بالتخلي عن الممارسات القاتلة والخطاب الدموي، سواء بالعبرية أو بالعربية، لا يعني إعادة تشكيل الشرق الأوسط كما فعل الاستعمار البريطاني والأمريكي، بل هو إعلان موجه إلى جميع شعوب المنطقة بأن لا أحد زائداً عن الحاجة — لا الإسرائيليين ولا الفلسطينيين: هنالك مكان للجميع، ولكن ليس كل المكان؛ ولكل منهم الحق في بناء وطن، ولكن ليس على حساب وطن الآخر.
يجب أن نؤيد نتنياهو بحزم عندما يضعف التهديد الإيراني الذي طالما أثقل كاهل إسرائيل؛ ويجب أن نعارضه بشدة عندما لا يرى أي مخرج دبلوماسي للصراع إلا باستبعاد الفلسطينيين.
في هذا السياق الجديد، الذي لا يزال غير واضح المعالم، يمكن لإسرائيل أن تدعي دور الشرطي الإقليمي فقط إذا توقفت عن التصرف كبلطجي في الضفة الغربية، وأوقفت جيشها عن تدمير غزة.
ولا يمكن لإسرائيل أن تبني مستقبلًا مستقرًا إلا بالتعاون مع القادة والشعوب المجاورة لنيل موافقتهم، إذ بدون ذلك فإن استخدام القوة ليس إلا تعسفًا في استعمالها.
السلام، سواء كان محليًا أو عالميًا، ممكن من جديد. ويتطلب وقف ما يسمى“التهدئة بالعنف” الجارية في غزة، والتعامل مع الفلسطينيين — من دون « حماس ». إذا لم يكن نتنياهو قادرًا على تصور ذلك، فعلى قيادة إسرائيلية أخرى أن تتولى هذه المهمة، بروح إسحاق رابين، لتقود مع الدول المجاورة، بدءًا بالفلسطينيين، هذا التغيير الذي يحتاجه الشرق الأوسط والعالم.
إن إعادة تشكيل المنطقة بشكل دائم تتطلب، بعد استخدام القوة، مد يد السلام. فإذا تغلبت العجرفة على الحكمة، فستفوز إسرائيل مرة أخرى في معركة وجودها، لكنها ستخسر المعركة الحاسمة، وهي معركة شرعيتها. وستعود المنطقة إلى الفوضى والعنف وعدم الاستقرار، ولن يبقى من هذا “النظام الجديد” سوى استبداد تعسفي.
الذي يجعلك تؤمن بالخزعبلات، يجعلك ترتكب الفضائع في اليوم الثالث للمواجهة الإسرائيلية – الإيرانية، بينما كنت احتسي القهوة وأقرأ الصحف على ضفة البوتامك “نهر بحجم النيل، ولكنه أعرض واقصر” كما افعل مرتين يوميا ، أقترب مني يهودي في السبعين وبعد حوار توافقي قصير قال “نتنياهو هو السبب/ المشكلة” كمن يلقي حملا ثقيلا عن قلبه منذ شهر كتب”توماس فريدمان” كيهودي ، وفصل مشكلة اليهود والمنطقة والعالم مع نتنياهو وائتلافه أظهرت الاستطلاعات أن 80% من الاسرائيليين يؤيدون حرب اسرائيل على إيران، ولكن مؤيدي نتنياهو ازدادوا تأييداً ومعارضيه ازدادوا معارضة، والسؤال: ماذا سيفعل نتنياهو؟ المنطقي، أن يلعب نتنياهو دور “بطل الحرب والسلام” ويتقاعد،… قراءة المزيد ..