يسرّني أن أشاركَ المسرورينَ سرورهم بسقوط إيلي الفرزلي وطلال أرسلان ووئام وهّاب وفيصل كرامي وأسعد حردان وبحلول جبران باسيل ثانياً في دائرته. هذا مزاجي أوّلاً: لا أطيقُ مناظرَ هؤلاءِ وقد اتّفقَ أنّ موقفي السياسيَّ موافقٌ لمزاجي أتَمَّ موافقةٍ، في هذه الحالاتِ، و هذا توافقٌ لم يكن محتومَ الحصول.
وأمّا مروان خير الدين فسرّني أنّه طاولَ في السقوطِ وتَرَدَّدَ: فهذا يُرَسّخُ فضيحةَ ترشيحهِ في الذاكرةِ العامّة. تلكَ وصمةٌ ثَبَّتت بَصمةً: بصمةَ رُعاةِ الترشيحِ المذكورِ على ما تعرّضَ له اللبنانيّونَ مجتمعاً ودولةً من نهبٍ متَمادٍ وانهيارٍ شامل. كانَ ترشيحُ خير الدين تصريحاً رمزيّاً بأنّ الرعاةَ المذكورينَ لا اعتراضَ لهم على هذا كلّه بل هم بين طلائعِ الضالعينَ فيه، وأنّ همومَهم في أفقٍ آخرَ لا يَعدو فيه لبنان أن يكون وسيلةً وساحةً وأنّهم حالَما يتجاوزون سورَ الطائفةِ تصبحُ المبادئُ في وادٍ والمقايضاتُ في وادٍ آخر…
في كلِّ حالٍٍ، يبقى سروري غامراً بسقوطِ السابقي الذِكْر. وأمّا الذينَ فازوا في مواجهةِ هذا المعسكر كلّهِ فيغلبُ على موقفي منهم الصبرُ والانتظار. وذاكَ أنّ ما ظهّره أسلوبُ ترشيحهم من أنماطِ علاقاتٍ بينَهم لا يطمئنُ إلى حظوظِ انتظامِهم في بديلٍ سياسيٍّ قابلٍ للنُمُوّ. وهذا فضلاً عن أنّ سابقَ حضورهم في المجال العامّ ما يزالُ، في الغالب، قصيرَ المدّةِ وغيرَ ثابتِ التماسُكِ في سياقِ ممارسةٍ واضحةِ المعالِم، وهذه واقعةٌ إجماليّةٌ تحتملُ الاستثناءَ الفرديّ، وهي تسجّلُ ولكنّها لا تُعَدُّ مأخذاً على أيٍّ منهم. هذا لا يمنعُ أيضاً أداءَ التحيّةِ لشجعانٍ خاضوا معاركهم في وجهِ سلطاتٍ منحازةٍ وقانونٍ أعوج وتشكيلاتٍ ضخمةِ الوسائلِ ومدرّبةٍ على الإرهابِ السياسيّ. فازَ من هؤلاءِ الشجعانِ من فازَ ورسبَ من رَسَبَ وعَرَضَ بعضُهُم نموذجاً مسلَكيّاً في حَمَلاتِهم يستحقُّ التحيّةَ أيضاً.
ملاحظةٌ أخيرة.
عادةً يسرُّني التشتّتُ في الطائفةِ الواحدةِ وأرى فيه بارقةَ أملٍ ودليلاً على تقهقُرٍ ما للطائفيّة العموميّة. عليه ساءَني أن تبقى قبضةُ “الثنائيّ” المعلوم محكمةً على التمثيلِ الشيعيِّ بأَسْرهِ.
وساءَني أيضاً أن يبقى التمثيلُ المارونيّ (بل المسيحيّ) شبهَ محصورِ الحركةِ بين تنظيمين بائسَينِ يريان المنافسةَ بينهُما مسوّغاً لأسوإ ضُروبِ التبعيّة.
وأمّا أهلُ السنّةِ فعسى أن تدومَ عليهِم نعمةُ التشتّتِ الطارئةُ من غيرِ تنميةٍ ترَجِّحها المذهبيّةُ الشيعيّةُ لطحالبِ الأصوليّةِ والإرهاب.
مسروق من صفحة أحمد بيضون. العنوان من “الشفاف”!