خريطة إيرانية رسمية تظهر موقع الجزر المتنازع عليها ضمن خطوط الملاحة الدولية
يبدو أن قادة إيران وعلى رأسهم مرشد الثورة آية الله علي خامنئي مصرّون، بكل ما يملكون من قوة وأدوات وأهداف توسعية، على الاستمرار في تثبيت أقدام الوجود الإيراني في المنطقة، ليس في العراق ولبنان وسوريا فحسب، وإنما في مواقع بمنطقة الخليج، وخاصة في تلك التي يمكن أن تزيد من سيطرتهم على مضيق هرمز، أي في الجزر الإماراتية الثلاث.
فقد ورد على لسان آمر القوة البحرية في الحرس الثوري الإيراني على رضا تنكسيري قوله إن خامنئي أمر بأن يتم تأهيل الجزر بالسكان. وأضاف: “إن الجزر الموجودة في الخليج هي إستراتيجية للغاية. وعندما يقول الشخص الأول في البلاد (خامنئي) إنه يتعين على الناس أن يعيشوا في الجزر وأنه يجب أن نهيئ الجزر لذلك، فإن ذلك يعني بأننا نبحث عن الأمن في المنطقة”.
وأشار المسؤول الإيراني إلى خطط لبناء مطارات وحواجز للأمواج في الجزر، وقال: “لقد بنينا مطارا دوليا في “طنب الكبرى”، ومطارا في “طنب الصغرى”، كما أنشأت القوة البحرية التابعة للحرس الثوري أكثر من 50 حاجز أمواج للناس”.
وكانت السيادة على الجزر الإماراتية الثلاث، من أهم القضايا الخلافية بين أبو ظبي وطهران خلال العقود الثلاثة الماضية. وقد يتسبب القرار الإيراني الأخير في توتير العلاقات مع الإمارات، ومن ناحية أخرى قد يؤدي إلى تأكيد هيمنة إيران على مضيق هرمز ما قد يتسبب في تصعيد مع الولايات المتحدة.
وترى مصادر خبرية نقلا عن أوساط إيرانية أن القرار بتأهيل الجزر “خطوة في الاتجاه الصحيح ولو جاء متأخرا”، في وقت طالب فيه آخرون بتسريع وتيرته “لضمان الأمن والاستقرار فيها، وقطع الطريق على الوجود العسكري الأجنبي قربها”.
وتقع الجزر الثلاث في منطقة حساسة بالقرب من الممرات الآمنة للملاحة البحرية في الخليج، لذا هي تمثل أهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة. وتقول إيران إن عدد جزرها في الخليج يبلغ 41 جزيرة، وأنها تضطلع بدور حيوي في ضمان أمنها، وأن نحو 20 جزيرة منها لا تزال خالية من السكان.
وتقول التقارير الإخبارية إن حكومة الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني سعت في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي لجعل الجزر في الخليج صالحة للعيش ومتمتعة بديناميكية اقتصادية، بهدف تأسيس وجود إيراني في المنطقة. وحولت آنذاك جزيرتي “كيش” و”قشم” إلى مناطق تجارة حرة، وأسست لرحلات طيران يومية نحوهما، وشجعت رجال الأعمال على افتتاح المجمعات التجارية ومكاتب التجارة فيهما، كما شيدت مباني جديدة مزودة بمراكز للترفيه.
وكانت الولايات المتحدة أفادت في 15 أبريل الماضي بأن 11 زورقاً إيرانياً اقتربت من سفنها في الخليج، متهمة إيران بإجراء “مناورات خطيرة” في البحر. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إنه أمر البحرية الأمريكية “بضرب وتدمير أي سفينة إيرانية تضايق سفننا في البحر”.
قد يكون لخطوة طهران المتعلقة بتأهيل الجزر بالسكان هدف مخفي، يتجاوز ما يمكن أن نلحظه في خطابها الظاهري. فهي عالقة سياسيا واقتصاديا وسط مستنقع العقوبات الأمريكية، ووباء كورونا زاد بلة أزماتها، ومشاريعها التوسعية الإقليمية تزداد تعقيدا، في العراق وسوريا ولبنان، وقد تحتاج إلى تفجير أزمة جديدة في المنطقة تستطيع من خلالها أن تعيد الاعتبار لسمعة نفوذها الداخلي والخارجي.
وبحسب محلل الشؤون الإيرانية في “راديو فردا”، رضا حقيقت نجاد، من غير المرجح أن يغير أمر خامنئي حول الجزر شيئا على أرض الواقع، طالما لم تحل إيران مشاكل سياستها الخارجية الرئيسية.