طوى بازار الموازنة صفحاته، الا ان الغسيل الوسخ لأهل السلطة لا يزال معلقاً على حبال الأزمات، واضعاً الحكومة في عين العاصفة، وفاتحاً عتبة الأسبوع الحالي على مزيد من التعقيدات وتصفية الحسابات وألغام التحجيم واستعراضات للقوة المستعارة من هنا وهناك فارغة كالطبل.
ماذا بعد؟
متى سيجتمع مجلس الوزراء لتنطلق السلطة التنفيذية في إدارة شؤون الدولة المعطلة؟
فقط في لبنان يمكن طرح مثل هذا السؤال؟
فقط في لبنان، حكومات الوحدة الوطنية تحبل وتلد مشاريع الإلغاء الباقية سيفاً مصلتاً يهدد كل من تنازل للوصول الى تسوية تبقيه على قيد الحضور السياسي.
فقط في لبنان، حافل “جراب الكردي” بما تتطلبه المنعطفات السياسية من أزمات تفبركها أدوات الحاكم بأمره وتضخمها حتى تتورم وتنذر بالانفجار لتطويع من يجب تطويعه وتذكير من نسي ان الحاكم بأمره هو من يحدد مصيره.
أما مصير لبنان، فتفصيل تافه في حساب صراعات الإقليم.
لذا يبدو اللعب بالدستور تحصيلاً حاصلاً، سواء لجهة قطع الحساب الذي قطع حبل سرته عن الموازنة المولودة، او لجهة تحويل الحكومة التي لا تعيش الا على التنفس الاصطناعي، الى حكومة تصريف أعمال حتى إشعار آخر.
وفي الانتظار، تتحكم “الشيزوفرانيا” بالسلطات اللبنانية. لكلٍ منها ذراعان مثقلان بضد يظهر قباحته الضد الآخر.
وحده الحاكم بأمره يقف على قمة الجبل ويردع بعصا طويلة شرود القطيع. مع الإشارة الى أن الردع الذاتي أصبح التزاماً أكثر منه هواية.
فالرئيس ميشال عون قلبه على الحكومة، يريد لها ان تنطلق بإنجازات عهده القوي عبر فريق وزارئه الأكثر قوة، مما ظنَّ، ما خفف من وقع الثلث المعطل.
لكن ذراعه مقيدة بمفاعيل وثيقة مار مخايل وفواتيرها. ما يجعل هذه الانطلاقة مقيدة بالأجندة المحددة سلفاً. والرئيس نبيه بري قلبه مع رئيس “الاشتراكي” وليد جنبلاط ومصلحته في الإبقاء على “تريو” يجمعه الى جنبلاط مع الرئيس سعد الحريري. الا ان الكلمة الفصل يحددها تحالفه في إطار الثنائية.
أما رئيس الحكومة سعد الحريري، فهو، وان كان يعوِّل على مصلحة عون في إطلاق عمل الحكومة ويغض النظر عن هذا القضم المتواصل والخبيث لكل ما يمت الى صلاحيته بصلة، الا انه يعلم ان عواصف المنطقة تفرض عليه ميكيافيلية، يصلي ليل نهار كي تكون موقتة وتحرره من التسوية التي تخنقه.
الخلاصة: ممنوع على أي كان ان “يخربط الزيح”…والا ستحصده العاصفة…