رائعة الكاتب العالمي هنريك ابسن “بيت الدمية” تتجدد على مسارح اوسلو، بأحداث تتماشى مع مستجدات العصر. بتكليف من المتحف الثقافي العالمي، قامت الكاتبتان المغربية زكية خيرهم والنرويجية لينا ستايملر، بكتابة مسرحية مستوحاة ومستلهمة من المسرحية العالمية” بيت الدمية”.
أثارت تلك المسرحية في حينها، العديد من الاشكالات في المجتمع النرويجي المحافظ أنذاك، مما دفع ابسن لتغيير نهاية المسرحية، في بعض العروض، لكنه ما لبث أن تراجع عن ذلك في بقية العروض اللاحقة. وقد شكلت البطلة “نورا”، صرخة في وجه استعباد المرأة، ولتصبح رمزا للتمرد على عبوديتها.
“نورا” كانت امرأة لا تختلف عن النساء الأخريات في عصرها. لكن مرض الزوج وشفائه، قد غير مفهومها لنفسها ولطبيعة دورها في البيت ، وقد شكل هذا التغير، نقلة نوعية في تفكيرها. فقد اضطرت نورا لتزوير توقيع والدها للحصول على قرض لعلاج زوجها خارج البلاد. وعندما شفي وعلم بالأمر خشي على سمعته ، اذا ما افتضح الأمر، حيث أنه كان يعير كبير اهتمام لما يتقوله الناس، ما أزّم العلاقة بين الزوجين.
وحين مرت الحادثة بسلام، اعتقد الزوج أن بامكانه العودة الى سابق حياته الزوجية، لكن الأمربالنسبة لنورا كان قد اختلف! فقد رفضت وجودها كدمية في بيت أبيها ثم في بيت زوجها! فتقرّرُمغادرة البيت والعائلة. تخرج نورا وتصفق الباب خلفها، تلك الصفقة التي تحولت الى رمز للتمرد والحرية….
مسرحية”الجميلة” بقلم الكاتبتان، تستلهم روح “ابسن” ، وتعالج قضية من أهم قضايا الاغتراب، وهي قضية الاندماج ومشاكل المهاجرين وهموم الاغتراب. عرض المسرحية الذي استغرق ساعة متواصلة، يشدك ويستحوذ على مشاعرك، حيث يعالج قضايا جدية بأسلوب ساخر فكاهي.
الشخصيات هي: “أرون” واذا ما قرىء معكوسا فهو اسم “نورا” مقلوبا. وهو الشاب الذي عاش تجربة نورا في التهميش. هو شاب عراقي مثقف وطالب جامعي، منهمك في تحضير الدكتوراه. يعيش مساكنة مع ممثلة مسرح تدعى “ليف”، والمشغولة بعملها المسرحي، وتعيش معهما ابنتها المراهقة “ماريا”. أما السائق الباكستاني البسيط “حسين” فهو متزوج من امرأتين، في وقت واحد، وقد أحضر زوجته الثانية الى النرويج على أنها أخته، وينجب أطفالا من كلا الزوجتين. ترسم الكاتبتان لوحات فكاهية مرحة للسائق حسين مع رفيقه أرون، لوحات تصور حياة الاغتراب وسلوكيات الرافضين للاندماج.
(مؤلفتا النص زكية خيرهم و لينا ستايملر)
سلوكيات شخصيات المسرحية من نرويجيين ومهاجرين، لا تحابي قيم ثقافة على أخرى، فهي نقد لسلبيات وايجابيات الثقافات المختلفة. فهذا السائق حسين، الذي يحتال على القانون النرويجي، تأخذه النخوة للدفاع عن الصبية ماريا، حين تتعرض للاعتداء والتحرش.
أما أرون، فهو المثقف العربي القادم من عراء الله، فيقف حائرا بين ثقافته، وبين ما يعايشه مع صديقته وابنتها، التي تحمل من صديق لها وخارج اطار الزواج، وبين هموم أهله في العراق، والذي يجهد لتأمين كرونات لارسالها لهم. وفي النهاية يملّ من حياته هذه، فيخرج من البيت صافقا الباب خلفه!!
ما بين “نورا” و”أرون” مسافة أكثر من مئة سنة ونيف من الزمان. فهل انقلبت المواقف وتغيرت المواقع، ليصبح الرجل في موقف المتمرد على سطوة المرأة؟ وهل هذه ظاهرة غربية، أم أنها الفروقات الثقافية؟
مسرحية خفيفة، تستعير لوحات من حياة المجتمع النرويجي وبيئات المهاجرين. عمل بكل بساطة، يستحق المشاهدة. وتستحق مؤسسة المتحف الثقافي العالمي كل تقدير لعملها الدؤوب في تشجيع مجتمع المهاجرين على المساهمات الثقافية.
albakir8@hotmail.com
كاتبة فلسطينية من لبنان تقيم في اوسلو
نص تحت الصورة المرفقة: مؤلفتا النص زكية خيرهم و لينا ستايملر
رائعة هنريك إبسن “بيت الدمية” في حلة متجددة
كنت ارقب في النص الكامل للمسرحية,جنبا الي جنب مع هذا الملخص المفيد
رائعة هنريك إبسن “بيت الدمية” في حلة متجددة
شكرا للست حنان وللأستاذ وليد
كانت مفاجئة حلوة أن أقرأ مقالتك حول انطباعك عن مسرحية”الجميلة”،والأجمل حضورك لمشاهدتها. وللأستاذ وليد أقول الله يبارك فيك.هذه شهادة منك اعتز فيها.
رائعة هنريك إبسن “بيت الدمية” في حلة متجددة
شكرا الى الست حنان على الموضوع، والف مبروك يا ست زكية خيرهم على انجاز هذا العمل الأبداعي بمحتواه الانساني التنويري والنقدي… قرأت كتابك ايضا وقصصك. آمل ان يؤثر جهدك الثقافي في تنوير الأقلية المهاجرة المنغلقة على نفسها والتي تمارس الاسلام بأقصى اشكاله تعصبا وغباءً في المجتمع النرويجي وتعطي المجتمع صورة عن الاسلام تقارن بأسلام تورا بورا وتعصّب عمر عبد الرحمن ونفاق الأخوان المسلمين ودمويةجيش المهدي وطغيان حزب الله…