احتجت شراء غرضين من الجمعية، غرضين بالعدد وليس بالمعنى المجازي. ذهبت إلى جمعية النزهة، أخذت الغرضين وتوجهت إلى طاولة المحاسبة (الكاشير)، دفعت ثمنهما وهممت بوضعهما في كيس، لكن واحدا من جنود التعبئة والتحميل الواقفين بلا عمل سبقني إليهما، وعبأ كل غرض، الذي لا يزيد حجمه عن كف اليد، في كيس منفصل، حملهما ووقف على أهبة الاستعداد لمساعدتي وحمل «الثقل» عني لإيصاله إلى السيارة.
لم أشعر بنفسي إلا وأنا انتفض في وسط الجمعية، مؤنبة العامل المسكين: «ليش.. ليش كيسين؟ مو حرام هذا التبذير»، ورحت أنادي على مدير الجمعية، وطبعاً لم أجده، فما كان من العامل البسيط إلا أن وضع الغرضين في كيس واحد، وسلمني الكيس برعب.
موضوع الهدر والإسراف في استعمال الأكياس البلاستيكية أصبح لا يطاق، فأينما ذهبنا نجد الأكياس البلاستيكية: في الشوارع، على الشواطئ، على الأشجار، في البحر، غير آبهين بتأثير هذه النفايات على البيئة، فالأكياس البلاستيكية تحتوي على كمية عالية من الرصاص، كونها مصنعة من مواد نفطية غير قابلة للتحلل العضوي، فإن رميت في القمامة تحت أشعة الشمس تخرج غازات ضارة، وإن أحرقت تتسبب في تلوث الهواء والمياه وبالتالي تلوث المزروعات وانتشار الأمراض. وحسب دراسة نشرتها جمعية «لايف للتعليم والبيئة»، يستخدم الكيس البلاستيكي في بلادنا بمعدل 25 دقيقة فقط، بينما يحتاج لأكثر من 400 سنة ليتحلل.
في الدول المتحضرة أصبحت الأكياس البلاستيكية مغضوب عليها، وعند احتياجك لكيس ورقي في أي سوق مركزية، إما تدفع ثمنه أو أنك تأتي بأكياسك من البيت، أما عندنا يقف جنود التعبئة والتحميل، مهملين عملهم الأساسي في تنظيف الجمعية، ويقفون بالعشرات أمام طاولة المحاسبة كي يفرحوا بالدينار الذي يحصلون عليه (بقشيشاً) فيمعنون في استهلاك الاكياس البلاستكية بلا معنى كي يزيد «شكل» حمولتهم. ونحن بدورنا نأخذ أغراضنا إلى البيت ونرمي الأكياس في القمامة.
نفس الموضوع يسري على العلب البلاستيكية التي يباع فيها النخي والباجلا (الحمص والفول) في الجمعيات، فتلك العلب ليست خطراً على البيئة فقط، بل هي خطر على المستهلك الذي سيأكل من تلك العلب، التي غالبا ما تذوب عند وضع المأكولات الساخنة فيها، فتتسرب مادة «الستيارين» المستعملة في تصنيعها، مما يسبب أعراضا جانبية على القلب، الرئة، المخ والكبد. وقد قامت بعض الجمعيات مشكورة بتوفير علب بلاستيكية pp5 الآمنة صحياً وقابلة للتسخين حفاظا على صحة المستهلك، مثل جمعية الضاحية والمنصورية وكيفان، لكننا بانتظار باقي الجمعيات وتفعيل قانون ملزم للجميع.
تقول الإحصائيات ان حوالي 500 مليار كيس يستخدم سنوياً في كل انحاء العالم، ولا تتم اعادة تدوير سوى %1. وللحفاظ على كوكبنا وعلى بيئتنا وعلى صحتنا، لا بد أن نقلص من نسبة القمامة، بالتقليل من استعمال الأكياس البلاستيكية واستبدالها بأكياس بديلة صديقة للبيئة (من الورق أو القماش)، والعمل على إعادة تدوير البلاستيك، والحرص على فرز القمامة في أكياس منفصلة (قمامة عضوية، بلاستيكية، ورقية، زجاجية)، لربما عندها نستطيع أن نطيل عمر هذا الكوكب الآيل للفناء بسببنا.
* تحية لمركز سلطان لقيامه بمبادرة Go Green للتقليل من استخدام الأكياس البلاستيكية واستبدالها بأكياس متعددة الاستخدام، إعادة تدوير عبوات الصودا والعبوات البلاستيكية، واعتماد الفواتير الإلكترونية بدلاً من الورقية، عقبال الجمعيات. دلع المفتي dalaaalmoufti@ D.moufti@gmail.com
للمزيد https://alqabas.com/658281/
حقاً ان البلاستيك والنايلون وما شابههما من هذه المواد تشكل كارثة بيئية تزداد يوميا وكأنها قنبلة موقوتة تهدد الانسان والحيوان والبيئة بكل تجلياتها وخاصة في دول الخليج مع توفر السيولة المالية والمواد الداخلة في تصنيعها بالاضافة الى الغياب شبه التام للوعي البيئي وكأن الناس هنا قادمون من كوكب آخر ولا يهمهم شأن هذه الأرض المظلومة