أولاً، نقطة « في النظام »!
كان جديراً بالدكتور سمير جعجع في مقابلته مع موقع « أساس » أن يُظهر قدراً من « التحفّظ »، حتى لا نقول « الإحترام » حينما أعلن (وهو صاحب شعار « نحنا بدنا، ونحنا فينا »!) أنه لا يحبّ « العناوين الفضفاضة » وأنه « عندما نتحدّث عن الاحتلال فهذا يعني أنّ جيشاً غريباً على أرضك. لبنان تحت احتلال بعض أبنائه »!
يردّ د. جعجع هنا، ضمناً، على أعضاء « لقاء سيدة الجبل » وعلى أعضاء « المجلس الوطني لرفع الإحتلال الإيراني ».
لا يلاحظ د. جعجع أن مئات الناشطين والمناضلين (في لبنان، وفي المهجر) الذين يجمعهم « اللقاء » و« المجلس الوطني » (ويجمعهم، أيضاً، خطر الإغتيالات..) هم « المجموعة السياسية الوحيدة في لبنان » التي تضم « مواطنين » من كل الطوائف– مسيحيين، وسنة، وشيعة، ودروز– ومن كل الإتجاهات والإيديولوجيات السياسية: « مستقلين » (كلمة لا تحبها « القوات »)، ونقابيين، وشيوعيين سابقين، و »أحرار » و« كتائب »، و« حريريين »سابقين، و« إشتراكيين » سابقين، وغيرهم! نساءً، ورجالاً. وهؤلاء يجتمعون كل أسبوع، ويناقشون « علناً » على « الزوم »، ويختلفون في الرأي، ولا يقبلون من د. فارس سعيد رأياً واحداً من غير أن يقوم من يعترض عليه..!
إذا كان د. جعجع يعرف جماعة سياسية أخرى في لبنان بهذه الصفات، فليخبرنا! وإلا، فليعترف بأن أصحاب « الشعارات الفضفاضة » يمثّلون ما لا تستطيع « القوات » أن تمثّله!
قليلاً من الإحترام..!
*
ثانياً، يقول د. سمير جعجع أنه « يرفض تعميم مقولة تحفّظ المسيحيين على اتفاق الطائف بمعادلة “نعم.. ولكن“: “من لديه أفضل من الطائف فليطرحه »! لكن، قبل أيام فقط، كان « وزيره » ملحم رياشي، صاحب شعار « أوعا خيّك » (والعشاء السري » المُجهض » في سفارة سويسرا! ما علاقة “الجمعية” التي دعت للعشاء السري بمثل بايدن مع إيران: روبرت مالي؟)، قد صرّح أن تفاهم معراب بين عون وجعجع كان يرمي إلى “العودة إلى الرئاسة الأولى بدون نصوص »! أي العودة إلى « ما قبل الطائف » بـ « الممارسة »! وهذا موقف « عوني–باسيلي » بامتياز، أليس كذلك؟
من نصدّق؟ الرياشي أم جعجع؟ « القوات » مع الطائف » (اي مع الدستور اللبناني الحالي) أم ضده؟
ثالثا، نقطة في الجوهر: في القسم الأخير من مقابلته، يدلي د. جعجع برأيه في شعار الإحتلال الإيراني، فيقول (نورد هنا النص الكامل): “أنا لا أحبّ العناوين الفضفاضة. فعندما نتحدّث عن الاحتلال فهذا يعني أنّ جيشاً غريباً على أرضك. لبنان تحت احتلال بعض أبنائه. وعلى الرغم من هذا الواقع ألم تحصل الانتخابات النيابية الأخيرة؟ هل أُرغم أحد على التصويت بطريقة معيّنة؟ الناس صنعت هذه السلطة وعلينا أن لا نرمي المسؤولية ساعة على الطليان وساعة على الإيرانيين وساعة على هذا أو ذاك. هذا لا يعني أنّ الإيرانيين لا يتحمّلون المسؤولية. هم منذ 30 أو 40 سنة يسلّحون تنظيماً خارج الدولة في لبنان. يعطونه أسلحة وصواريخ ويمدّونه بالمال ويسهّلون له التهريب من هنا وهناك. هذا أمر آخر يندرج في سياق مسؤوليات الشعب اللبناني. هو من قرّر مصيره منذ 4 أشهر. كان عنده فرصة أن يقرّر مصيره من خلال الانتخابات ونتائجها. هل هذا احتلال إيراني؟ أم عامل خارجي يتدخّل بقضايا لبنان؟ قبل أن نذهب إلى هذا العامل الخارجي فلنرتّب أوضاعنا الداخلية. لو انتخبنا 70 نائباً إصلاحياً سياديّاً فعليّاً لكانت انتهت المشكلة، وحينها نسأل أين الاحتلال الإيراني؟ »”.
