(إسماعيل هنية يعزّي زوجة القاتل قاسم سليماني)
نعم، يبدو الأمر كذلك. فلإيران علاقة بمسألة تصنيف بريطانيا لـ« حماس » كتنظيم إرهابي.
لقد كتبت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل في تغريدة على تويتر: “حماس تمتلك قدرات إرهابية كبيرة بما في ذلك الوصول إلى ترسانة (أسلحة) واسعة ومتطورة فضلا عن معدات إرهابية”. وأضافت “لهذا أتحرك اليوم لحظر « حماس » بالكامل”.
من الواضح أن كلمات مثل قدرات إرهابية كبيرة، وترسانة أسلحة واسعة ومتطورة، تؤشر إلى الدور الإيراني “الكبير” في دعم الآلة العسكرية لـ« حماس ».
بل يبدو لبعض المراقبين أن التصنيف البريطاني موجّه إلى زعامة إيران في قيادة مجموعة من الدول والتنظيمات، من ضمنها « حماس »، فيما يسمى بـ »حلف الممانعة”، الذي يناهض وجود إسرائيل ويعرقل عملية السلام ويهدد المصالح الغربية حول العالم.
وحسب الأكاديمي في الجامعة العبرية مئير مصري فإن “كل خطوة من شأنها إضعاف « حماس » تساهم مباشرةً في دعم السلطة الفلسطينية وتقوية موقفها، وبالتالي تزيد من فرص التقارب الإسرائيلي-الفلسطيني”.
إضافةً إلى ذلك، فإن التصنيف هو رسالة احتجاج غير مباشرة ضد “الزعامة الإسلامية الإيرانية” ردّا على “تعسفها” فيما يخص برنامجها النووي، خاصة بعد ارتفاع منسوب تخصيبها لليورانيوم ما يسهّل قدرتها على إنتاج سلاح نووي، ورفضها تقديم تنازل للعودة لطاولة المفاوضات النووية.
لقد عُرف عن إيران علاقاتها القوية مع « حماس » ودعمها القوي لها، رغم عدم الاتفاق معها مذهبيا، وعدم التوافق معها حول بعض القضايا الإقليمية، كالأحداث في سوريا.
تأسست « حماس » في 1987 من رحم الاخوان المسلمين أثناء اندلاع الانتفاضة الأولى (« انتفاضة الحجارة »). وبعد 3 سنوات دعت إيران الحركة لحضور مؤتمر في طهران لدعم الانتفاضة، كما سمحت لها بفتح مكتب هناك. وشيئا فشيئا تطوّرت العلاقة بين الطرفين وتقوَت رغم المدٍّ والجزر في بعض الأحيان.
فلماذا قوّت إيران تلك العلاقة؟ لقد أدركت طهران دور الحركة المحوريّ في القضية الفلسطينية، فأغدقت عليها بالدعم المالي والعسكري. كما أن تغيّر طبيعة المواجهة بين إسرائيل و« حماس »، والذي وصل لشنّ أكثر من حرب على غزة، صعّب انفكاك « حماس » عن الدعم الإيراني، لأنها تقدّم إسنادا ماليا وعسكريا كبيرا.
كما أن تفرّد « حماس »، كحليف سنّي لإيران الشيعية، هو بمثابة تعزيز لفكرة طهران لقيادة العالم الإسلامي لا الشيعي فحسب! ومن ثَمّ سعت لزعامة ثورية، ساعية إلى تغيير الخارطة الإقليمية الراهنة، مستندة في ذلك إلى معتقدات الإسلام الأصولي الذي ينبني على معاداة الرؤى الغربية. لذا من شأن التصنيف البريطاني لـ« حماس » أن يكون خطوة في طريق ضرب هذه القيادة وتفكيكها وإضعافها.
بعبارة أخرى، تسعى بريطانيا لكسر نفوذ إيران الإقليمي، ومواجهة سياساتها التوسعية المعروفة باسم “تصدير الثورة”. فطهران تحتاج إلى حليف سنّي يزيد من قدرتها على العمل في محيطها العربي والإسلامي، ويمحي الصبغة الطائفية في سياساتها الإقليمية، ويضمن لها موضع قدم في القضية الفلسطينية، لما تحمله القضية من أهمية سياسية تستطيع من خلالها مناكفة تل أبيب وحلفائها.