لمن تقرع بكركي الأجراس؟ للعهد “القوي” الذي لم “يجرؤ” على تشكيل حكومة بعد ٨ أشهر من التكليف؟ أم لرئيس الحكومة المكلّف الذي لم “يصارح” اللبنانيين حتى الآن بـ”موانع” تشكيل الحكومة؟ ام للقيادات “المسيحية” التي لم تحرّك ساكناً بعد “قمة بكركي” الأخيرة، باستثناء “لحية الدكتور سمير جعجع” (في باريس) التي قالت المواقع والصحف أن اللبنانيين تساءلوا عن “مغراها”!! (سبقه إلى “موضة اللحى” الرئيس الحريري، وجبران باسيل، وسليمان فرنجية وطبعاً.. حسن نصرالله! هذا زمن اللحى!).
لا! أجراس بكركي تقرع لـ”الوطن” المهدّد بالسقوط! وتقرع أجراس بكركي ضد “الإحتلال الإيراني” لـ”قمّة” السلطة اللبنانية، ولـ”إرادة” السلطة اللبنانية. وضد “امتهان” الدولة اللبنانية على أيدي “وكيل الإحتلال الإيراني” وحزبه! (سنتين لانتخاب رئيس للجمهورية، و٨ أشهر لتشكيل حكومة “والعداد لم يتوقف”..!)
ليس صعباً أن يفهم المرء من يقصد “البطرك” حينما يقول: “اذا وصلنا الى وقت ولم نعد نتجرأ على قول الحقيقة وبتنا نخفيها فمن يخفي مرضه يموت فيه”!
“لقاء سيدة الجبل” لا يخفي المرض الذي يفتك بلبنان، لذلك قال “البطرك” الماروني لقياداته: “أحبكم وأهنئكم.. لأنكم تتنادون كضمير الوطن”!
وهو كذلك!
الشفاف
*
استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، قبل ظهر الثلاثاء في بكركي، وفدا من “لقاء سيدة الجبل” برئاسة النائب السابق الدكتور فارس سعيد.
ورحب البطريرك بالوفد، قائلا:”لقد عبرتم دائما عن الحس الوطني كلما شعرتم بالخطر واجتمعتم في سيدة الجبل”.
وأضاف:”لا يمكن ان نبقى صامتين امام الحالة المزرية التي وصل اليها وطننا الحبيب بعدما كان دولة لها قيمتها، منظمة على المستوى الاجتماعي والحضاري، وكان يلقب في الستينات بسويسرا الشرق واليوم بتنا في مؤخر هذه الدول، وهذا يدفعنا الى عدم رمي سلاح الحقيقة، سلاح الكلمة والرجاء، سلاح ايماننا بوطننا وخصوصا اذا عرضنا المراحل السابقة قبل تكوينه وبعد تكوينه، مر لبنان بظروف صعبة، ولكنه استطاع بتكاتف ابنائه وروح المسؤولية وتضامنهم انقاذ الوطن واستمر”.
وقال: “أحبكم وأهنئكم في “لقاء سيدة الجبل” لأنكم تتنادون كضمير الوطن وتطرحون الامور مع ان لا شيء في اليد ولكن الامور لا تذهب سدى. فنحن في حاجة الى اشخاص يقولون الحقيقة ليكشفوا الجرح ويضعوا الاصبع عليه ويقدموا الدواء لانه اذا وصلنا الى وقت ولم نعد نتجرأ على قول الحقيقة وبتنا نخفيها فمن يخفي مرضه يموت فيه”.
وختم:”من الضروري ان يسمع السياسيون كلمة لا يحق لهم، ويبقى الضمير الوطني الذي نخاطبه، ونحن ككنيسة وبكركي قوتنا في قول الحقيقة ومخاطبة الضمائر. واشكر الله ان بكركي حرة والكنيسة حرة من اي مصلحة ولون وارتباط وتستطيع ان تقول الحقيقة”.
كلمة د. فارس سعيد: الموارنة للبنان، وليس لبنان للموارنة
وتوجّه الدكتور فارس سعيد باسم “اللقاء” بكلمة إلى غبطة البطريرك جاء فيها:
صاحب النيافة، غبطة أبينا وراعينا الصالح،
نشكركم أولاً، جزيل الشكر على استقبالنا في هذا الصرح الذي نعتبره – نحن في “لقاء سيدة الجبل” – مرجعَنا الأعلى وكَنَفَنا الأغلى على الصعيدين الوطني والروحي.
فنحن – وكما تعلمون غبطتُكم – لقاءٌ تأسس منذ 19 سنة على اهتمامٍ سياسي وطني، ولكنّه تأسس أيضاً وخصوصاً على التزامٍ أخلاقي وروحي مثَّلت تعاليمُ الكنيسة أبرزَ مرجعياته. وقد علَّمتنا نصوص المجمع البطريركي الماروني لعام 2006 أن اختيارَنا لبنان وطناً نهائياً لجميع أبنائه، على نِصاب الحرية والعدالة والعيش معاً متساوين ومختلفين – هذا الخيار لم يكن مجرّد سعيٍ للحصول على كيان خاص، بل كان قبل ذلك قراراً بالشهادة لإيماننا في بيئة إنسانية تعددية.. وتلك أعظمُ الشهادات للإيمان. ونعتقد أن هذا الخيار الإيماني التأسيسي، تُضافُ إليه وبفضله إزمانٌ من الازدهار اللبناني، هو ما أتاح للبنان أن يكون “أكثر من بلد.. أن يكونَ رسالةً في محيطه والعالم”، بحسب الحبر الأعظم القدّيس يوحنا بولس الثاني. ولقد جاءت “شرعةُ العمل السياسي في ضوء تعاليم الكنيسة”، التي أصدرتموها قبل سنوات قليلة – جاءت لتجسّد تلك التوأمة التاريخية بين الوطني والسياسي والإيماني.
سيّدنا وأبينا، صاحبَ النيافة والغبطة!
مجدَ لبنان أعطي لك ولأسلافك العظام، ولِمّن يأتي من بعدك، في هذه السلسلة الذهبية التي لم تنقطع ولن تنقطع بإذن الله، كما قال سَلِفُكم الطيب الذكر، البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، أطال الله في عمرِكُم وعمرِه!.. وهذا سببٌ جوهري لحضورنا بين يديكم، في وقتٍ يلفّ السوادُ واقعَ هذا الوطن ومصيرَه، كما بيّنتم وحذّرتم، بأفضل ما يكون البيانُ والتحذير، في كلمتكم الأخيرة لنواب الأمّة المنتخبين من الموارنة.
الموارنة للبنان، وليس لبنان للموارنة، ولا ينبغي أن يكون لأيّ جماعةٍ في هذا الوطن – الرسالة.. وعلى هذا أتينا إليكم، لأنه “في الليلة الظّلماء يُفتَقَدُ البدرُ!”. ونحن في “لقاء سيدة الجبل” متشوّقون لسماع توجيهاتكم وإرشاداتِكم.. وشكرا!