مداخلة سياسية لم يكن حزب حسن نصرالله يحلم بأفضل منها! بعد الآن، من يتحدّث عن « إحتلال إيراني »، سيحيله محمد رعد إلى د. سمير جعجع!
بكلام آخر، نضع الإجتلال الإيراني جانباً الآن، وننتظر الإنتخابات المقبلة (إذا ظل هنالك شيء إسمه لبنان! “قول الله”!)، أو الإنتخابات “اللي بعدها” لتأمين “70 نائب إصلاحي سيادي”! بعدها نضغط على الزر، ويختفي حزب الله. “بالأملية”! “بلا زعل”!
لمن يوجّه د. سمير جعجع كلامه؟
في الق
الأرجح أنه لا يقصد اللبنانيين وحدهم، بل العراقيين (الشيعة خصوصاً، و »الصدريين » بالأخص) الذين رفعوا شعار « إيران برا برا، بغداد تبقى حرة »! هل رأى أحد جنوداً « من « الحرس الثوري الإيراني » في شوارع بغداد! أو ربما السوريين، الذي هجّرتهم ميليشيات إيران وروسيا من بلادهم! أو اليمنيين الذين يعتبرون سفير إيران في « صنعاء » بمثابة « المفوّض السامي » الحاكم للبلاد!
« ألم تحصل الانتخابات النيابية الأخيرة؟ هل أُرغم أحد على التصويت بطريقة معيّنة؟» في « الصرفند » مثلاً؟ وفي جنوب لبنان عموماً؟ وفي البقاع والهرمل؟ ألم يسمع د. جعجع بـ « التكليف الشرعي » الصادر عن حاكم إيران؟ « التكليف الشرعي » نفسه الذي حظر على الرئيس السابق لمجلس النواب، السيد حسين الحسيني، مجرّد أن يرشّح نفسه للإنتخابات النيابية!
معه حق د. جععج! بلى، حصلت الإنتخابات النيابية الأخيرة في العراق، وربحتها الكتلة الصدرية. وبعد سنة، قام جماعة إيران، أي الخاسرون في الإنتخابات، بتشكيل الحكومة الجديدة، وصار الصدريون « برا »! طبعاً، الحق على.. العراقيين!
ولعل الذاكرة خانت د. جعجع، فلم يعد يذكر أنه جرت عدة انتخابات خلال ٣٠ سنة من الإحتلال الأسدي! ومع ذلك، كان « اللبناني، » مثل د. جعجع وحليفه الجنرال عون، يرمي المسؤولية ليس على « الطليان » بل « على السوريين »! أخطأ « اللبناني » (ود. سمير جعجع) أثناء الإحتلال السوري: « هذا أمر آخر يندرج في سياق مسؤوليات الشعب اللبناني. هو من قرّر مصيره »!!
حافظ الأسد يتقلب في قبره، ضاحكاً!
*
لا يحب العناوين الفضفاضة!
أخيراً: خاضت قوات د. جعجع معركة الإنتخابات النيابية الأخيرة تحت الشعار الأكثر « فضفضة » في تاريخ الإنتخابات اللبنانية: « نحن بدنا، ونحن فينا »! وأحرزت مقاعد تفوق مقاعد الحليف العوني السابق! والنتيجة؟ « نحنا بدنا، بس ما فينا »! كيف تحوّل الفشل القواتي في ترشيح د. جعجع لرئاسة الجمهورية إلى « شعار قواتي »!
يستطيع د. سمير جعجع أن يتابع المسيرة التي بدأها منذ أكثر من ٦ سنوات. أي منذ اعتناقه لفكرة « القانون الأرثوذكسي » التي أقنعه بها رجل النظام السوي في لبنان، السيد إيلي الفرزلي، الذي يقول في مقابلة مع موقع « أساس »: البطريرك الراعي كنت قد اتفقت معه على القانون قبل أن يكون بطريركاً. قال لي: “يلا اتّكل على الله“. وعندما طرحها على المجتمع الماروني، بوجود كل الزعامات المارونية، وكل المطارنة، وكل النواب الموارنة، كان سمير جعجع أول من وافق، أمّا ميشال عون وسليمان فرنجية فقد تردّدا ولم يوافقا »!
القانون الإنتخابي الحالي، المستولَد من قانون إيلي الفرزلي، هو أسوأ قانون في تاريخ الجمهورية اللبنانية، بإجماع اللبنانيين. الأسوأ، اولاً، لأنه يزوّر إرادة الناخيين. وثانياً، لأنه يتعارض مع التطوّر التاريخي للمجتمع اللبناني.
أغلبية الشعب الللبناني الآن « كيانية »!
كيف؟ يكفي أن نقرأ مذكرات الوزير فؤاد بطرس لنتذكر « مأساة » رؤساء جمهورية ما قبل « إتفاق الطائف »: كانت الأغلبية الشعبية في لبنان، أي معظم الظوائف غير المسيحية، ضد « الكيان » وضد « الدولة »!
بعد « الأحتلال السوري » (بالأحرى « الأسدي »)، أصبحت الكتلة الإسلامية (سنة وشيعة)،والدرزية، « كيانية » وموالية لـ « الدولة » بأغلبيتها الساحقة. أي، صار مطلوباً قوانين تؤكد هذه الوحدة الجديدة بين اللبنانيين. وليس قانوناً « ملّياً » يحوّل مجلس النواب إلى « مجلس مِلل »!
د. سمير جعجع ضعيف بالتاريخ وبعلم السياسة! فقد تطوّر من موقف « لبناني » ومؤيد بالكامل للثورة السورية في ٢٠١١ إلى موقف « فرزلي »!
من حق « القوات » الخروج من الجماعة « الآذارية » أي من الصف « السيادي »، إذا شاءت! كما فاجأتنا قبل ٦ سنوات، حينما قدّمت رئاسة الجمهورية إلى الإيراني ميشال عون! حسب آخر تصريحات للدكتور جعجع: كان الوضع في لبنان « سيكون أسوأ » لو لم يتم انتخاب عون رئيساً للجمهورية قبل ٦سنوات!!. هل يعرف أحد كيف يمكن أن يصبخ وضع لبنان « أسوأ »؟
د. جعجع: لبنان خاضع للإحتلال الإيراني، الآن! ومن حقّ لبنانيين يجمعهم « لقاء سيدة الجبل » و« المجلس الوطني » أن يعملوا لتحرير وطنهم و« للعبور إلى الإستقلال الثالث »! لم يستأذنك أحد منهم!
نحن نحب « الشعارات الفضفاضة »! كما تقول أغنية إيرانية منشورة على “الشفاف”: « ما شأنك »!
أوهام سمير جعجع القاتلة، وتونالية رؤيته النرسيسية والسلطوية تعميه عن حقيقة وواقع ملالوية حزب الله المذهبي والفارسي واحتلاله للبنان
الياس بجاني/10 تشرين الثاني/2022
https://eliasbejjaninews.com/archives/113259/%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a7%d8%b3-%d8%a8%d8%ac%d8%a7%d9%86%d9%8a-%d8%a3%d9%88%d9%87%d8%a7%d9%85-%d8%b3%d9%85%d9%8a%d8%b1-%d8%ac%d8%b9%d8%ac%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%aa%d9%84%d8%a9%d8%8c-%d9%88/
مقابلة د. سمير جعجع مع موقع “أساس ميديا” التي نشرت اليوم هي فعلاً، ودن أي لبس، أو حتى جهد تحليلي، هي مضبطة تؤكد عمى بصره وبصيرته الوطنية والسياسية، واخطر ما جاء فيها هو التالي تحت عنوان: “الاحتلال الإيراني للبنان بالعنوان الفضفاض:
كان يمكن أن تحمل المقالة أيضا ما قاله اوعا خيك في مقابلته الأخيرة ان الهدف بعد الثنائية هو توسعها لتصبح ثلاثية و رباعية. و يبدو أن جعجع فشل في بناء الثنائية للوصول للثلاثية و الرباعية، لكن في تصريحه عن الإحتلال الإيراني يبدو أنه يبحر في نفس المركب الذي هندسه في اتفاق معراب للوصول.